خسائر بـ200 مليون يورو و 1.5 مليون إنذار
السلع المتشابهة ظاهرة مشاعة في الجزائر

كامل الشيرازي من الجزائر: كغيرها من دول الجوار، وبشكل أكبر حدة، تعتبر الجزائر سوقا كبيرة للسلع المتشابهة، جراء إغراقها بألوان وأصناف من الماركات المقلدة، واحتدام تزوير العلامات التجارية هناك، وهو ما يكبّد الاقتصاد الجزائري خسارة تصل إلى مئتي مليون يورو كل عام، علما أنّ الفترة القليلة الماضية شهدت حجز ما لا يقلّ عن ثلاثمائة ألف سلعة مشابهة خلال خمسة أشهر، إضافة إلى تسجيل ما يربو عن 1.5 مليون إنذار جرى توجيهه إلى تجار تورطوا بهذه الممارسات التي باتت عادة شائعة في الجزائر.

وتشير تقارير رسمية جزائرية إلى أنّ ظاهرة السلع المتشابهة مست إلى حد الآن 41 بالمائة من العلامات التجارية المحلية، و يشير quot;مراد بولنوارquot; المتحدث باسم الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين، في تصريحات خاصة بـquot;إيلافquot;، إلى أنّ لائحة السلع المتشابهة تقدّر بنحو أربعة ملايين وحدة، وتشمل الثياب والأفرشة والمناديل، إضافة إلى مواد التجميل والسجائر وقطع الغيار، هذه الأخيرة منتشرة بنحو 50 بالمائة، إضافة إلى 40 بالمائة من مواد التجميل، و30 بالمائة من الأحذية و12 بالمائة من المواد الكهرومنزلية، وسط غياب كبير لجمعيات حماية المستهلكين.

من جانبه، يقول عمار رمضاني مدير محاربة الغش على مستوى إدارة الجمارك الجزائرية، إنّ حجم المنتجات المقلدة المحجوزة من قبل مصالحه، تتوزع 66 في المائة منها على السجائر، و27 في المائة قطع غيار سيارات، إضافة إلى الأجهزة الكهرو منزلية ومنتجات التجميل علاوة على حجم قليل من المنتجات الصيدلانية المقلدة.

ويعتبر بولنوار أنّ سوق السلع المتشابهة تشهد اتساعا لا سيما مع ضخامة السوق الموازية في الجزائر، حيث يبلغ (رقم أعمالها) حدود العشرة مليارات دولار، كما تستقطب 60 بالمائة من إجمالي التجار على المستوى المحلي، ناهيك عن آلاف الآخرين من اليد العاملة الناشطة في هذه الأسواق، علما أنّ تقديرات الهيئات المتخصصة، تتحدث عن تشغيل السوق الموازية لحوالى مليوني شخص.

ويقول الخبير quot;أنيس بن مختارquot; إنّ ما شجّع ولا يزال يشجع حركية السلع المتشابهة، هم التجار الذين ينشطون بشكل غير مشروع، حيث يندرجون خارج سجلات السوق الرسمية، بشكل أنتج تداول 80 بالمائة من السلع غير الخاضعة لأي رقابة عبر خمسمائة سوق يطلق عليها مسمى (فوضوية)، وهو واقع غريب ينطوي على مفارقات أفرزت حياة اقتصادية لها قوانينها الخاصة بعيدا من أي سيطرة أو وصاية من طرف الدولة، ما يعدّ مؤشرا على سطوة هذه السوق وقوة عرّابيها.

وتفيد تحريات أنّ السلع المتشابهة تدخل الجزائر من قارة آسيا بـ55 بالمائة، تحديدا الصين (52 في المائة)، و36 بالمائة من إمارة دبي، إضافة إلى 35 بالمائة من أوروبا و10 بالمائة من الشرق الأوسط و حوض المتوسط لا سيما إيطاليا وتركيا، وسط فشل حكومي في مواجهة هذه الآفة، الأمر الذي استدعى تدخلا حكوميا صارما للمراقبة والمتابعة.

ويرى الخبير الجزائري عبد الحق العميري، إنّ ظاهرة quot;السلع المتشابهةquot; كانت لها ولا تزال تأثيرات سلبية على مسار انضمام الجزائر الى منظمة التجارة العالمية، وهي الخطوة المتعثرة منذ سنوات طويلة، بسبب إصرار الطرف الأوروبي على التعامل مع الجزائر، وفق قواعد صارمة في مجال حماية الملكية الفكرية والنسب العالية للقرصنة، فيما يدعو مختصون إلى صياغة قانونية متكاملة لمعالجة هذه الظاهرة التي بدأت تتفاقم بتزايد السلع والمنتجات المستوردة، والافتقاد لأجهزة رقابة فعّالة.