دبي - إيلاف: يبدو أن محاولة الحكومات الأوروبية، التي تكلفت ترليون دولار أميركي لتحويل التركيز بعيداً من مشكلة الديون السيادية في طريقها إلى الإخفاق، في ظل بقاء النفور من المخاطر عند مستويات مرتفعة.

ويواصل اليورو بلوغ قيعان جديدة، حيث وصل إلى 1.2360 دولار أميركي يوم الجمعة، أي بانخفاض بنسبة 5.5 % عن القمة التي بلغها في 10 مايو/أيار الماضي. ويشير تقرير لساكسو بنك إلى أن الإحساس بالسعادة في الأيام التي أعقبت تناقل الأخبار حول عملية الإنقاذ تبدد الآن، ليحل محله تجدد المخاوف، وأحدث الأقاويل التي تتردد في الوقت الحالي يدور حول آفاق تفكك اليورو ومخاطره.

غير أن القاع الذي استمر سنوات عدة عند 1.2330 دولار أميركي، ينبغي، بحسب التقرير، أن يقدم بعض الدعم؛ حيث إن هذا السعر يأخذ في اعتباره بالفعل قدراً كبيراً من الأنباء غير السارة.

وقد ظلت أسواق السلع تعاني نتيجة ما حققته القطاعات كافة - فيما عدا الذهب والفضة ndash; من عوائد سلبية خلال الشهر الماضي، حيث انخفض مؤشر رويترز جيفريز سي آر بي بأكثر من 6 % على مدى الشهر الماضي، وكان السكر والنفط الخام وسيط غرب تكساس هما أكبر الخاسرين. ومن الممكن أن يبدأ الطلب الصيني على المعادن والنفط في الفتور، بعدما كان محركاً مهماً للأسعار خلال العام الفائت.

ويشعر المتعاملون بالقلق من احتمال أن تؤدي جهود بكين الرامية إلى منع حدوث فقاعة أو سخونة مفرطة في الاقتصاد الصيني إلى تخفيض الطلب خلال الأشهر المقبلة.

وبالنسبة إلى النفط الخام وسيط غرب تكساس، يشير التقرير إلى أن الفجوة بين الواقع الحالي والتوقعات المستقبلية تواصل اتساعها، مما يسفر عن اتساع كونتانجو (الوضع الذي تقل فيه الأسعار الفورية عن الأسعار الآجلة) لمدة 6 أشهر، ليتجاوز 10 دولار أميركي. ففارق السعر الذي يجري التعامل به في عقد يوليو/تموز فوق عقد يونيو/حزيران، الذي يحل أجل استحقاقه قريباً في خام وسيط غرب تكساس ارتفع إلى أكثر من 4 دولارات هذا الأسبوع، حيث ارتفعت المخزونات في كوشينغ - نقطة تسليم خام وسيط غرب تكساس - إلى 37 مليون برميل، وهو أعلى رقم يسجل على الإطلاق. وهذا يمثل الكونتانجو الأشدّ حدّة الذي تشهده الأسعار منذ الانهيار السعري في مطلع العام الماضي.

ويلفت التقرير إلى الخلل الذي يشهده شهر التسليم الفوري في الفارق مقارنة بخام برنت، الذي يتداول تاريخياً دون مستوى خام وسيط غرب تكساس. غير أنه على مدى الشهر الماضي، لاحظ أن خام برنت يتداول بسعر مرتفع وبفارق سعر 5.5 دولار أميركي للبرميل. وما زال المنحنى الآجل يحكي قصة مختلفة عما يدل عليه شهر التسليم القريب. ويبلغ متوسط السعر من شهر يوليو والمعاملات الآجلة لمدة 12 شهرا حوالي 80.60 دولاراً أميركيا للبرميل، أي أقل من مستواه منذ شهر مضى عند 88 دولاراً أميركيا للبرميل، ولكنه ما زال أعلى بكثير من الأسعار الحالية.

وأرجع ساكسو الزيادة في تدفق النفط الخام إلى كوشينج في المقام الأول إلى ارتفاع تدفق الواردات من كل من خليج المكسيك الأميركي وكندا. ومن منظور تاريخي، فساكسو في صدد دخول الوقت الذي يبدأ فيه الاستهلاك في الارتفاع من العام، وما إن تظهر الدلائل على ذلك، فإن الانخفاض مقابل خام برنت سوف يبدأ في التلاشي. ولكن في الوقت الحالي يجري تأجير ناقلات النفط ومنشآت التخزين من جديد لشراء نفط خام فوري رخيص من أجل بيعه بسعر آجل أعلى كثيراً.

أما من منظور تقني، فكسر عقد النفط الخام وسيط غرب تكساس تسليم يونيو الاتجاه الصعودي الذي يعود لشهر يوليو 2008 هذا الأسبوع إلى ما دون 75 دولاراً أميركياً للبرميل، وذهب يبحث عن الدعم، وهذا الدعم موجود مباشرة دون مستوى 70 دولاراً أميركياً للبرميل. وحيث إن عقد تسليم يوليو سيحل أجل استحقاقه يوم الخميس المقبل، فإن الصورة التقنية ستكون محيرة نوعاً ما قبل ذلك التاريخ؛ حيث إن عقد يوليو يجري التعامل فيه بارتفاع يقارب 4 دولار أمريكي للبرميل. ولكن بعد انهيار عقد يونيو، فإن مثار القلق هو أن عدم حدوث أي انخفاض في المخزونات أو استمرار تصاعد المشكلة الأوروبية يمكنه أن يدفع الأسعار إلى الانخفاض من جديد.

وذكر التقرير أن الذهب واصل اندفاعه صعوداً بلا توقف هذا الأسبوع محفوزاً بالشراء على خلفية الهلع الذي تسبب فيه اليورو، حيث أقبل الأوروبيون على شراء المعدن الأصفر عل سبيل التحوط من حدوث تراجع في سعر اليورو. وقد بلغ سعر أوقية الذهب مقوّمة باليورو 1000 يورو هذا الأسبوع، وهو ما يعد علامة بارزة لأنه ارتفاع بنسبة 32 % مقارنة بأسعار العام الماضي.

إضافة إلى ذلك، فإن التكهنات بشأن احتمال أن تؤدي عملية الإنقاذ الأوروبية إلى ارتفاع في معدل التضخم عززت الأسعار، ليبلغ الذهب رقماً جديداً مرتفعاً قياسياً عند 1250 دولاراً أميركيا للأوقية، قبل أن تبدأ علميات جني الأرباح. فلم يكن للدولار الأميركي الآخذ في اكتساب القوة حتى الآن أي أثر كبير على الارتفاع، ولكن بعض المعلقين بدأوا يشككون في فرصة تحقيق مكاسب إضافية. ولكن في الوقت الحالي، يجد ساكسو أن سيكولوجية السوق موجهة نحو المزيد من المكاسب، ويمكن لتوليفة من الخوف والزخم أن تدفع بسهولة الأسعار إلى مستوى أبعد مما يمكن توقعه.

وعلى المدى القصير، يوضح التقرير أنه من الممكن أن يجبر بيع التصفية المستمر الذي تشهده السلع الأخرى عدداً من المتعاملين ذوي الرافعة المالية على تصفية المراكز المربحة في الذهب والفضة من أجل تلبية نداءات الهامش في المراكز الخاسرة في أماكن أخرى. ويوصي بالبحث عن الدعم بين 1210 و1200 دولار أميركي للأوقية، يعقبه مستوى 1185 دولار أميركي للأوقية.

في المقابل، لفت إلى أن النحاس عالي الجودة أنهى تعاملاته عند مستوى منخفض للأسبوع الثالث، فيما يشعر المتعاملون بالقلق من الوضعين الأوروبي والصيني، اللذين يمكنهما عرقلة الاقتصاد العالمي، والحد من الطلب على المعادن الصناعية. كما أن تحرك الدولار الأميركي صعوداً بلا توقف أزال أيضاً حافز الاحتفاظ بالسلع كأصول بديلة.

على صعيد آخر، يقول التقرير إن المخزونات العالمية من القمح والأرز والذرة في طريقها إلى الارتفاع للسنة الثالثة على التوالي، وهي في الوقت الحالي تقلّّص على الأقل المخاوف السابقة بشأن قدرة العالم على إطعام سكانه الذين يزدادون عدداً على الدوام. فالأحوال الجوية المواتية في الدول المهمة المنتجة لهذه المحاصيل عوضت الآن سنوات فشل المحاصيل المتتالية التي استمرت حتى عام 2007.

غير أنه على المدى الطويل، فإن الارتفاع المتواصل في عدد السكان، والاستخدام المتزايد للحبوب كوقود حيوي، سيتطلبان كميات إنتاج وفيرة باستمرار، وتتوقع وزارة الزراعة الأميركية أن الفجوة بين العرض والطلب ستضيق خلال العامين 2010 و2011. وقد انخفض حالياً سعر الذرة والقمح بنسبة 15 % مقارنة بالعام الماضي، حيث يحاولان العثور على زخم على خلفية الوفرة في العرض. وربما ينبغي على المتفائلين بالسوق على المدى الطويل ألا يلاحقوا الأسعار؛ إذ إنه من المتوقع أن يستمر نطاق التعامل الحالي حتى المستقبل المنظور.

وأخيرا، وفي ما يخص السكر، يؤكد التقرير أن سعر شهر التسليم القريب شهد زيادة قرابة النصف على سعره خلال الأشهر الثلاثة الماضية. فمن أعلى مستوى له منذ ثلاثين سنة في أوائل فبراير/شباط الماضي عند 30 دولاراً أميركياً للعقد، انخفض إلى قاع عند 13 دولاراً أميركياً فقط للعقد. وقد كان وضع العرض والطلب في الهند، أكبر مستهلك للسكر في العالم، هو المحرك الرئيس لكل من الارتفاع حتى شهر فبراير وما أعقبه من انهيار.

وفقا للتنبؤات الأصلية، كان من المتوقع أن يبلغ المحصول الهندي للموسم 2009/2010 ما مقداره 13 مليون طن، ولكن الحقيقة أن المحصول الفعلي بلغ 18.5 مليون طن، مما ساعد المخزون العالمي على التحول من عجز يبلغ حوالي 8.5 مليون طن في 2009/2010 إلى فائض مقداره 2.5 مليون طن في 2010/2011. ولن تكون الأرقام النهائية بالنسبة إلى كل من الهند والبرازيل، أكبر منتجين للسكر في العالم، معروفة حتى حلول الصيف.

ويشير التقرير إلى أن خط اتجاه الدعم طويل المدى مستقر عند 11 دولاراً أميركياً للعقد، وهو ما يترك مجالاً للانخفاض، رغم ذلك. ولكن ربما ينبغي على المستثمر طويل المدى أن يبدأ في مراكمة السلعة في أقرب وقت؛ إذا أخذت بعين الاعتبار التوقعات طويلة المدى للسكر.