إيلاف - كامل الشيرازي من الجزائر: أفادت مراجع مصرفيّة جزائريّة بأنّ المنظومة المصرفيّة المحليّة تتّجه خلال الفترة المقبلةنحو تكثيف منح القروض العقاريّة في إجراء يروم إلى تجاوز الأعطال الناجمة عن إقدام السلطات الجزائريّة على إيقاف سيرورة القروض الاستهلاكيّة المعمول بها منذ سنوات، واستجابةً لمطالب ملحّة من طرف موظّفي القطاع العام وذوي الدخل المحدود، تستعدّ إدارات المصارف لإطلاق سلسلة صيغ تمويليّة تمكّن ملايين الجزائريين من تجسيد أحلامهم بامتلاك سكنات أو شراء قطع أراضٍ.

وبحسب ما استقته quot;إيلافquot; من مصادر مطّلعة، فإنّ الطوارئ التي سببها القرار الحكومي الأخير بإلغاء قروض الاستهلاك وما نجم عن ذلك من quot;ذعرquot; في الأوساط المصرفيّة، احتكامًا إلى كون محفظتها تأثرت إلى حدّ كبير بزوال هذه القروض، دفع مختلف المصارف العامّة والخاصّة على حدّ سواء، في خطوة استباقية، للاهتمام بقروض العقار، وهي تلك الموجّهة لدعم القدرة الشرائيّة لعموم الموظّفين وإعانتهم على الحصول على شقق أو بناء منازل، لكنّ المصادر عينها شدّدت على أنّ تفاصيل الجزء الميسر من نسب فوائد قروض السكن المقرّر منحها لا تزال غير معروفة، علمًا بأنّ نسب الفوائد المطبّقة حاليًّا تتراوح بين 5.5في المئة و8 في المئة، وتسعى السلطات إلى تخفيضها وإنزالها إلى النّصف، أي بواقع 4 و2.75 في المئة.

وظلّ النّقاش حول القضايا المرتبطة بنسب فوائد قروض السكن المطبّقة حاليًّا من قبل المصارف الناشطة في الجزائر، محلّ شدّ وجذب، تبعًا لعدم الحسم فيه من لدن الأوصياء في وقت تثور تساؤلات في الشارع المحلي عن تفاصيل القروض المستحدثة وأطرها وعمّا إذا كان هذا الإجراء سيمسّ بموظفي القطاع العام بصورة شاملة، أم أنّ الأمر سيكون خاضعًا لمقياس المفاضلة، وفق معايير محدّدة، وإذا ما سيتمّ تعميم الإجراء بتمكين المستفيدين من قروض لتوسيع بيوتهم الأصليّة.

ويقول بدر الدين بن فلسي، المدير العام بالنيابة لمصرف البركة الخاص، إنّ فتح مجال القروض العقاريّة والتركيز عليها أضحى حتميًّا في ظلّ تجميد سائر قروض الاستهلاك منذ مطلع الشهر الجاري، علمًا بأنّ أرباح الكثير من المصارف الناشطة في الجزائر تراجعت بشكل محسوس لكون ثلاثة أرباع مداخيل المصارف هناك ظلّت قائمة على قروض الاستهلاك وفي مقدّمها شراء السيارات بالتقسيط.

وعلى هذه الخلفية، لم تخفِ فريدة كبري، مديرة التسويق والعلاقات العامّة فيمصرف الإسكان للتجارة والتمويل، أنّ الأخير ينوي إقرار سلسلة إجراءات تضمن مرونة منح القروض العقارية التي تغري كثيرين ممن لم تسمح لهم الظروف بالحصول على سكنات، في ظلّ تفاقم المعضلة محليًّا على الرغم من تباهي السلطات بنجاحها في تحجيم المشكلة.

وبدأ ثالثمصرف عام في الجزائر قبل فترة بمنح قروض عقاريّة، ويتعلّق الأمر بمصرف quot;الزراعة والتنمية الريفيّةquot; المملوك للحكومة، الثالث من حيث الأهميّة في القطاع المصرفي في البلاد. وصرّح بوعلام جبّار، الرئيس والمدير العام للمصرف المذكور، أنّ هذه القروض موجّهة لتمويل السكنات الريفيّةكما إلى تمويل سائر المشروعات العقاريّة وفق quot;فوائد ميسّرةquot;، مضيفًا أنّ ذلك يندرج ضمن خطّة الحكومة الجزائريّة للإصلاح المالي.

ويتوقّع مراقبو الشأن المالي في الجزائر أنّ الحكومة هناك ستغدو مجبرة على تحمّل أعباء quot;القروض العقاريّةquot;، سيّما مع صعوبة تقدير حجم المخصّصات المرصودة للعملية، والتي ستتحمّل الدولة أعباءها إلى جانب ما سيترتّب عن إصلاح القطاع المالي وإنشاء مجمّعاتمصرفيّة تابعة للقطاع العام.

وأبقى آخر تقرير للتنمية البشرية، الجزائر، ضمن دائرة البلدان التي يتمحور فيها متوسّط دخل الفرد الأدنى بحدود 1500 و 2000 دولار سنويًّا، أي بمعدل 9 دولارات يوميًّا، هذا على الرغم من تصنيف الجزائر إلى جانب الدول النفطية كالبحرين والكويت والإمارات التي يصل معدّل دخل الفرد فيها إلى حدود التّسعة آلاف دولار.