أطلق الأردن اليوم الأربعاء نتائج مشروع المدخلات والمخرجات للاقتصاد الوطني، حيث تم إعادة تقسيم الاقتصاد الوطني إلى 81 قطاعاً رئيسياً بدلا من التصنيف التقليدي الدولي الذي يشتمل على 14 قطاعاً رئيسيا، بالاعتماد على مدى توفر البيانات الإحصائية التفصيلية وكذلك الهدف من التحليل الاقتصادي ورغبة المخطط.

عمان:قال وزير التخطيط الأردني جعفر حسان في كلمته التي ألقاها بهذه المناسبة quot;يعد مشروع المدخلات والمخرجات للاقتصاد الوطني من أهم المشاريع التي حظيت باهتمام الحكومة وذلك لما له من أثر كبير في خدمة صناعة القرار الاقتصادي ورسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية الحصيفة والمبنية على أساس توفر البيانات الإحصائية التفصيلية الدقيقةquot;. وأكد أنه سيكون لهذه التطبيقات من قبل وزارة التخطيط أهمية ونواحي عاجلة خاصة في النظر في الأولويات القطاعية أثناء إعداد البرنامج التنفيذي التنموي للأعوام 2011-2013. وأضاف أن من أهم الأهداف الرئيسية لسياسات التنمية المستقبلية للاقتصاد الوطني الأردني، هو تحقيق تنمية متوازنة وذلك عن طريق حشد وتوزيع الاستثمارات بطريقة مثلى تقوم على أساس تحديد الأولويات التنموية للقطاعات المختلفة، وإزالة الاختناقات التي تواجه الاقتصاد الوطني والعمل على تنويع قاعدته الإنتاجية. مع الأخذ بعين الاعتبار تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي متمثلاً بتسجيل معدلات نمو حقيقية مناسبة والعمل على تخفيض معدلات البطالة و ضمان توازن مالي عام مستدام في الاقتصاد الوطني.

وأوضح إن عمل وزارة التخطيط ينصب بشكل أساسي على المساهمة في تحقيق العديد من الأهداف الإستراتيجية للدولة ومن ضمنها توفير الأدوات الاقتصادية التحليلية وبناء النماذج الاقتصادية متعددة الأغراض والاستعمالات والمبنية في أساسها على توفر البيانات الإحصائية التفصيلية الدقيقة والمتكاملة للاقتصاد الوطني ولجميع مكوناته القطاعية. ويعد مشروع المدخلات والمخرجات الذي نفذته وزارة التخطيط والتعاون الدولي ودائرة الإحصاءات العامة، وعاءً إحصائيا متكاملاً يمثل التشابكات القطاعية والترابطات بين مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني، كما يمثل مؤشراً هام للتركز الصناعي في الأردن، ويعتبر هذا النمط الجديد من البيانات الاقتصادية ضرورياً من أجل استخدامها في عمليات التخطيط التنموي وتحديد الأولويات المستقبلية والسياسات الاقتصادية.

وتجدر الإشارة إلى أن وزارة التخطيط والتعاون الدولي قد باشرت بالاستفادة من هذه الجداول عن طريق استخدامها في التطبيقات الخاصة بنماذج المدخلات والمخرجات، والتي تعتبر وسيلة تخطيطية ناجعة لتحديد أولويات القطاعات التنموية وتحديد القطاعات الرائدة في الاقتصاد الوطني والقادرة على تطوير القطاعات الأخرى من خلال اتساع حجم روابطها الأمامية والخلفية مع مختلف القطاعات الاقتصادية. كما تعمل هذه النماذج عادةً على قياس السعات الإنتاجية الكامنة لقطاعات الاقتصاد الوطني وإمكانية تطورها بمرور الزمن.

وقال وزير التخطيط أن هناك تطبيقات اقتصادية عديدة تبنى على أساس جداول المدخلات والمخرجات والتي تسعى الوزارة إلى تطبيقها وإخراجها إلى الحيز العملي ليستفيد منها راسمو السياسات الاقتصادية ومتخذي القرارات. كما تساعد هذه النماذج على إتباع أساليب تخطيطية إستراتيجية هادفة تعمل على تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية متوازنة، من خلال تحديد القطاعات ذات فرص الاستثمار المجدي وما تحدثه مثل هذه الاستثمارات من توليد للدخل وإحداث فرص للتشغيل واستيعاب المزيد من العمالة وذلك من خلال احتساب مضاعف الدخل ومضاعف العمالة لمختلف القطاعات الاقتصادية وعلى المستوى القطاعي الجزئي.كما أن توفير صورة واضحة ودقيقة عن التشابكات الحاصلة بين مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني سوف يساعد في رسم السياسة الصناعية الجديدة، بالإضافة إلى توفير عدد من سيناريوهات التنمية والقدرة على المفاضلة واختيار السيناريو الأفضل من مجموعة بدائل متعددة ومختلفة، لضمان التوازن الاقتصادي والتنمية المستدامة.

وتقوم دائرة الإحصاءات العامة بإنتاج العديد من الأرقام الإحصائية المختلفة، ونعتقد أن الاستفادة منها وعلى مختلف المستويات سواء الحكومية أو من قبل القطاع الخاص ومؤسسات التعليم والبحث العلمي بشكل أفضل أمر في غاية الأهمية. لا سيما وأن المنتجات الإحصائية تخدم مختلف القطاعات والأوساط. مؤكدا أهمية التركيز على موضوع إنتاج الرقم الإحصائي في الوقت المناسب ليخدم الهدف المنشود منه. ودعا الوزير الأردني جميع الجهات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص والأكاديمية إلى توسيع استفادتها من الأرقام الإحصائية المختلفة التي تقوم دائرة الإحصاءات العامة بإنتاجها وتتميز بالمصداقية والدقة.

نبذة عن مشروع المدخلات والمخرجات

نشأت فكرة إعادة بناء جداول المدخلات والمخرجات للاقتصاد الوطني في نهاية عام 2008 وقد تم تحديد بيانات الحسابات القومية للعام 2006 كأساس مرجعي لبناء هذه الجداول وذلك لاعتبارات اقتصادية وإحصائية من أبرزها توفر البيانات الفعلية والنهائية، وكذلك الاستقرار الاقتصادي لهذه السنة حيث تم إطلاق المشروع في بداية العام 2009، وينسجم بناء جداول المدخلات والمخرجات للعام 2006 مع أفضل الممارسات الدولية في هذا المجال، حيث يتم إعداد هذه الجداول في الدول المتقدمة بعد مرور سنتين ونصف إلى ثلاث سنوات على السنة المرجعية، ويذكر أن أول محاولة لبناء جداول المدخلات والمخرجات للاقتصاد الوطني كانت في العام 1987 وقد تم بالفعل بناء هذه الجداول ونشرها في ذلك العام دون أن يتم متابعتها وتفعيل الاستفادة منها.

تهدف هذه الجداول بشكل رئيسي إلى إحداث نقلة نوعية في عملية جمع وتبويب البيانات الإحصائية على المستوى القطاعي وقياس التداخلات في العلاقة بين القطاعات الاقتصادية وصولاً إلى تقديم صورة شاملة عن الاقتصاد الأردني وتعامله مع العالم الخارجي، حيث توفر هذه الجداول أداة لتحليل الروابط والاعتماد المتبادل بين مختلف القطاعات الاقتصادية الهامة، وتحديد القطاعات الرائدة في عملية التنمية ومحركات النمو في الاقتصاد الأردني وذلك من خلال استخدامها من قبل متخذي القرارات وراسمي السياسات ومعدي البرامج التنموية، وكذلك من قبل الباحثين والمحللين الاقتصاديين في القطاعين العام والخاص، إضافة إلى إثراء نشاطات مراكز البحوث الوطنية والعالمية المتخصصة في هذا المجال.

وتم تحديد الأنشطة الاقتصادية التي تم بناء جداول المشروع على أساسها، أو ما اصطلح على تسميته بالخارطة القطاعية، حيث تم إعادة تقسيم الاقتصاد الوطني إلى 81 قطاعاً رئيسياً بدلا من التصنيف التقليدي الدولي الذي يشتمل على 14 قطاعاً رئيسيا، معتمدين في ذلك على مدى توفر البيانات الإحصائية التفصيلية وكذلك الهدف من التحليل الاقتصادي ورغبة المخطط.

وتكمن أهمية وتطبيقات جداول المدخلات والمخرجات في كونها توفر أسلوباً للتأكد من تقديرات الدخل القومي بطرق الإنتاج، والإنفاق، والدخل، وتمثل أيضا أسلوباً لعرض هيكل الاقتصاد القومي وتشابكات مختلف السلع والصناعات المختلفة وما يمثله عرض هذا الهيكل من أهمية في مجال دراسة هيكل تكاليف إنتاج مختلف السلع على شكل تكاليف متمثلة في المواد الأولية (طلب وسيط)، أو تكاليف متمثلة في شراء عوامل الإنتاج (القيمة المضافة)، كما تعتبر جداول المدخلات والمخرجات أهم أركان مصفوفة الحسابات الاجتماعية (SAM) بما تتيحه من درجة تفصيل للأنشطة والقطاعات الاقتصادية.

وتعمل هذه الجداول على تحديد الروابط القطاعية (الأمامية والخلفية) لقطاعات الاقتصاد الوطني مما يساعد على تحديد النشاطات الرائدة في الاقتصاد الوطني، لا سيما تلك القادرة على سحب الاقتصاد إلى الأمام وتحقق التنمية الاقتصادية المتوازنة، التي تحقق فرص الاستثمار المجدية وكذلك فرص العمل ومن الأمثلة العملية على استخدامات جداول المدخلات والمخرجات معرفة وتحديد تأثير القرارات الاقتصادية المتخذة محلياً على مسار التطور الاقتصادي سلبية كانت أم ايجابية، ففي ظل توفر جداول المدخلات والمخرجات يمكن التنبؤ بآثار السياسات المالية أو النقدية التي تتخذها الحكومة من حيث تأثيرها على مستويات الدخل والأسعار والفقر والبطالة وغيرها من المتغيرات الاقتصادية الهامة وذلك قبل تطبيقها.

كما تساعد جداول المدخلات والمخرجات في معرفة مدى تأثير التغيرات الاقتصادية العالمية؛ كما هو الحال في ما يخص الأزمة المالية العالمية وكذلك ما يطرأ من تغيرات في أسعار النفط الخام والطاقة، هذا بالإضافة إلى المساعدة في تقدير مدى تأثير سياسات العولمة من خلال الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية على الاقتصاد الوطني. وتعد جداول المدخلات والمخرجات وسيلة هامة في دعم ومساندة متخذي القرار لاتخاذ القرارات الرشيدة في الوقت المناسب لتفادي الآثار السلبية للصدمات الخارجية التي عادة ما يكون الاقتصاد الوطني عرضة لها.