أصبحت مشكلة القطع المقلدة ظاهرة عالمية تعاني منها جميع دول العالم والشركات العالمية، والاستمرار في استيراد السلع الرديئة وإغراق الأسواق المحلية العربية بها دون رقابة صارمة يعتبر خسارة ليس فقط على المستهلكين وإنما على الاقتصاد الوطني بشكل عام، لما تشكله مثل هذه الظاهرة من عملية استنزاف للموارد المحلية.

عمان: يفرق تجار بين السلع المقلدة والسلع رديئة الجودة، فليس كل رديء مقلداً كما يردد مستهلكون وتجار، كما لا يشترط أن يكون المقلد بالضرورة رديئا، وان اختلف في مستواه عن الأصلي.وقد أصبحت السلع المقلدة تلقى رواجا وquot;لها زبونهاquot; الذي يبحث عنها في ظل تراجع الدخول وارتفاع الأسعار، إضافة إلى أن بعض الشركات العالمية الصناعية دخلت سوق التقليد من قبيل الحصول على حصة من هذا السوق المتنامي.وينعكس دخول المواد إلى السوق المحلية سلبا على الاقتصاد المحلي وعلى الاستثمار في الأردن إضافة إلى الأضرار المادية. وقال وزير الصناعة والتجارة المهندس عامر الحديدي أن الأردن يعد من أوائل الدول التي التزمت بحقوق الملكية الفكرية وعملت على إيجاد كل القوانين التي تحمي المواصفات والمقاييس والجمارك، لكنه ارجع وجود البضائع المقلدة إلى عمليات التهريب من بعض الدول التي يقوم اقتصادها بشكل كامل على الصناعات المقلدة.وأكد كذلك عزم الحكومة تعديل قانون الجمارك الأردنية والمواصفات والمقاييس لتصبح الرقابة في السوق من خلال المسح الشامل بدلا من أن تكون الرقابة عند دخول البضائع إلى المملكة.

حماية المستهلك

ولا يجد خبراء تراجعا لهذه السوق في المستقبل، بل هناك مؤشرات لتوسعه، مما دفع الشركات العالمية ذات الماركات المشهورة والأكثر تعرضا للتقليد إلى تغيير استراتيجيتها الإنتاجية حيث اتجهت إلى تصنيع نفس المنتج في بلاد شرق أسيوية لأسباب كثيرة للاستفادة من انخفاض أسعار العمالة والتهرب من الضرائب المرتفعة في بلدانها الأصلية، وذلك لإنتاج سلع ارخص من منتجاتها وتكون قادرة على منافسة أو مواجهة ذلك الطوفان الكبير من المنتجات المقلدة بشكل كبير. وأكدت الجمعية الوطنية لحماية المستهلك تزايد شكاوى المواطنين خلال الفترة الماضية من عمليات الإغراق التي تتعرض لها الأسواق المحلية من البضائع والمنتجات المزورة والمقلدة او تلك المخالفة للمواصفات والمقاييس الأردنية.


وقال رئيس الجمعية الدكتور محمد عبيدات quot;لا يكاد يمر يوم دون تلقي الجمعية شكوى من احد المواطنين تشير إلى وقوعه ضحية سلعة مقلدة او مخالفة للمواصفات، وأن مثل هذا الأمر يجب معالجته وعدم السكوت عليه حيث انه بات من الضروري بحثه من جميع جوانبه ووضع اليد على الثغرات التي يقوم التجار باستغلالها وإدخال مثل هذه السلع الرديئة للسوق المحلي، منوها إلى ضرورة بذل كافة الجهود في سبيل عدم ترك المواطن يقع ضحية غش وخداع فئة قليلة من اصحاب النفوس المريضةquot;. وقال الدكتور عبيدات أن بعض هذه السلع المقلدة والرديئة من الممكن أن تعرض حياة المستهلكين للخطر، وبالتالي لا بد من وضع الحلول السريعة للحيلولة دون وقوع المحذور ولا سيما فيما يتعلق بمستلزمات التوصيلات الكهربائية التي تسببت في كثير من الحرائق المنزلية والخسائر في الأرواح.

ودعا رئيس الجمعية الوطنية لحماية المستهلك المواطنين إلى ضرورة التأني عند شراء كافة السلع ولا سيما تلك التي قد تشكل خطرا على حياتهم ، وعدم شراء السلع الرخيصة على حساب الجودة ، بالإضافة إلى متابعة نشرات الجمعية التوضيحية والموقع الالكتروني الخاص بالجمعية للتعرف على طرق معرفة السلع الأصلية من تلك الرديئة والمقلدة. وبحسب الإحصاءات التي أعلنت نهاية العام المنصرم، فقد بلغ عدد القطع المقلدة التي تم ضبطها من قبل الجهات الرقابية 10 آلاف قطعة.وقال ممثل قطاع الكهرباء والالكترونيات في غرفة تجارة الأردن عيسى مراد أن البضائع المقلدة تشكل أحد الهموم الرئيسية للعاملين في القطاع، موضحا أن هذه السلع تتسلل إلى السوق المحلية لها مخاطر اقتصادية وقانونية وصحية رغم تقلصها لمستويات كبيرة بفعل الجهود الرسمية، داعيا إلى التشدد عند تسجيل العلامة التجارية لحماية الاقتصاد الوطني والتاجر والمستهلك.وأضاف quot;أن قطاع الكهرباء والالكترونيات أصبح من القطاعات الحيوية ويشكل رافدا أساسيا من روافد الاقتصاد الوطني، مشيرا إلى أن مستوردات المملكة من الأجهزة الكهربائية والالكترونية بلغت عام 2008 حوالي 900 مليون دينار تراجعت إلى 600 مليون دينار العام الماضي بنسبة انخفاض حوالي 25 بالمائة بفعل تبعات الأزمة المالية العالميةquot;.

لماذا تجاهل quot;الأصليةquot;؟

وانعكس سوء الأوضاع المعيشية لدى المواطن بتوجه بعضهم إلى تجاهل جودة تصنيع السلع واعتماد السلع المقلدة ذات الأسعار المنخفضة بديلا عنها.ورغم أن هذه السلع قد تفيد ذوي الدخل المحدود; إلا أنها قد تتسبب في أضرار كبيرة خاصة بالمنتجات التي تتعلق بالصحة والمواد الكهربائية التي تتطلب درجة أمان في التصنيع. وتباينت أراء المواطنين فالبعض رحب بالسلع المقلدة واعتبرها مطلبا أساسيا في ظل سوء الأوضاع المعيشية والغلاء فيما رفض آخرون دخول هذه السلع إلى الأسواق المحلية وطالبوا تكثيف الحملات ومنعها من الوصول إلى الأسواق لما تخلفه من أضرار وخسائر، كما أشاروا أن تلك المنتجات تفتقد للجودة واعتبروها غير مفيدة مقارنة بالأصلية التي تعمر لمدة طويلة ولا تحتاج إلى التغيير بشكل مستمر.

المواصفات والمقاييس

ولا تسمح مؤسسة المواصفات والمقاييس بأي شكل من الأشكال دخول السلع المقلدة إلى السوق المحلية خاصة المستوردة منها.وينطبق هذا الإجراء على السلع ذات العلامات التجارية العالمية حيث يتم إعلام الوكيل القانوني بتلك السلع لرفع دعوى في المحكمة ضد اصحاب السلع المخالفة المقلدة, وفي الوقت نفسه أن البضاعة لا يمكن إتلافها كون قانون المؤسسة الحالي لا ينص على ذلك لكن بحسب القانون المعدل ستتمكن المؤسسة من إتلاف تلك السلع المخالفة. وفيما يخص المنتجات المطروحة في الأسواق المحلية يتم العمل على إتلاف تلك السلع غير المطابقة للقواعد الفنية حسب قانون المواصفات والمقاييس رقم 22 لسنة 2002.