كشف تقرير عن ضلوع مصرف اميركي كبير في تبييض مليارات الدولارات التي مصدرها عصابات اجرامية مكسيكية لتهريب المخدرات فيما توصلت تحقيقات السلطات الاميركية الى ان هذه المليارات وجدت طريقها الى النظام المالي.


ترجمةعبد الاله مجيد: كانت القوات المكسيكية اعترضت في نيسان ـ ابريل عام 2006 طائرة هبطت في مدينة سويداد ديل كارمن في خليح المكسيك لتعثر ضمن حمولتها على 128 صندوقا فيها 5.7 طن من الكوكائين قيمتها 100 مليون دولار، ولكن السلطات المكسيكية عثرت على ما هو أهم وابلغ أثرا عندما قادت الخيوط الورقية الى شراء الطائرة لحساب عصابة سينالوا المكسيكية المتخصصة بتهريب المخدرات.

فتحت هذه الحادثة تحقيقات اجرتها اجهزة اميركية بينها ادارة مكافحة المخدرات ومصلحة الضرائب. وبعد 22 شهرا من التحري اتضح ان المهربين ابتاعوا الطائرة بأموال تمكنوا من تبييضها عبر واحد من اكبر المصارف الاميركية هو مصرف واكوفيا التابع الآن لمجموعة ويلز فارغو العملاقة.

واكتشفت السلطات تحويلات وشيكات مسافرين وشحنات من النقد الصلب بقيمة مليارات الدولارات عبر مبادلات مكسيكية الى حسابات في مصرف واكوفيا. وأُخضع المصرف للتحقيق على الفور بسبب امتناعه عن تنفيذ برنامج فاعل لمكافحة تبييص الأموال في عملياته. ومما له مغزاه ان العملية بدأت في عام 2004 الذي تزامن مع تصعيد اعمال العنف على امتداد الحدود الاميركية المكسيكية مفجرة حرب المخدرات المستعرة حتى اليوم.

وبدأت ملاحقة مصرف واكوفيا جنائيا دون ان تطاول افرادا فيه ولكن القضية لم تصل قط الى المحاكم ، بحسب صحيفة الاوبزرفر البريطانية في تقرير عن دور المصرف في تبييض الأموال. وقال التقرير ان المصرف تمكن في آذار ـ مارس عام 2010 من تسوية أكبر دعوى تقام عليه بموجب قانون سرية المصارف الاميركي. وأفلت المصرف من الملاحقة بعد ان دفع للسلطات الفيدرالية 110 ملايين دولار مقابل عدم مقاضاته عن صفقات اتضح لاحقا انها ترتبط بتهريب مخدرات وغرامة قدرها 50 مليون دولار لتخلفه عن مراقبة نقود استخدمت لنقل 22 طنا من الكوكائين.

واضاف التقرير ان ما هو أهم واشد اثارة للاستغراب هو اعفاء المصرف عن تقصيره في تطبيق الضوابط اللازمة لمكافحة تبييض الأموال في تحويل 378.4 مليار دولار تعادل ثلث اجمالي الناتج المحلي للمكسيك ، الى حسابات بالدولار مما يُسمى بيوتا مالية يتعامل معها المصرف في المكسيك.

وقال المدعي الفيدرالي الاميركي جيفري سلومان quot;ان تجاهل مصرف واكوفيا الصارخ للقوانين المصرفية اعطى عصابات دولية لتجارة الكوكائين كارت بلانش لتمويل عملياتهاquot;. ومع ذلك كان اجمالي الغرامة المالية التي فرضت على المصرف تقل عن 2 في المئة من ارباحه التي بلغت 1.3 مليون دولار في عام 2009.

واكد تقرير الاوبزرفر ان غلق ملف القضية لم يكن إلا الطرف الظاهر من جبل الجليد العائم بعد كشفها عن دور القطاع المصرفي quot;القانونيquot; في تدوير مئات المليارات خلال عملياته حول العالم التي يتولى دافع الضرائب تأمينها في الوقت الحاضر رغم انها اموال ملطخة بالدم ، مصدرها تجارة المخدرات الاجرامية في المكسيك ومناطق اخرى من العالم.

وقال المدعي العام خوسيه لويس مارموليخو الذي قاضى احد بيوت التبادل المالي المكسيكية ان مصرف واكوفيا كان يتولى جميع التحويلات ولم يبلغ ذات يوم عن أي عمليات مشبوهة. واعترف مصرف واكوفيا في وثيقة التسوية مع الحكومة الفيدرالية بأنه كان يدرك مثل هذه المخاطر منذ عام 2004 ولكنه رغم التحذيرات استمر في التعامل مع هذه البيوت.

وتبين وثائق حصلت عليها صحيفة الاوبزرفر ان التحذيرات التي تجاهلها المصرف صدرت ، الى جانب اطراف اخرى ، من لندن نتيجة العمل المثابر لموظف اسمه مارتن وودز التحق بفرع مصرف واكوفيا في العاصمة البريطانية عام 2005 حيث عمل خبيرا في مكافحة تبييض الأموال. وكشف وودز في سلسلة مقابلات مع الاوبزرفر مزيدا من التفاصيل التي تميط اللثام عن قصة ضلوع مصرف واكوفيا في واحدة من اكبر عمليات تبييض الأموال في العلم ، على حد وصف الصحيفة.

وكانت مجموعة ويلز فارغو استملكت مصرف واكوفيا خلال ازمة 2008 المالية عندما تلقت المجموعة دعما قدره 25 مليار دولار من اموال دافعي الضرائب الاميركيين. ولكن الادعاء العام في قضية المصرف اكد ان المجموعة لم ترتكب مخالفة وانها تعاونت تعاونا تاما مع المحققين.

حين كان انطونيو ماريا كوستا رئيس مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات في ذروة الأزمة المصرفية عام 2008 اعلن ان لديه أدلة تشير الى ان ريع تجارة المخدرات والجريمة هو quot;رأس المال الاستثماري السائل الوحيدquot; المتاح للمصارف التي تقف على حافة الانهيار. وقال كوستا quot;ان تمويل القروض التي تُمنح بين المصارف نفسها يجري بأموال مصدرها تجارة المخدرات. وهناك ما يشير الى انقاذ بعض المصارف بهذه الطريقةquot;.