بغداد: تقدمت فرنسا على منافسيها في سباق اقتناص الفرص الاستثمارية في العراق ببناء مركز أعمال شديد التحصين وفندق صغير لرجال الأعمال، ليناموا ويأكلوا، ويعملوا فيه بأمان.

ويضم المجمع، الذي تموّله شركات خاصة، والمقام بالقرب من السفارة الفرنسية في بغداد في حي أبو نواس الراقي، 20 مكتباً إدارياً، طلبت شركات كبرى نصفها حتى الآن، وعشر حجرات نوم للزوار والمستثمرين المحتملين.

وقال جوليان كيردونكوف نائب رئيس الإدارة الاقتصادية في السفارة quot;إن الوقت حان للعودة للعراقquot;. مشيراً إلى أن الشركات قالت quot;نعمquot;، لكنه رأى أن الافتقار للأمن مع استمرار حملة مقاتلين سنة من عمليات القتل والتفجيرات الانتحارية تثير القلق. وأضاف quot;ما نقوله هو أننا سنتولى أمر ذلك، سننظم كل شيء، ستحصل ( الشركات) على مكاتب وحمامات سباحة والإقامة في فندق والطعام والأمان في كل مكان، وكل شيء تحتاجه، فلا يكون هناك عذر لعدم المجيءquot;.

ومن الشركات التي اتخذت مكاتب في المركز الفرنسي في العراق شركة لافارج، وهي من أبرز المستثمرين في العراق، ولديها بالفعل مصانع أسمنت في كردستان العراق، وبدأت لتوها في عملية تحديث تتكلف 200 مليون دولار لمصنع أسمنت حكومي في كربلاء. ومن بين الشركات التي اتخذت مكاتب كذلك تكنيب وألستوم.

وذكر دبلوماسيون فرنسيون أن شركة توتال النفطية الكبرى، التي تشارك شركة نفط صينية في تطوير حقل الحلفاية النفطي، تعتزم الانتقال إلى المنطقة الخضراء، التي تضم الحكومة والسفارات الأجنبية ومركز الأعمال الفرنسي في بغداد. ويحاول العراق الخارج من حرب إنهاء سنوات من العنف والعقوبات والتراجع الاقتصادي، عن طريق الاستفادة من احتياطياته النفطية الضخمة -ثالث أكبر احتياطيات في العالم- واجتذاب المستثمرين والخبرات الأجنبية لمساعدته في إعادة الإعمار.

ولكن رغم توقيع العراق 11 اتفاقاً مع شركات نفط عالمية لتطوير أغنى حقوله، فإن المشروعات خارج نطاق قطاع الطاقة لم تتجاوز مرحلة الآمال. فاستمرار أعمال العنف وعدم الاستقرار السياسي بعد أربعة أشهر من انتخابات غير حاسمة، تبقي العديد من المستثمرين الغربيين في موقف الترقب والانتظار.

وكان من المغامرين بما يكفي لبدء استثمارات في العراق بالفعل شركات إيرانية وتركية وخليجية، خاصة في مجال السياحة الشيعية والإسكان والقطاع المصرفي. والإمارات العربية المتحدة هي أكبر مستثمر في مشروعات كبيرة، ويبلغ إجمالي تعهداتها 37.7 مليار دولار، في حين يتصدر لبنان قائمة أكبر الصفقات، التي تقل قيمتها عن مليار دولار، وفقاً لبيانات أوردها تقرير لشركة دنيا فرانتيير للاستشارات.

وعارضت فرنسا الغزو، الذي قادته الحكومة الأميركية السابقة بقيادة الرئيس جورج بوش للعراق عام 2003. وقال السفير الفرنسي لدى العراق بوري بوايون إنه مع عودة السلام الهش بدأ العراق يثبت أقدامه على الأرض. وإضافة إلى لافارج، التي تنتج 60 % من الأسمنت المبيع في العراق، وقّعت رينو لصناعة السيارات اتفاقاً على تجميع شاحنات في مصنعين، أحدهما جنوب بغداد، والآخر في المنطقة الكردية.

وقال بوايون إنه بصرف النظر عن مسألة الأمن، عانى العراق البيروقراطية الشديدة والفساد، وهو ما قد يقوّض الربحية. كما إن الحكومة العراقية تتحرك ببطء شديد في ما يتعلق بالموافقة على الخطط والمشروعات وبدء تنفيذها. وأضاف quot;لا أبالغ بقول إن هناك 50 شركة فرنسية تنتظر حالياً قراراً عراقياً بوضع خطة أو بدء مشروع. وكان العراق يعتبر منطقة خطرة للغاية من قبل. أما الآن فالمسألة لا تتعلق بالأمن بقدر ما تتعلق بالربحية الاقتصاديةquot;.