اعتبر تقرير صادر من quot;ديتلويتquot; الشرق الأوسط أن النفط مؤشر موحد وعالمي على التعافي الاقتصادي، وفي الوقت الذي كانت المؤشرات الاقتصادية تسير في منحى تراجعي في الآونة الأخيرة، كانت أسعار النفط تسلك اتجاهاً تصاعدياً.


بيروت: يحلِّل تقرير quot;واقع قطاع النفط والغاز لعام 2011quot;، الصادر من مجموعة الطاقة والموارد العالمية في شركة quot;ديلويتquot;، اتجاهات قطاع النفط والغاز ومشاكله للسنة المقبلة، ومستقبل عمليات التنقيب في المياه البحرية العميقة، ومصدر الطاقة البديلة التالية، فضلاً عن التأثير المتنامي للقارة الآسيوية على هذا القطاع.

أما على صعيد الشرق الأوسط، فيسلط التقرير الضوء على المفارقة التي تواجه العديد من الدول الخليجية، في الوقت الذي تختزن إحدى أضخم احتياطات الغاز الطبيعي في العالم، تواجه صعوبات في إيجاد كميات كافية من هذه الثروات ذات الاحتراق النظيف لتلبية حاجاتها المتزايدة من الطاقة الكهربائية.

تجدر الإشارة إلى أن دول أعضاء مجلس التعاون الخليجي، أي البحرين والسعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة وقطر وعُمان، تملك ما يقارب 23% من احتياطي الغاز العالمي. ولكن، تعاني دول مجلس التعاون الخليجي، باستثناء قطر، نقصًا متزايدًا في الموارد الغازية، بحسب ما ورد في تقرير quot;ديلويتquot; حول quot;واقع قطاع النفط والغاز لعام 2011quot;.

وعزا التقرير هذا الأمر في أحد عوامله إلى نمو إجمالي الناتج المحلي الهائل، إذ تنمو اقتصاديات هذه الدول بمعدل 7% تقريباً سنوياً، ما يعزز الطلب على الغاز الطبيعي والطاقة الكهربائية على حدٍ سواء. ويكمن أحد العوامل الأخرى في عبء الدعم الحكومي، حيث تبيع العديد من الدول الخليجية الغاز الطبيعي والكهرباء بأسعار مدعومة جداً.

وتشكل الإمارات العربية المتحدة مثالاً جيداً على ذلك. فقد أظهرت مجلة quot;بتروليوم إيكونوميستquot; أخيراً أن تكاليف إنتاج مشاريع الغاز العميق والمعكر في الخليج تتراوح بين 5 و6 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، إلا أن أسعار البيع المحلية في الإمارات تتراوح بين 0.75 و2 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.

وعلى المدى القصير، تشجِّع الأسعار المنخفضة الناتجة من الدعم الحكومي المنتجين محلياً وفي الدول المجاورة على تصدير الغاز إلى آسيا، حيث يُباع بضعف سعره داخل منطقة الخليج العربي، ما يؤدي إلى نقص فوري في الغاز تعوِّضه واردات الغاز الطبيعي المسال الأكثر تكلفة من أوروبا.

أما على المدى الطويل، قد تكون العواقب وخيمة. فإن الاستثمار في قطاع الإنتاج يرزح تحت أعباء بيئة الأسعار المنخفضة نظراً إلى أن المنتجين يجدون مشاريع تطوير حقول الغاز غير مجدية اقتصادياً. والحقيقة أن قلة الاستثمارات في البنى التحتية في الوقت الراهن قد تترك انعكاساتها على الإمدادات خلال السنوات المقبلة.

يقول في هذا الشأن معتصم دجاني الشريك في قطاع النفط والغاز في quot;ديلويت الشرق الأوسطquot; إنه quot;على الرغم من مستوى الإدراك الجيد بين هذه الدول لآثار الدعم الحكومي، لا يزال الجدال واسعاً والشكوك قائمة حول كيفية معالجة هذه المسألة. وبالتالي، يرمي تقرير quot;واقع قطاع النفط والغاز لعام 2011quot; الصادر من quot;ديلويتquot; إلى أن يكون نقطة الإنطلاق للمحادثات بشأن ممارسات الاستدامة والحلول القادرة على تحفيز النمو على المدى الطويلquot;.

لقد أعدت مجموعة الطاقة والموارد العالمية في quot;ديلويتquot; تقرير quot;واقع قطاع النفط والغازquot; للسنة الثانية على التوالي، معتمدة على مقابلات مفصَّلة مع العملاء، والمحللين في قطاع الطاقة، وكبار المسؤولين المعنيين في ميدان الطاقة في شركات quot;ديلويتquot;. ومن بين النتائج الرئيسة الأخرى التي أظهرها التقرير النقاط الآتية:

النفط والغاز سيشكلان معظم إمدادات الطاقة العالمية: على الرغم من التقدم الكبير المحرز على صعيد تطوير مصادر طاقة متجددة وبديلة أخرى، إضافة إلى الأعباء الهائلة بقيمة 35 مليار دولار أميركي الناجمة من التسرب النفطي الذي تسببت به منصة quot;ديبووتر هورايزنquot;، تستمر عمليات الحفر في المياه البحرية العميقة، إلا أن منتجي النفط والغاز حول العالم يعيدون النظر حالياً في سياسات السلامة المعتمدة.

الاكتشافات الجديدة للغاز غير التقليدي في أميركا الشمالية ستتطلب أسواقاً جديدة: يشير التقرير إلى أن الغاز الصخري يساهم سريعاً في تغيير قوانين اللعبة في الولايات المتحدة وكندا.

تواصل شركات النفط والغاز الاستثمار في بحر الشمال: مُنح رقم قياسي شمل 356 رخصة تنقيب في بحر الشمال في أحدث جولة موافقات على العروض في ظل غياب أي مؤشر على تراجع الاهتمام بهذه المنطقة.

آسيا أصبحت مَرتَعاً للأنشطة النفطية والغازية: لقد اعتمدت شركات النفط الوطنية في آسيا إستراتيجيات طموحة جداً في السعي وراء عمليات الاستحواذ على أصول الإنتاج. ومن المرتقب أن يشهد إنتاج الغاز غير التقليدي المحلي في الصين بوجه خاص نمواً هائلاً. ويبشّر نمو إجمالي الناتج المحلي الصيني المقرون بتصميم البلاد على تنويع إمداداتها من الوقود وإنشاء بيئة انبعاثات منخفضة، بمستقبل واعد لأسواق الغاز الطبيعي المسال. كما إن روسيا تولي اهتماماً متزايداً بتصدير المزيد من النفط والغاز إلى آسيا.