انتعشت الصكوك المالية أخيراً في سوق السعودية، مدعومة بازدهار الحياة الاقتصادية في المملكة، بعدما حققت في شهر مارس الأخير قفزة غير مسبوقة، وفي حين تمثل الصكوك سوقاً خصبة للصناعات البتروكيماوية، إلا أنها تبقى بعيدة من القطاع العقاري بسبب انخفاض أرباحه.

الرياض: أثبتت الصكوك في السوق المالية السعودية قوتها، بعدما حققت قفزات عالية تجاوزت التوقعات، مسجلة زيادة خلال شهر مارس (آذار) الماضي بنسبة 350 %، مقارنة بشهر فبراير (شباط) الماضي، مدفوعة بزيادة الإقبال عليها، مع إتاحة العديد من الخيارات أمام المستثمرين.

وأوضح خبير الشؤون الاقتصادية الدولية سهيل الدراج لـ quot;إيلافquot; أن انتعاش الصكوك في المملكة مرتبط بازدهار وانتعاش النشاط الاقتصادي الحالي، خاصة في ظل حاجة الشركات للتمويل، في وقت قد لا تكون البنوك جاهزة لتمويل المشروعات الكبيرة، إضافة إلى ارتفاع مقدار الثقة في الصكوك المحلية من قبل المؤسسات والمستثمرين كملاذ اقتصادي آمن.

وبلغ إجمالي قيمة الصكوك التي تم تداولها خلال مارس أكثر من 298.27 مليون ريال، نفذت من خلال 18 صفقة، ويقتصر عدد إصدارات الصكوك المدرجة حالياً والقابلة للتداول في السوق المالية السعودية على 6 إصدارات، يمكن تداولها عن طريق جميع الأشخاص المرخص لهم في السوق، عن طريق شركات الوساطة عبر المنصة الإلكترونية التي تم تطبيقها لتداول الصكوك في السوق المحلية.

ومن هذا المنطلق، أكّد الدراج أن السوق السعودية قادرة على استيعاب المزيد من إصدارات الصكوك في ظل توافر السيولة والمدّخرات ورؤوس الأموال الضخمة، لكن ما تحتاجه الشركات للنزول إلى هذا المعترك هو شعورها بالأمن أكثر في محيط البيئة الاقتصادية. والشركات التي تملك صكوكاً في السوق السعودية هي الشركة السعودية للصناعات الأساسية quot;سابكquot;، ولها 3 إصدارات، في مقابل إصدارين لشركة الكهرباء السعودية، المزود الوحيد لخدمة الكهرباء في المملكة، إضافة إلى أول إصدار مصرفي فقط والمتمثل في صكوك البنك السعودي الهولندي.

وأشار الدراج إلى أن الصكوك سوق خصبة للصناعات البتروكيماوية، لأن هذه الصناعات تحتاج رؤوس أموال ضخمة، قد لا تستطيع البنوك تمويلها، مستبعداً دخول القطاع العقاري هذه السوق، بسبب انخفاض أرباحه التي تتراوح بين 7 و8 %، كما إن الصك مكلف، ولذلك تلجأ الشركات العقارية إلى سوق الأسهم أو الاقتراض من البنوك.

وقد يكون هذا النمو الذي حققته سوق الصكوك أخيراً دافعاً لدخول شركات جديدة هذا المجال، في ظل جهود هيئة سوق المال لتهيئة البيئة الصحية للعمل داخل السوق، ومنها إصدار صناديق المؤشرات، حسب ما ذكر الدراج، مضيفاً أن هناك تطلعاً لمزيد من الإجراءات من جانب الهيئة، مثل الشورت سيلنج، الذي يمنع الانهيارات الكبرى في السوق، إضافة إلى العقود الآجلة.

في الوقت نفسه، استبعد الدراج أن تسحب الصكوك البساط من تحت أقدام الأسهم لاختلاف عميل كل منهما عن الآخر، فالمتعامل في الصكوك شخص متحفظ جداً، وفي الغالب شركات لديها أموال فائضة لا تريد المخاطرة بها في سوق الأسهم، ولذلك تستثمرها في الصكوك. أمّا المتعامل في الأسهم فهو شخص يبحث عن الكسب السريع الكبير. ولم يمانع الدراج دخول الأجانب سوق الصكوك، مشيراً إلى أن الصكوك لا تعترف بالحدود الجغرافية أو الجنسيات، ومصدر الصك لا يهم من يشتريه، والأهم عنده هو الحصول على التمويل المطلوب.