جدة: أوضح سعيد الشيخ كبير إقتصاديي مجموعة البنك الأهلي أن إجمالي الناتج المحلي للقطاع الصحي في السعودية يبلغ 74 مليار مليار ريال خلال العام الحالي 2011، وأنه من المتوقع أن يبلغ إجمالي إستثمارات القطاع الخاص في السعة السريرية إلى 9.6 مليار ريال حتى 2015. جاء ذلك في دراسة خاصة أعدها د. الشيخ عن واقع ومستقبل القطاع الصحي في المملكة. وفيما يلي نص الدراسة:

تتمتع المملكة العربية السعودية بأكبر قطاع رعاية صحية في دول مجلس التعاون الخليجي، الذي يضم البنية التحتية الأكثر تطوراً بالمنطقة، وأحدث التجهيزات والمعدات الطبية. وفي حين لا تزال وزارة الصحة السعودية الممول الرئيسي لهذا القطاع، إلا أن التمويل الحكومي سيكون غير كاف للوفاء باحتياجات الرعاية الصحية المتزايدة لعدد سكان المملكة الدائم النمو.

وأوضح أن هيكلة قطاع الرعاية الصحية بالمملكة مجزأة إلى ثلاث جبهات، حيث تنهض بأعبائه وزارة الصحة، إضافة إلى فعاليات أخرى من القطاع العام، تشمل وزارة الدفاع، والحرس الوطني، ووزارة الداخلية، وكليات الطب، وشركة أرامكو السعودية، إلى جانب القطاع الخاص. وبنهاية عام 2009، بلغ عدد المستشفيات العاملة 408، وعدد مراكز العناية الصحية الأولية 2.037. وبلغ عدد زيارات العيادات الخارجية ودخول المرضى الداخليين (التنويم) 131 مليون و3 مليون على التوالي في عام 2009.

وسيواصل الطلب على خدمات الرعاية الصحية الارتفاع خلال السنوات الخمس المقبلة، مدفوعاً بالنمو السكاني السريع، وتزايد حجم شريحة كبار السن من السكان، وانتشار الأمراض غير السارية طويلة الأجل. وفي حين أن الحكومة قد اتخذت خطوات عظيمة في سبيل تعزيز نظم تقديم الرعاية الصحية، إلا أنها لم تبلغ تحقيق جميع أهدافها المرصودة في خطط التنمية السعودية المتعاقبة.

واستناداً على ذلك، طُرحت العديد من المبادرات لتشجيع القطاع الخاص على المشاركة في هذا الميدان؛ مثل تسهيل التمويل من قبل مؤسسات الإقراض. وتكمن فرص مقدمي الخدمات الصحية من القطاع الخاص في:مراكز الرعاية الصحية الأولية، والمراكز التخصصية. وفي حين أن جهود الحكومة تتوزع بين توفير خدمات الرعاية الصحية على هذه المستويات، إلا أن هناك فرص إيرادات أكبر للقطاع الخاص في المراكز التخصصية. علاوة على ذلك، فإن خطة التأمين الصحي الشامل المرتقبة، تمثل عاملاً محفّزاً لدفع المزيد من مشاركة القطاع الخاص في الرعاية الصحية.

حجم السوق

(أ) حصة قطاع الرعاية الصحية من الناتج المحلي الإجمالي
وفقاً للبنك الدولي، مثلّ قطاع الرعاية الصحية 3.3 % من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة العربية السعودية بالأسعار الجارية في عام ٢٠٠٨ ndash; اي ما يعادل 58.9 مليار ريال، حيث يشكل القطاع الصحي العام حصة ٢٫۳% من الناتج المحلي الإجمالي؛ بينما تبلغ حصة القطاع الصحي الخاص ١%. وفيما بين عامي ٢٠٠٠ و۲٠٠۹ نما الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية بمعدل سنوي بلغ ٧٫۹%. وفي عام ٢٠٠۹ يقدر بأن حصة القطاع العام من قطاع الصحة ما زالت تتأرجح حول ٧٧%، في حين شكلت مساهمة القطاع الخاص في قطاع الصحة ٢۳%. وبلغ متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي للرعاية الصحية ٢٫٥٠٦ريال تقريباً في ذاك العام

الإنفاق الصحي الحكومي

أورد التقرير السنوي لعام ۲٠٠۹ لوزارة الصحة حدوث زيادة بنسبة ۹% في الإنفاق الرأسمالي، إذ بلغ ٢٫٨ مليار ريال، بما ينسجم مع مبادرات الحكومة، وما تضمنته ميزانية عام ٢٠١٠ من زيادة عدد المراكز الصحية والمستشفيات بالمملكة. أيضاً، ما زالت المرتبات والأجور تشكل حوالي ٥٠% من إجمالي مخصصات وزارة الصحة، وبلغت ١٤٫٤ مليار ريال، أي فاقت الضعف خلال الفترة من عام ۲٠٠٠ إلى عام ۲٠٠۹.
الرسم البياني (۲): مخصصات الإنفاق وزارة الصحة

وتضمنت ميزانية الدولة لعام ۲٠١١، والتي تم إعلانها في شهر ديسمبر من عام ٢٠١٠، أن حصة نفقات الصحة والشؤون الإجتماعية ستزيد إلى ١١٫٨% من إجمالي الميزانية، مرتفعاً بنسبة ١۲٫۳% عنه في السنة الماضية. وبدراسة التقارير السنوية لوزارة الصحة للسنوات الماضية، نجد أن الصحة وحدها تشكل نحو ٨٠% من إجمالي مخصصات الصحة والشؤون الإجتماعية. وفي عام ۲٠٠۹، تراجعت هذه النسبة إلى ٥٦% تقريباً. ونظراً إلى تزايد برامج التوعية الإجتماعية، والبدء في مبادرات للرعاية الوقائية، يرجح أن يتواصل هذا التوجه (الجدول رقم ١). أيضاً تم تمويل مشاريع صحية إضافية من فوائض الميزانيات السابقة، خصوصاً خلال الأعوام من عام ۲٠٠٤ إلى عام ۲٠٠٦. وبحلول عام ۲٠٠۹، بلغ إجمالي هذا التمويل ٥٫۹ مليار ريال، تم توزيعها عبر المملكة على ١٫٤۹۹ مشروع إضافي.

الإنفاق القطاع الصحي العام للجهات الحكومية الأخرى

لتقدير حجم الإنفاق الصحي للجهات الحكومية الأخرى في عام ۲٠٠۹، الاسترشاد بمتوسط الإنفاق التشغيلي للسرير الواحد التابع لوزارة الصحة خلال نفس العام، والذي بلغ ٨٨٧٫٠٦٠ ريال كمقياس بعد تعديله إلى ١٫١ مليون ريال للسرير، وذلك ليعكس المستوى الأفضل والأغلى عموماً للرعاية التي يتم تقديمها من قبل الجهات الحكومية الأخرى. وبناء على ذلك، على أساس ١٠٫٨٢٢ سريراً متوفر لهذه الجهات الأخرى، فقد تم تقدير إنفاق هذه الجهات لعام ۲٠٠۹ بحوالي ١۲ مليار ريال.

إيرادات القطاع الصحي الخاص

قدرت إيرادات مشغلي المستشفيات الخاصة بحوالي ۲۲٫١ مليار ريال، و۲٥٫٤مليار ريال في عامي ۲٠٠۹ و٢٠١٠ على التوالي؛ وذلك استنادا على: (١) عدد مرضى التنويم الذي بلغ ٨٦۹٫٦٨٢ مريض في عام ۲٠٠۹، بمتوسط تكلفة يتحملها المريض لفترة تنويمه تقدر بحوالي ٨٫٠٠٠ ريال، (٢) عدد زيارات المرضى الخارجيين الذي بلغ ۳۹٫٧٤٠٫٦٨٠ زيارة في عام ۲٠٠۹، بمتوسط تكلفة يتحملها المريض بلغ ۳٨٠ريال. أما فيما يخص عام ٢٠١٠، ففي تقديرنا أن أعداد مرضى التنويم وزيارات الخارجيين زادت بنسبة ٥% و٨% على التوالي، مع زيادة متوقعة في متوسط تكلفة على المريض الخارجي إلى ٤۲٠ ريال للزيارة الواحدة (الجدول رقم ۲).

التأمين الصحي

وفي مسعى لتشجيع المزيد من المشاركة في الرعاية الصحية، اعلنت المملكة في شهر يناير من عام ۲٠٠٦التغطية التأمينية الطبية الإلزامية لغير السعوديين المقيمين بصفة شرعية بالبلاد والعاملين بها. وفي حين أن هذا الإلزام يطبق حالياً فقط على الأجانب وموظفي القطاع الخاص، إلا أنه سيتم تطبيقه لاحقاً على الموظفين السعوديين على حد سواء.

يتضمن سوق الأسهم السعودي (تداول) ۳١ شركة تأمين، منها ۲٥ شركة تقدم خدمات التأمين الطبي. وبنهاية عام ٢٠١٠ بلغت رسملة سوق التأمين ٢۲٫١ مليار ريال. ووفقاً لمؤسسة النقد العربي السعودي، فإن التأمين الصحي، بشقيه الألزامي وغير الإلزامي، شكل ٤۹٫۹% من إجمالي أقساط التأمين المسجلة بنهاية عام ۲٠٠۹، وبلغ ٧٫۳مليار ريال. وهذا يمثل نمواً على أساس سنوي بمعدل ٤۹% خلال فترة الثلاث سنوات بين عامي ۲٠٠٦ و۲٠٠۹، منذ تطبيق التأمين الصحي الإلزامي. ليبلغ التأمين الصحي ۲٫٤۹ مليار ريال من الزيادة المسجلة في إجمالي أقساط التأمين في عام ۲٠٠۹ والتي بلغت ۳٫٦۹ مليار ريال.

ووفقاً لمصادر في قطاع التأمين، فإن نحو ٧ مليون شخص تقريباً حملوا وثائق تأمين بنهاية عام ۲٠٠۹، حيث دفعوا متوسط قسط سنوي بلغ ١٫٠٤۲ ريال للفرد. وفي ذلك العام، بلغ عدد الوحدات الصحية الخاصة (وتشمل المستشفيات والعيادات الخاصة والمراكز الصحية الأخرى) والمتعاقدة مع شركات التأمين حوالي ١٫٧۳٦ وحدة حتى نهاية عام۲٠٠۹. ونتوقع بأن يرتفع هذا الرقم، مع تزايد التغطية التأمينية لتشمل المزيد من الناس.

ومن الجدير بالتنويه أنه مع تولي التأمين الصحي الدور الأساسي كوسيلة الدفع للمرضى، إلا أن فجوة الاتصال بين مقومي الخدمات الصحية وشركات التأمين لا تزال في إتساع. وقد ينتج عن ذلك تأخير في المستحقات المالية، مما يزيد عبء فترة التحصيل الطويلة بالفعل الآن، وينشيء مخاطر ائتمانية لمزودي الخدمات الطبية. وإن عدم وجود قاعدة بيانات مركزية لحاملي وثائق التأمين، بحيت توفر تتبعاً لمختلف موارد الخدمات الطبية، قد يؤدي إلى رفض المطالبات من قبل بعض شركات التأمين. وإذا استصحبنا مع ذلك نسبة رفض قائمة دوماً لمطالبات من قبل شركات التأمين، فقد يؤدي ذلك إلى التأثير على جودة الخدمة الطبية المقدمة وينعكس في إهمال وتقصير من جانب مزودي الخدمات الطبية.

إضافة إلى ذلك، ومع نمو سوق التأمين، فقد تقل هوامش الأرباح العائدة لمزودي الخدمات الطبية، وعلى نحو خاص العيادات الطبية، التي سيتعين عليها التعامل مع أعداد متزايدة من شركات التأمين التي تتواطأ فيما بينها. ومن مصادر القلق الأخرى، طبيعة سوق التأمين السعودي الشبه احتكارية، مما يجعل الشركات تقاوم زيادة الأسعار، وفي ذات الوقت تفرض حسومات على مقومي الخدمات الطبية.