أكد عدد من المختصين والمسؤولين والمهندسين أنه أصبح متاحا الآن أمام المزارعين الفلسطينيين زراعة البطيخ مجددا في الأراضي الفلسطينية بعد إنتاج أصناف يمكنها التغلب على مشاكل وأمراض التربة التي أجهضت زراعة البطيخ لأكثر من عقدين من الزمن.
رام الله: أكد المهندس سمير الجنيدي، أحد مالكي مشتل الجنيدي في محافظة نابلس، في لقاء خاص مع quot;إيلافquot; أن فكرة إعادة زراعة البطيخ في الأراضي الفلسطينية من جديد، جاءت في أعقاب النتائج الإيجابية التي تم التوصل إليها بعد التجارب العديدة التي أجريت في المشتل بالتعاون مع مركز البحوث التابع لوزارة الزراعة حيث تم تركيب بطيخ من الأصناف البلدية على عدة أصول محلية ومنها اليقطين والقرع والقرع العسلي والليف.
ولفت إلى أنه وعلى ضوء هذه النتائج تم عمل مناقشات بحضور ومشاركة المزارعين والمهندسين والمرشدين في الدوائر الزراعية وقام المشتل بتغطية كافة المصاريف المتعلقة بالتجربة ومرفقاتها لتعميمها وإنجاحها.
آليات العمل
وبخصوص آلية العمل لإنتاج هذا الصنف من البطيخ، قال الجنيدي: quot;تم بناء الوحدات اللازمة لعملية التركيب في (الحاضنة) التي تمثل أساس العمل وأهم مرحلة في عملية التركيب والتشتيل حيث يتم خلالها quot;تركيب بطيخ من نوع كريسيون وملالي والأصل يقطين محليquot; وبذلك تم إيجاد أصول محلية بغرض التوفير قدر الإمكان على المزارعين والتقليل من الاستيرادquot;.
أسباب غياب زراعة البطيخ
وذكر الجنيدي أن زراعة البطيخ تعود الآن مجددا بعد غياب استمر نحو عقدين من الزمن لأسباب عدة أهمها: إصابة التربة بأمراض عديدة هاجمت نبات البطيخ، وخشية المزارعين من خسائر فادحة لعدم قدرتهم على التغلب على هذه المشكلة.
ونفى وجود أية إشكاليات تتعلق بغياب زراعته لأسباب سياسية نتيجة الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدا أن الأمر متعلق فقط بالمشاكل الموجودة بالتربة.
وأكد أن غياب استيراد البضائع من المستوطنات نظرا لتطبيق قانون منع الاستيراد من المستوطنات سيفتح المجال واسعا أمام المزارعين من حيث الاستفادة، معربا عن أمله في أن يتم استكمال ما تم العمل به وأن تشهد المواسم القادمة زيادة في هذا التوجه لتشمل بقية المناطق الزراعية.
وتطرق الجنيدي للحديث عن تركيب أشتال الخضراوات وهي الوحدة الأولى من نوعها في فلسطين وتحقق جملة من الفوائد المهمة ومنها: زراعة أصناف في مناطق لم تعد صالحة لزراعة هذه الأصناف بحيث يكون الأصل المستخدم ذا مناعة قوية للأمراض الموجودة، ورفع كفاءة الانتاج في المزارع بحيث تسمح هذه العملية بخلق تجانس في نوعية المنتوج وزيادة في كمية الانتاج بمعدل يتراوح ما بين 20-25% الأمر الذي يشكل دخلا أفضل للمزارعين، إضافة إلى التقليل من نسبة السمية في الخضراوات.
ميزات البطيخ الفلسطيني
وبخصوص الميزات التي سيتمتع بها البطيخ الفلسطيني، أكد الجنيدي أن البطيخ سيمتاز بالطعم والنكهة وإمكانية تخزينه لفترة أطول بمدة تعادل شهرين بعد انتهاء الموسم، كما أن استخدام المواد الكيماوية سيكون قليلا، إضافة إلى أن الدخل والعائد سيكون جيدا بالنسبة إلى المزارعين الأمر الذي سيعزز التوجه نحو الاستثمار في هذا القطاع.
ضغوط إسرائيلية لمواصلة الاستيراد
وفي ما يتعلق بتوجهات وزارة الزراعة لإعادة زراعة البطيخ، قال وزير الزراعة إسماعيل دعيق في لقاء خاص مع quot;إيلافquot;: quot;إن هدف الوزارة في زراعة البطيخ يأتي لسد الاحتياجات المحلية وإمكانية التصدير في المستقبل، منوها بأن الأراضي الفلسطينية كانت تشهد زراعة نحو اثني عشر صنفا في الماضي من البطيخ لا سيما في محافظة جنينquot;.
وأوضح دعيق أن ما يميز زراعة البطيخ الفلسطيني هو أنه يروى بمياه نظيفة ويتحمل العطش ويغني عن البطيخ الذي يزرع في المستوطنات الإسرائيلية.
وقال وزير الزراعة: quot;إذا ما أردنا منع استيراد البطيخ من المستوطنات يتطلب ذلك توفير البديل وهو ما قمنا بعمله في هذا المشروع، متوقعا نجاح المشروع بصورة جيدة في ظل تجاوب المزارعينquot;.
وعن إمكانية تعرض السلطة لضغوط إسرائيلية بسبب زراعة البطيخ أو منع استيراده من إسرائيل على غرار ما جرى العام الماضي، قال وزير الزراعة: quot;توجد ضغوط إسرائيلية منذ اليوم الأول لهذا التوجه، لافتا إلى أن العام الماضي قامت الوزارة ولأول مرة بالكشف عن مزارع البطيخ في إسرائيل وتم التأكد أنها تزرع في إسرائيل وليس داخل المستوطنات، وسنقوم بعمل الإجراء نفسه قبل استيراد أي كمية من إسرائيلquot;.
وعن كمية الانتاج المتوقعة أوضح دعيق أن المتوقع يبلغ نحو عشرة آلاف طن وهي كمية بسيطة إذا ما قورنت بحجم الاستهلاك السنوي الذي يقارب نحو مائة ألف طن، منوها بأن الاعتماد على الاستيراد من إسرائيل سيستمر حتى يتم تحقيق الاكتفاء الذاتي.
وزارة الزراعة تدعم المشروع
وعن رؤية وزارة الزراعة، أكد سعيد اللحام مدير دائرة الخضار والزهور في الإدارة العامة للارشاد في وزارة الزراعة في اتصال هاتفي مع quot;إيلافquot;، أن الوزارة دعمت هذا المشروع وتعمل على متابعته لإنجاحه بعد غياب استمر نحو عقدين من الزمن.
وأشار إلى أن هذه الأمور دفعت الوزارة إلى التفكير بإعادة زراعة البطيخ وتم التوصل بالتعاون مع عدة جهات إلى أن التطعيم هو الحل المناسب وتم عمل حقول مشاهدة تجريبية في عدة مواقع في أريحا والنصارية في محافظة نابلس وكانت النتائج عالية حيث قدرت انتاجية الدونم الزراعي بنحو تسعة أطنان وبكمية سماد ومياه أقل من المعتادquot;.
وذكر أن اليقطين يعد أفضل الأصول المستخدمة في الدول المتقدمة، لافتا إلى أن النتائج التي تم الحصول عليها تم عرضها على الوزير ووزير الوزراء حيث تم إقرار زراعة مئات الدونمات للحصول على عدة أهداف أهمها تدريب المشاتل وتبني الفكرة لاحقا، وأن يتحقق المزارعون من النتائج لضمان تطبيقها، وأن يصبح لدى المرشدين الخبرة الكافية للقيام بهذه الفكرة.
يذكر أن مشتل الجنيدي الزراعي الذي اجرى هذه التجربة كان قد تأسس عام 1986 في نابلس وامتد نشاطه واتساعه ليطال مناطق عدة، ويمتاز بوجود عدد من المهندسين ذوي الخبرة ويتعاون بشكل وثيق مع كلية الزراعة في جامعة النجاح الوطنية.
التعليقات