تمتلك الجزائر 4.7 ملايين نخلة منتجة وتتموقع كثاني أكبر مصدّر للتمور عالميا بعد تونس، بمعدل إنتاج يقدّر بنصف مليون طن، إلاّ أنّ ذلك لا يعني بلسان ناشطي القطاع، دلالة على تواجد الأخير في منأى عن القلاقل التي تبرز من خلال ثلاث عقبات كبرى تلقي بظلالها على إنتاج أفخر وأجود أنواع التمور محليا.

الجزائر: يشير مهنيو التمور في تصريحات خاصة بـquot;إيلافquot;، إلى نقص الدعم اللوجستي، ضعف قدرات التخزين وعدم الترويج بالشكل المأمول، وهي اختلالات تنضاف إلى مشكلات أخرى كعدم تنظيم مهنة التصدير، غياب السرعة في ضمان نقل البضائع المنفردة بكونها سريعة التلف، وشبح المضاربين والوسطاء، يحدث هذا رغم إقدام الحكومة الجزائرية على تصنيف التمور كـquot;فرع استراتيجيquot; برسم المخطط الإنمائي (2010 ndash; 2014).

يقول quot;بكوش التيجانيquot; مسيّر تعاونية لإنتاج التمور في منطقة تقرت الجنوبية، إنّ النقائص الميدانية محسوسة ويجملها في محدودية ترسانة التغليف والتخزين التي تستخدم في جني التمور وتكفل حماية المنتوج، فضلا عن الأدوية المضادة لداء البوفروة الذي أضحى يهدّد النخيل بكثرة، تماما مثل مرض quot;البيوضquot; الذي يهدد التمر، بعد أن أتلف كثيرا من نخيل المغرب، وبات المزارعون في الجنوب الجزائري لاسيما محافظتي غرداية وبسكرة المعروفتان بأكبر وأجود منتجات التمر، يشتكون من شبح البيوض وما يتسبب به الأخير من تآكل وخسائر.

كما يُدرج التيجاني أيضا افتقاد القطاع إلى هامش مناسب من وسائط النقل، وما زاد الطين بلة بطء القروض المصرفية الممنوحة للمزارعين، وهو ما يحول بحسبه دون الارتفاع بإنتاج التمور إلى مستويات قياسية ترقىبالقطاع إلى مستوى مصدر حيوي لصادرات الجزائر خارج المحروقات.

بدوره، يثير quot;أحمد روينيquot; مسؤول تعاونية للتمور في منطقة بسكرة (560 كلم جنوب)، مشكلة قلة الترويج، رغم امتلاك الجزائر ثروة هائلة من التمور تستحق التثمين وإعطاءها المكانة اللائقة بها، وهو ما يؤيده quot;نذير حليميquot; أحد متعاملي القطاع، الذي يستهجن عدم التعريف بالتمور الجزائرية، مثلما تفعل دول الجوار، ويجزم حليمي أنّ استفادة المنتوج المحلي من الإشهار اللازم، سيفتح له آفاقا واسعة إقليميا ودوليا يعرّف به في أسواق ما وراء البحار، خصوصا مع تأكيد خبراء قدرات الجزائر على اكتساح الأسواق الآسيوية على غرار أندونيسيا والهند.

من جانبه، يقرّ quot;سليم حدّودquot; رئيس المجلس المتعدد المهن، بمعاناة منتجي التمور من عوائق بالجملة مثل ما ينتاب قضية التأمينات، لا سيما مع هاجس الإصابات الذي يطارد القائمين على جني التمور مع تعاقب المواسم، والنقص المسجّل على صعيد الأغلفة البلاستيكية المخصصة للعراجين الشبكات الواقية للتمور من الحشرات، كما يضيف الأستاذ حدّود إعاقة مشكلة النقل البحري لتسويق التمور خارجيا.

ويشير كثير من المختصين والمزارعين، إلى خطر الطفيليات الذي بات يتهدد بشكل قوي نحو 1.8 مليون نخلة، ما يشكل تهديدا صريحا لثروة التمور في الجزائر في ظل شيوع أمراض quot;البيوضquot; وquot;البوفروةquot; وquot;سوسة التمرquot; وبعض الآفات الطفيلية والعنكبوتية وكذا الطيور المضرة بالتمور، وأبدى خبراء مخاوف متعاظمة إزاء ما قد يترتب عن زوال أكبر ثروة زراعية جزائرية لما تمثله من عنصر أساس في التنمية الاقتصادية والاجتماعية المحلية.

وفيما ينادي عموم المهنيين بتوخي قدر أكبر من الاحترافية لوضع قاطرة التمور على المحك الفعلي، يرى quot;رشيد بن عيسىquot; الوزير الجزائري للزراعة والتنمية الريفية، أنّ السبيل الأمثل لتحريك السواكن يكمن في انتصار المزارعين والمنتجين لنمط التعاونيات التي يمكنها أن تتحول لاحقا إلى أقطاب اقتصادية ضخمة، وردا على انتقادات متعاملي القطاع لنقص الدعم، يبرز بن عيسى:quot;أنا ضدّ فكرة الدعم من أجل الدعم، مفضلا أن يتحلى هؤلاء بروح المبادرة، وابتعادهم عن الاتكالية.

ويقول المسؤول ذاته إنّ السلطات عازمة على دعم مُصدّري التمور، عبر قروض مصرفية من دون فوائد، ويبرر بن عيسى هذه الخطوة بكون التمور تعدّ في حد ذاتها اقتصادامهما جدا بإمكانه إنتاج الثروة وتوفير وعاء هائل من مناصب العمل الدائمة، علما أنّ الجزائر صدّرت 12 ألف طن من التمور خلال العام الأخير، كما تستعد لتصدير الكمية ذاتها بنهاية العام الجاري، ما يرفع حجم الصادرات إلى 24 ألف طن خلال موسمين، وهو ما سيمكّن الجزائر من كسب عوائد بقيمة 50 مليون دولار.

وأعلنت الحكومة الجزائرية مؤخرا عن quot;الجسر الأخضرquot; لتصدير التمور الذي سيكون من شأنه المساعدة في تصدير quot;تمور دقلة نورquot; للأسواق الأوروبية مباشرة، على أن يجري تصدير التمور عبر مرافئ ومطاراتالجزائر العاصمة، وهران، سكيكدة وبجاية، إضافة إلى مراكز تمنراست، أدرار واليزي، وغالبا ما يشتكي المصدرون من تأخيرات بيروقراطية جمة ترهن عمليات تسويق التمور الجزائرية، بينها quot;دقلة النورquot; أفضل أنواع التمور عالميا والتي تحظى بتهافت الدول الأوروبية كل عام.