الجدل يتصاعد حول وكالات التصنيف الإئتماني

في مجال يضم برني مادوف وشركة A I G الأميركية للتأمين وبنكي ليمان براذرز وبير ستيرنز، من الصعب نيل جائزة المؤسسة المالية الأكثر بغضاً من الجانب العلني، لكن وكالات التصنيف الائتماني بدأت تخوض معركةً حامية الوطيس على هذا الصعيد.


القاهرة: لم تشهد أي مؤسسة حالة الصخب السياسي نفسها التي شهدتها وكالات التصنيف الثلاث الرئيسة: ستاندرد أند بورز وموديز وفيتش على مدار الأسابيع الماضية.

في هذا السياق، قالت اليوم مجلة فورين بوليسي الأميركية إن تلك الوكالات تستحق قدرًا كبيرًا من الانتقادات التي وُجِّهَت إليها، مبررةً ذلك بأنها فشلت في دق ناقوس الخطر في الوقت المناسب في ما يتعلق بأخطار الرهون العقارية الأميركية والمشتقات والأوراق المالية التي تستند عليها.

وبحسب ما ورد في تقرير لجنة التحقيق في الأزمة المالية الأميركية للعام 2011، فقد لعبت وكالات التصنيف دوراً بارزاً في حدوث الانهيار المالي والتوابع الاقتصادية التي أعقبت الأزمة المالية عام 2008.

فقد قام المصنفون فقط بخفض الأصول المريبة (غير الثابتة) عام 2007، رغم الحقيقة التي تقول إنهم كانوا على دراية منذ عام على الأقل بحجم فقاعة الرهن العقاري. وبالنظر إلى أن وكالات التصنيف تمتلك تفويضاً يتيح لها اطلاع المستثمرين على المخاطر الائتمانية، كان من الصعب تصور حدوث فشل أكثر ضخامة.

ثم مضت المجلة لتقول إن تلك المؤسسات بحاجة ماسة لإصلاحها بصورة شاملة. لكنها أوضحت أن الخطر الأكبر الذي يواجه الأسواق والحكومات والمستثمرين في الوقت الراهن، لا يتمثل في عدم كفاءة وكالات التصنيف، بل في أن الجهود الحكومية لإصلاحها سيتم تحريكها بشكل كبير بضرورة ضمان الاستقرار الاقتصادي على المدى القريب، ومن ثم تقويض استقلالها وسلامتها على نحو مهلك.

وتابعت فورين بوليسي بقولها إن فعالية الأسواق ونزاهة المنافسة ترتكزان على الوصول إلى بيانات ومعلومات ذات مصداقية. وأكدت في الإطار عينه كذلك أن تسييس لعبة التصنيفات لن يعمل إلا على زيادة الأوضاع سوءًا في المستقبل القريب والبعيد.

وخلال الأزمة المالية، كان المصنفون قريبين للغاية من المؤسسات المالية التي يفترض تقويمهم لديونها. وقد اُتُهِموا في بعض الحالات بأنهم كانوا ينصحون البنوك بشأن الطريقة التي يمكنهم من خلالها تطوير منتجات مالية جديدة لكسب تقويمات أفضل. وقد قامت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بتمرير إصلاحات على مدار العام الماضي عَمِلت بصورة ما على تحسين تنظيم مُقَوّمي الائتمان، بفرضهما مثلاً مجموعة قواعد تتطلب مزيداً من الشفافية في تخصيص التصنيفات الائتمانية.

كما لفتت المجلة إلى وجود أخطار متزايدة وأكثر إلحاحاً بأن الحكومات، وبخاصة في أوروبا، ستقوم بتسييس تلك العملية الإصلاحية للضغط على المصنفين الائتمانيين، وكذلك باقي مزودي التقويمات المستقلين، لإخفاء التحليلات السلبية.

وعندما تواجه الحكومات احتمالات حدوث أزمة أخرى، فإنها تفضل التقويمات الملائمة والإيجابية عن التقويمات الدقيقة والعادلة. وفي الختام، تحدثت المجلة عن السيناريو الذي كان يُتَوقع حدوثه، إن كانت وكالات التصنيف قد قامت بمهمتها بصورة صحيحة في السابق. ورأت المجلة أن تصور أمور افتراضية كهذه من شأنه أن يثير مزيداً من التساؤلات، وإن كانت هناك إمكانية لاستخلاص بعض الافتراضات المنطقية.