إذا كانت مافيا قارورات الغازاستغلت حاجة المواطنين لها وتلاعبت بالأسعار التي وصلت لأكثر من أربعين جنيها في السوق السوداء فما هو دور جهاز حماية المستهلك من هذه الأزمة؟

القاهرة:أوضحت رئيسة جمعية حماية المستهلك سعاد الديب عن مشكلة قارورات الغاز المشتعلة في مصر حاليا إن دور الجهاز ينحصر في رفع شكاوى المواطنين إلى الجهات المعنية مثل وزارتي التضامن والبترول في حال أزمة قارورات الغاز. وأوضحت أن السبب الرئيسي في هذه الأزمة يرجع إلى قلة المعروض من قارورات الغاز وزيادة الطلب في هذه الفترة من العام، حيث انخفضت درجات الحرارة على نحو ملحوظ خلال الأيام الماضية، مما دفع المواطنين إلى زيادة الاستهلاك من هذه السلعة الاستراتيجية.

وتؤكد quot;الديبquot; على أن شكاوى المواطنين من عدم توافر القارورات لم تنقطع طوال الفترة الماضية، وهذا يرجع إلى أن البلطجية وتجار السوق السوداء فرضوا سطوتهم على المستودعات ومنعوا المواطنين من الحصول على احتياجاتهم منquot;الغازquot; بالأسعار المتعارف عليها، مشيرة إلى أن المواطنين ارتضوا أن يحصلوا على الاسطوانة بسعر عشرة جنيهات في الأيام العادية، على الرغم من السعر الرسمي لا يزيد عن 250 قرشا، وقد أدى نقص المعروض من البوتاجاز إلى التكالب على منافذ التوزيع، وتلاعب الباعة والبلطجية بالأسعار حتى وصل سعر الاسطوانة إلى 40 جنيها في بعض المناطق.

وتضيف: quot;مثل هذه الشكاوى عرضناها على المسئولين في وزارة التضامن وقد أصدر وزير التضامت الاجتماعي االمصري على مصيلحي تعليمات لمديري التموين على مستوى الجمهورية بتوزيع حصص البوتاجاز تحت إشرافهم الكامل وذلك بالتنسيق مع المحليات للقضاء نهائيا على سيطرة البلطجية وتجار السوق السوداء على مستودعات التوزيعquot;.ولم تتوقف جهود مواجهة الأزمة عند هذا الحد، بل إن وزارة البترول قررت ضخ كميات إضافية من البوتاجاز لمواجهة الزيادة المستمرة في الاستهلاك المحلي، والتي بلغت 925 ألف اسطوانة يوميا.

وتقلل رئيسة جمعية حماية المستهلك من شأن مساهمة توصيل الغاز الطبيعي للوحدات السكنية في حل أزمة البوتاجاز، مشيرة إلى أن الزيادة السكانية تلتهم وفرة البوتاجاز التي تحققت نتيجة مد خطوط الغاز الطبيعي للكثير من محافظات الجمهورية، فضلا عن أن جميع المدن الجديدة تعتمد بشكل أساسي على البوتاجاز، ولا يخفى على أحد أن التوسع في إقامة مزارع الدواجن وقمائن الطوب ومحلات المأكولات تلتهم جانبا كبيرا من غاز البوتاجاز، وهذا هو السبب الرئيسي في تفاقم الأزمة الراهنة، خاصة وأن سعر البوتاجاز أرخص بكثير من مصادر الطاقة الأخرى التي تعتمد عليها هذه الأنشطة

وقد أظهرت الأزمات المتكررة لاختفاء قارورات الغاز أن الجهات المعنية، سواء وزارة التضامن الاجتماعي أو وزارة البترول لم تتعلم من أخطائها السابقة، ولذا فإن الشواهد تؤكد أن المشكلة الراهنة لم ولن تكون الأخيرة لمعاناة المواطن المصري مع اختفاء وزيادة أسعار القارورات. وفي هذا الإطار, تشير عضوة مجلس الطاقة بأمانة السياسات و أستاذة هندسة القوى بجامعة القاهرة الدكتورة زينب صفر إلى أن هذه الأزمة تكررت على مدار الثلاثين عاما الماضية، ورغم توسع الحكومة في توصيل الغاز الطبيعي للمنازل إلا أن المشكلة لا تزال قائمة، وهذا يرجع إلى طبيعة نمط استهلاك المواطن المصري، تلك الطبيعة التي تفتقد لأسلوب ترشيد استهلاك الطاقة بجميع أنواعها، موضحة أن معدل استهلاك المواد البترولية في مصر يتزايد بنسبة ما بين 5،5 % إلى 6 % سنويا، وإذا نظرنا إلى معدلات التنمية نجد أنها وصلت قبل الأزمة العالمية إلى 7%، ثم تراجعت في العام الماضي إلى 4،5% .

والسؤال الآن, هل زيادة استهلاك الطاقة يقابلها زيادة في معدل الناتج الإجمالي القومي؟.الإجابة لا، وهذا يعني أن هناك فاقد غير مبرر في الطاقة، وإذا تحدثنا عن هذه الأ.مة نجد أن هناك زيادة في معدلات الاستهلاك تفوق معدلات الزيادة السكانية، وهو ما يؤكد أن هناك زيادة في هدر استهلاك البوتاجاز تصل لأكثر من 5% . وترجع الزيادة في هذا الإهدار إلى الأسلوب المتبع في دعم الغاز، حيث إن الحكومة حددت السعر الرسمي للاسطوانة بـ 240 قرشا، في حين أنها تباع للمستهلك بعشرة جنيهات في الأيام العادية، ووصل السعر إلى 40 جنيها في الأزمة الأخيرة، مشددة على أن تكرار تلك الأزمات يعود إلى سوء إدارة توزيع الدعم على المواطنين.