دخلت شركة غوغل حلبة الصراعات السياسية والإقتصادية بين الولايات المتحدة الأميركية والصين. فقد صعدت واشنطن مؤخرا من لهجتها تجاه الصين معبرة بذلك عن غضبها إزاء الهجوم الإلكتروني الذي تعرضت له شركة غول مطالبة الصين بتقديم إيضاحات حول هذا الهجوم والذي تعرض لحسابات ناشطين في حقوق الإنسان.

واشنطن: طلبت الحكومة الأميركية الأسبوع الماضي من الصين ايضاحات حول الهجوم الإلكتروني الذي تعرضت له حسابات البريد الإلكتروني الخاص بناشطين في حقوق الإنسان وذلك ضمن خدمة ( جي ميل) التابعة لشركة غوغل. وكان خبراء شركة مكافي الأميركية والمتخصصة في أمن المعلومات ومكافحة الفيروسات ومقرها في سانتا كلارا بولاية كاليفورنيا قد أكدوا أن أكثر من 30 شركة منها جوجل وأدوبي سيستمز قد تعرضوا لهجمات إلكترونية جاءت من خلال ثغرة تعرف باسم ( زيروا داي) في الإصدار 6 من المتصفح انترنت أكسبلورر من مايكروسفت وغير معروفة علنا.


وقد أعلن وزير التجارة الأميركي بأن الصين مطالبة بضمان تأمين بيئة تجارية بالنسبة لشركة جوجل وشركات أخرى. معربا عن انزعاج واشنطن من الهجمات الإلكترونية المنطلقة منها.كما وأعلنت شركة غوغل العملاقة أنها قد تنهي أنشطتها في الصين ليس فقط بسبب الهجمات المتوالية على صناديق البريد الإلكتروني التي تكاثرت مؤخرا وإنما لرفضها الرقابة التي قد توليها الصين على الإنترنت وانهاء انشطتها يعني إغلاق موقعها الخاص باللغة الصينية. وكان الكونغرس الأميركي قد أصدر تقريرا يصف فيه عن زيادة غير مسبوقة في عمليات التجسس التي تقوم بها الصين على الشركات الأميركية وذلك بدعم أو تنسيق على الأقل من الحكومة الصينية. حيث أن المعلومات المستهدفة ليست من النوع الذي تسعى إليه عصابات السطو الإلكتروني أو الشركات المنافسة. وأن ذلك يتم من الإختراق الإلكتروني لأجهزة الكومبيوتر التابعة للشركات الأميركية من خلال الشبكات الإلكترونية الأميركية.


من جهتها أدانت الصين على لسان ناطقتها بوزارة الخارجية جيانج يو:quot; أن الصين تعارض أي هجمات على المواقع الإلكترونية.quot; وعبرت عن رفضها يوم الأحد الماضي لتقرير الكونغرس الأميركي الذي اتهمها بخرق شبكات الكومبيوتر الأميركية لجمع البيانات لجيشها واعتبرته افتراء . وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشين فانج:quot; إن التقرير هجوم ملتو ضد الصين يتجاهل الحقائق وملئ بالتحامل .quot; مع تأكيد الحكومة الصينية على حقها في فرض الرقابة على الإنترنت. ويعد قرار شركة غوغل برفض الرقابة على الإنترنت من قبل الصين نوع من المواجهة مع الحكومة الصينية. وربما جرس انذار يعلن أن الأميركين قد طفح الكيل بهم وأن صبرهم قد نفذ تجاه السياسة الصينية. مما يجعلنا نتوقف أمام تساؤلات هل سيأخذ الموضوع طابعا سياسيا واقتصاديا متمثلا في رجال الأعمال والسياسة؟ خصوصا بعد أن وجه باراك أوباما انتقاده للسياسة الصينية تجاه الشركات والمواقع الإلكترونية في تصريح لشبكة (سي أن أن), وقال:quot;أني أخشى أن تتدهور العلاقات الأميركية الصينية إذا لم تحل قضية جوجل.quot; ثم يضيف:quot; وأن هذا سيتسبب في خسارة كبيرة للإقتصاد الأميركي الأمر الذي يهدد المصالح الأميركية.quot;


كما وصرحت وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأميركية ( هيلاري كلينتون) أن الولايات المتحدة الأميركية ستفرض عقوبات قاسية على كل من يتلاعب أو يشن هجمات على المواقع الإلكترونية. في هذا السياق صرح الاقتصادي د.ابراهيم عويس :quot; أن الولايات المتحدة الأميركية تستطيع فرض عقوبات تجارية تأتي من خلال فرض قيود على حجم التجارة الخارجية من خلال ما يسمى quot;بالكوتاquot; فتستطيع أن تؤثر على وتقنن ما قد يمكن أن تستورده من الصين وهذا يؤثر عل النمو الإقتصادي للصين والتي تعد من أكبر الأسواق المصدرة بالنسبة للولايات المتحدة. بالإضافة أن هناك أسلحة أخرى وكثيرة ممكن أن تستخدم متى قررت الولايات المتحدة المواجهة.quot; ولكنه يعود ليؤكد أن القضية ممكن أن تحتوى فالمصالح الإقتصادية والسياسية بين الصين والولايات المتحدة الأميركية أقوى من أن تترك الأمور لتصل حد احتدام الصدام وتؤدي إلى حرب اقتصادية في العالم. فالصين أكبر مقرض للولايات المتحدة الأميركية كما وان الولايات المتحدة أكبر مستورد للمنتجات الصينية للصين فالمصالح متبادلة كما الخسائر متبادلة أيضا ثم يكمل:quot; والصين دولة قوية ولديها قدرة على أن تلعب بأوراقها لمصلحتها الخاصة. ولكنها تعلم أن الخسارة ستكون كبيرة وعلى الطرفين. كما وأن هنالك شركات أميريكة كبرى في الصين ولها مصالح quot;.


ويرى عويس أن أهمية قضية جوجل تعد كونها قضية سياسية اقتصادية فالإقتصاد والسياسة وجهان لعملة واحدة. ومن صعد المشكلة هو لوبي جوجل فهو لوبي قوي ومتشعب تشعبا كبيرا في العالم . وهو المستفيد الوحيد من ذلك التصعيد. أذن فالتصعيد وقطع العلاقات ليس من مصلحة الصين ولا حتى الولايات المتحدة الأميركية.
صحيفة (غلوبال تايمز) الصينية علقت على انسحاب جوجل من الصين على أنه سيكون خسارة للجانبين. والمعروف أن غوغل مسؤولة عن ثلث عمليات البحث في الصين وأن حوالي 340 مليون صيني يستخدمون خدمات الإنترنت مقارنة ب 10 ملايين شخص قبل عقد مضى.