دخلت الصين أخيراً في مواجهة مع سيل من الانتقادات العالمية، بعدما زادت من إحكام سيطرتها على عملية استخراج المعادن الأرضية النادرة واللازمة لتصنيع منتجات تكنولوجية بدءًا من أجهزة الآي بود إلى توربينات الرياح وكذلك الصواريخ العسكرية.

القاهرة: وفقًا لمسودة اقتراح تم تقديمها هذا الأسبوع للمصادقة عليها من قبل مجلس الوزراء الصيني، فإن حقوق التعدين الخاصة بسبعة عشر عنصرًا من العناصر الأرضية النادرة، سوف تقتصر على عدد قليل من شركات التعدين الصينية المملوكة للدولة.

ومن المحتمل - بحسب ما ذكرته اليوم صحيفة التلغراف البريطانية - أن تُعمِّق تلك القيود المتزايدة من المخاوف الدولية من إقدام الصين بصورة غير عادلة على اكتناز احتياطيها من المعادن الأرضية النادرة وغيرها من المواد الخام الرئيسةن في وقت يتزايد فيه الطلب العالمي.

كما أشارت الصحيفة إلى أن تلك الخطوة تأتي بعد ستة أشهر فقط من قيام الصين، التي تنتج 95 % من المعادن الأرضية النادرة في العالم، بتخطي ذروة مستويات الإنتاج للعام 2010، وفرضها وقفًا على كل التراخيص الجديدة الخاصة بأعمال التعدين حتى الثلاثين من شهر حزيران/ يونيو العام 2011.

ثم تلفت الصحيفة إلى أن تلك العناصر البالغ عددها سبعة عشر عنصرًا، وتقع كلها في منتصف الجدول الدوري، يتم استخدامها في تصنيع المواد المغناطيسية، وأشعة الليزر، وشاشات الكمبيوتر، وكابلات الألياف البصرية، والهواتف الخلوية، والسيراميك، والفولاذ المقاوم للصدأ، كما أنها ضرورية في عمليات التطوير المستمرة للتكنولوجيات الخضراء، مثل لمبات الإضاءة منخفضة الاستهلاك، وتوربينات الرياح، والبطاريات الخاصة بالسيارات الهجينة والكهربائية.

في جانب آخر، قامت بالفعل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمكسيك باتخاذ إجراءات قانونية في منظمة التجارة العالمية ضد القيود على الواردات التي تفرضها الصين على تسعة من المواد الخام الرئيسة، بما في ذلك فحم الكوك والبوكسيت والفلورسبار والمغنيسيوم. ومع تعرض العلاقات التجارية في الأساس لحالة من الإنهاك، يحذر خبراء من الآثار المدمرة المحتملة لخطر الدخول في مواجهة أخرى، إذا ما قامت الدول المتقدمة الآن باتخاذ إجراءات قانونية لدى منظمة التجارة العالمية ضد القيود التي تفرضها الصين على العناصر الأرضية النادرة.

من جهتها، دافعت الصين عن سياساتها الجديدة التي تعنى بإعادة هيكلة صناعة التعدين الخاصة بعناصرها الأرضية النادرة، حيث قالت إن تلك الخطوة ترمي إلى المحافظة على الاحتياطات والحفاظ على الأسعار، بعد سنوات من الاستغلال المفرط، الذي أدى إلى إلحاق الضرر بالأجواء البيئة في البلاد.

وقال تشانغ أنوين، نائب الأمين العام للجمعية الصينية للعناصر الأرضية النادرة، إن القواعد الجديدة ستفيد الصناعة بأسرها، بعد سنوات من الاستغلال المفرط وسوء إدارة للموارد. ومع هذا، فقد تساءل تقرير أعدته منظمة التجارة العالمية حول المراجعة التي تتم كل عامين لسياسة الصين التجارية عما إذا كانت القيود التي تفرضها الصين على تصدير عدد متزايد من المواد الخام قيود قانونية بموجب القواعد التي تنص عليها المنظمة أم لا.

في تلك الأثناء، أكد محللون متخصصون في صناعة المعادن أن تلك الخطوة التي لجأت إليها الصين بشأن المعادن الأرضية النادرة سوف تتسبب في رفع الأسعار على المدى القصير والمتوسط، مضيفين أنها ستعمل أيضًا على حفز نشاط التعدين والتنقيب عن تلك العناصر النادرة خارج الصين. وتأتي الشكاوى من الاحتكار الصيني للمواد الخام على خلفية تزايد عدد شكاوى الدبلوماسيين والشركات في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من استخدام الصين المتزايد لأسلوب الحمائية عبر الأبواب الخلفية.