ينظر مسؤولو الحزب الشيوعي في الصين بقلق إلى تناقص أعداد الأيدي العاملة الشابة بشكل ملحوظ.


لندن: ظلت الصين لعقود طويلة قادرة على الاعتماد على مئات ملايين الأيدي العاملة الشابة لإنتاج طائفة هائلة من المصنوعات الرخيصة والمتمتعة بالجودة في الوقت نفسه. لكنها تواجه الآن كارثة تتمثل في جفاف النبع الشاب، تبعًا لشاهد من أهلها.

فقد نقلت صحيفة laquo;ديلي تليغرافraquo; البريطانية عن الخبير الاقتصادي الصيني زانغ زينغ، من كلية غوانهوا للإدارة في جامعة بكين المرموقة قوله: laquo;ما تشهده بلادنا الآن هو أن عدد الأيدي العاملة الشابة يظل أصغر كثيرًا من عدد laquo;العجوزraquo; المتقاعدة. والمشكلة الأكبر هي أن عدد العمالة الشابة يتضاءل سنة بعد أخرى. بعبارة أخرى فقد جفّ نبع الشبابraquo;.

وهذا وضع قد يجبر السلطات على إلغاء القانون الذي يحظر على الأسر الصينية التمتع بأكثر من طفل واحد. فتبعًا لحسابات الخبير الصيني في العام الماضي، كان عدد الأيدي العاملة الشابة في المصانع الصينية لا يتجاوز 154 مليونًا من العدد الإجمالي وهو 550 مليونًا.

ويقول زانغ إن هذا النقص الحاد لا يعود فقط الى عوامل ديموغرافية، وإنما يأتي مضافًا الى حقيقة أن أعدادًا متزايدة من الشباب الصيني تطمح إلى تلقي التعليم العالي، والحصول بالتالي على وظائف الياقات البيضاء. كل هذا يمثل صداعًا مؤلمًا لمسؤولي المصانع الذين يرغبون في شباب يتمتع بالقوة الجسدية والنظر السليم والقدرة على العمل ساعات أطول.

وبينما كانت الصين قادرة على اجتذاب الاستثمارات الأجنبية بسبب رخص العمالة، فقد أدى تناقص الأيدي الشابة فيها الى ارتفاع أجورها بما بين 15 و40 %. وهذا بحد ذاته عامل طرد رئيس لتلك الاستثمارات، لأنها تنفي سبب وجودها في المقام الأول.

ويقول زانغ: laquo;على الشركات الصينية تقبل حقيقة أن عليها أن ترفع الأجور مثلما أن على الأجانب تقبّل أن الصين ما عادت ذلك المكان الأمثل لإنتاج السلع بالقدر الأدنى من التكاليف. وهذا كله سيصب في ارتفاع الأسعار سواء بالنسبة إلى الصين أو لبقية العالمraquo;.

يذكر أن دراسات سابقة قالت إنه بحلول 2015 ستبدأ شريحة العاملين دون 65 بالانكماش لمصلحة ما فوقها، بحيث يصبح عدد المسنين ثلاثة أضعاف العدد الحالي. وسيعني هذا أن الصين ستصبح هي الدولة الأولى التي laquo;ستشيخraquo; قبل انضمامها الى نادي الدول المتطورة. وبعبارة أخرى فهي ستصبح عجوزًا قبل أن تصبح ثرية.

ومن أجل تلافي هذا المصير، ظلت الصين تجاهد ما استطاعت من أجل اجتذاب صناعات العالم ورأسماله، قبل أن ترجح كفة ميزان أيديها العاملة المسنّة على حساب الشبابية. لكن تلك الدراسات تقول إنها تفعل هذا عبر تجاهل الحقوق التقاعدية والصحية لطبقة المسنين. ويقول زانغ إن السيناريو الذي وضعته تلك الدراسات للمستقبل هو ما يحدث في الحاضر.