بعد أن أصيبت حركة الملاحة الجوية بحالة من الشلل في شمال أوروبا بسبب سحابة الرماد التي انبعثت من بركان أيسلندا، شهدت المطارات والفنادق في القارة الأوروبية ومنطقة الشرق الأوسط حالة من الفوضى، نتيجة تكدّس أعداد كبيرة من المسافرين الذين كان من المقرر سفرهم في أجواء مستقرة، أو أولئك الذين قدموا على متن رحلات طويلة من آسيا أو أميركا الشمالية.

أشرف أبوجلالة من القاهرة: تشير صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية في تقرير لها بأن حالة من الازدحام والارتباك يشهدها بالفعل الآن مطار هيثرو، وهو واحد من أكثر مطارات العالم ازدحامًا، بعد تكوّن طابور طويل من المسافرين خارج مبنى الوصول رقم خمسة، حيث قامت الحشود الساخطة بمحاصرة الموظفين المرتبكين، واضطر المسافرون إلى النوم في العراء على الأرض.

وقالت الصحيفة إن من بين أبرز الأشخاص الذين تضرروا جراء تلك التداعيات الفوضوية، كان إيان ليفينغستون، الرئيس التنفيذي لبريتيش تيليكوم، مجموعة الاتصالات في المملكة المتحدة، الذي وجد نفسه مضطرًا للاستعانة بالقطار للقيام بمهمة عمل كان مقرراً أن ينجزها برحلة طيران داخلي. وصرح في حديث له مع الصحيفة بالقول :quot; أعتقد أن هناك عدد قليل بالفعل من الأشخاص الذين يتعين عليهم وضع ترتيبات بديلة اليومquot;.

ثم تلفت الصحيفة إلى حقيقة تأثر شركات الطيران الأميركية بتلك المشكلة. حيث قالت شركة الخطوط الجوية الأميركية ( أميركان إيرلاينز ) إنها قامت بإلغاء 21 رحلة إلى أوروبا، ما عاد بالضرر على عدد ركاب يتراوح ما بين ثلاثة إلى أربعة آلاف راكب. في حين قالت شركة كونتينينتال إيرلاينز إنها قامت بإلغاء 32 رحلة، ما أدى إلى إرباك خطط السفر الخاصة بآلاف أخرى من المسافرين.

وأعلنت الشركتان أيضًا عن أنهما سيتنازلان عن الرسوم المعتادة وسيتيحان للعملاء إعادة جدولة رحلاتهم من دون رسوم إضافية خلال الأيام القليلة المقبلة، وإن كانا غير متأكدين من المدة التي ستستغرقها تلك المشكلة.

وأشارت الصحيفة كذلك إلى أن الرماد البركاني هذا تسبب في إثارة حالة من الفوضى قبل الاجتماع غير الرسمي لوزراء المالية المقرر انعقاده في مدريد نهاية هذا الأسبوع، ثم تقول إنه وعلى الرغم من عدم إغلاق المجال الجوي الألماني، فقد تم إلغاء 160 من بين ما يقرب من 1400 رحلة يومية في فرانكفورت، ثالث أكبر مطار في أوروبا بعد هيثرو وباريس. وكانت تلك الرحلات الملغاة متوجهة من وإلى المملكة المتحدة والدول الاسكندنافية وهولندا وبلجيكا.

وقد أكدت شركات طيران وأفواج سياحية في الولايات المتحدة على أن سحابة الرماد البركاني التي تسببت في إغلاق المطارات، وإصابة حركة الملاحية الجوية بحالة من الشلل بجميع أنحاء القارة الأوروبية، قد تحوَّلت إلى صداع طويل ومُكلِّف من الناحية المادية بالنسبة إلى الشركات. فيما أشارت اليوم تقارير صحافية أميركية إلى أن حالة التباطؤ التي نجمت عن تلك الوضعية، من الممكن أن تؤثر على كل شيء بدءًا من عمليات الشحن، واجتماعات رجال الأعمال، والأجازات المقررة منذ فترة طويلة.

ومن جانبه، قال جيفري برايس، أستاذ الطيران في متروبوليتان ستيت كوليدج في دنفر :quot;ربما تكون التكاليف استثنائيةquot;. في ما أوضح الخبير الأميركي في شؤون النقل، جوزيف سكويترمان، من مقر إقامته في شيكاغو :quot; هذا قضاء وقدر. ومن الصعب تخيل وقوع سيناريو مناخي يُعطِّل بهذا الشكل حركة الطيران بأسرها عبر المحيط الأطلسيquot;. وعن الأضرار التي لحقت ببعض المسافرين، لفتت التقارير الصحافية إلى أن موجة الإلغاءات هذه قد تسببت في تعريض رحلة يخطط لها زوجان أميركيان هما ( روبرت باربرا بريولت ) منذ ستة أشهر بقيمة 6000 دولار، لخطر التأجيل أو الإلغاء.
أما صحيفة الغارديان البريطانية، فقالت في تقرير توجيهي طرحته على الأشخاص المرتبطين برحلات جوية هذه الأيام لتجنب المشكلات التي قد يصادفونها نتيجة لاستمرار هذه الحالة الفوضوية، إن دائرة الحركة الجوية الوطنية تُقدِّم أحدث الأمور المتعلقة بالقيود المفروضة على السفر على موقعها الإلكتروني على شبكة الإنترنت. وأضافت بقولها :quot; في حال حدوث إلتباس، يفضل الاتصال بالشركة قبل مغادرة المنزلquot;.
وإذا ما تم إلغاء الرحلة، تمضي الصحيفة لتقول إنه وبموجب القانون الأوروبي، يتعين على الشركة التي قام المسافر بالحجز عليها أن تقدم له بديل، فهو مُخيّر ما بين إلغاء الحجز واسترداد أمواله، وبين الحجز من جديد على رحلة أخرى. وأشارت إلى أن عملية استرداد الأموال يجب أن تتم في غضون أسبوع، أما بالنسبة إلى عملية إعادة الحجز، فيجب أن تتم في أقرب فرصة ممكنة، إلا إذا وافق المسافر على إعادة جدولة الرحلة في موعد لاحق. وإن كانت الرحلة مطروحة باعتبارها جزء من عرض، تؤكد الصحيفة على ضرورة أن تقوم الشركة بتقديم الخيارات نفسهاللمسافرين.

وفي ما يتعلق بإمكانية الحصول على تعويضات، تشير الصحيفة إلى أنه وبموجب ما ينص عليه القانون الأوروبي، فإن المسافر يكون من حقه الحصول على تعويض إذا تم تأخير الرحلة، إلا إذا وقعت ظروف استثنائية.

ثم تشير الصحيفة إلى أن شركات الطيران ستكون قادرة في ما يبدو على القول إن إلغاءات اليوم لم تكن متوقعة ولم تكن هناك من إمكانية لمنعها.

وتلفت الصحيفة كذلك إلى أن فرص حصول المسافرين على تعويضات من الشركات المتخصصة في التأمين على السفر، تتوقف على الشركة نفسها، فبعضها يقدم تلك التعويضات، وبعضها الآخر مازال يدرس موقفه.

وردًا على تساؤل حول إمكانية القيام الآن بشراء التأمين على الرحلات التي قد يقوم بها بعض المسافرين في نهاية هذا الأسبوع، تمضي الصحيفة لتقول إن شركات التأمين لن تقدم ضمانات لعملائها في حالة وقوع حدث معروف، أو إذا حصلت تأخيرات أو عدم مغادرة، نتيجة لتكوّن سحابة الرماد البركاني.