قبل أيام من أعياد الميلاد ورأس السنة، تبدو الأمور قاتمة في القطاع السياحي اللبناني، إذ نبّه أرباب هذا القطاع إلى أن موسم الأعياد المقبلة هو الفرصة الأخيرة قبل أن تبادر مؤسسات سياحية عديدة إلى إعلان إفلاسها.


هيثم الطبش من بيروت: عندما رفع أصحاب المؤسسات السياحية في لبنان الصوت بنهاية موسم صيفي، ربما كان الأفشل منذ سنوات، محذّرين من انهيار القطاع السياحي، نبّهوا حينها إلى أن موسم الأعياد سيكون الفرصة الأخيرة، لتلتقط المؤسسات السياحية أنفاسها، وتعوّض بعض خسائرها، وإلا سيكون الإفلاس والإقفال مصيرها المحتوم.

الوضع كارثي
لم تعد الظلمة، التي تلفّ طبقات كاملة من فنادق عدة، مشهدًا مستغربًا في بيروت، فخفض كلفة التشغيل هو الإستراتيجية الجديدة المعتمدة لمحاولة وقف النزف، من خلال إنهاء خدمات مئات الموظفين.
وسوء الحال لم يحاصر القطاع الفندقي فحسب، بل تعداه إلى قطاع المطاعم والمقاهي، التي تكبدت خسائر فادحة، اضطرت معها إلى تأجيل سداد قروض مصرفية وخفض رواتب موظفين في أحسن الأحوال.

إختصر بيار الأشقر، نقيب أصحاب الفنادق في لبنان، في حديث لـ quot;إيلافquot; الصورة بكلمتين: quot;الوضع كارثيquot;. وأكّد أن المؤشرات سيئة بكل ما للكلمة من معنى، وقال: quot;لا تتجاوز نسبة الإشغال الفندقي 35 في المئة في أحسن الأحوال، بما فيها حجوزات غير مؤكدة ستخفض معدّل الإشغال إلى 25 في المئة، إذا ألغيتquot;.

خفض القدرة التشغيلية
أوضح الأشقر أن القطاع الفندقي فقد حافزًا أساسيًا يتمثّل في القدرة على استقطاب السائح الخليجي. قال: quot;عندما كان لبنان يمر في أزمات، كان لدينا أمل بأن السيّاح العرب سيأتون عندما تستقر الأمور، اليوم فقدنا هذا الامل في ظل الأزمات التي نعانيها على المستويين الداخلي والإقليميquot;.

أضاف: quot;غني عن القول إن السيّاح الأوروبيين لا يشكّلون ركنًا أساسيًا في السياحة اللبنانية، كما إن الأزمة المالية التي تعصف بأوروبا صعّبت قدوم بعض الأوروبيين إلى لبنانquot;. وأبدى عتبًا على وزير السياحة فادي عبود، الذي ذهب إلى البرازيل للترويج للبنان، quot;ولا نعتقد أن السيّاح البرازيليين سيزحفون إلى لبنانquot;.

اعترف الأشقر بأن بعض المؤسسات الفندقية إضطرت إلى خفض عدد موظفيها، وإلى إقفال أقسام تعادل 80 في المئة من قدرتها التشغيلية، بهدف خفض كلفة التشغيل. وأشار إلى أن الفنادق اضطرت إلى خفض أسعار الغرف لتنافس وتجذب السيّاح، وإلى إلغاء الحفلات الكبيرة quot;لأن الفنانين من الصف الأول لا يريدون المجازفة بإقامة حفلات يكون مصيرها الفشل وعدم الإقبالquot;.

إلتقاط الأنفاس
لم يكن رأي جان بيروتي، أمين عام النقابات السياحية، مختلفًا عن رأي الأشقر، إذ أشار إلى أن quot;القطاع السياحي في لبنان يدفع ثمن الكباش السياسي الحاصل في البلدquot;، لافتًا إلى أن المقوّمات السياحية، التي طالما تمتع بها لبنان، انقلبت اليوم لتكون عاملًا سلبيًا في ظل الانقسام السياسي الحاد.

وقال بيروتي لـ quot;إيلافquot; إن القوى السياسية المشتبكة تدفع بالقطاع السياحي إلى حافة الهاوية، quot;فالحجوزات الموجودة ضعيفة جدًا، وإن زادت، فإن هذا لا يعني شيئًا، لأن أية حجوزات يمكن أن تلغى في الدقائق الأخيرة، وهذا ليس دليلًا كافيًا، فحركة القطاع السياحي عند حدودها الدنيا منذ سنواتquot;.

أضاف: quot;الأوضاع المالية للمؤسسات السياحيّة متردية، ولو لم نسمع بإقفال أو إفلاس على نطاق واسع، فالقطاع الذي خسر السيّاح في عيدي الفطر والأضحى يعوّل حاليًا على عيدي الميلاد ورأس السنة لالتقاط الأنفاس لا أكثر، وإذا لم ينجح ذلك فلا شك في أننا سنشهد إقفال مؤسسات عدة في مطلع العام المقبلquot;.

الخليجيون غائبون
هذه الحال السيئة تنسحب على مختلف مرافق القطاع السياحي، وتطاول شركات تأجير السيارات. وفي هذا السياق، أكد محمد عيتاني، الموظف في إحدى شركات تأجير السيارات، أن الموسم حاليًا quot;ليس في أحسن أحوالهquot;.

وشرح قائلًا: quot;الزبائن الأجانب والخليجيون غائبون تمامًا، والإعتماد الأكبر على المغتربين اللبنانيينquot;. وأوضح أن الوضع الاقتصادي السائد يمنع اللبنانيين من استئجار سيارة لفترات طويلة، وأن عمليات التأجير تنحصر في نهاية الأسبوع.

أضاف: quot;إيجار سيارات الفئات الكبيرة متوقف تمامًا، والسيارات المتوسطة تلقى إقبالًا ضعيفًا. أما السيارات الصغيرة فهي مرغوبة، لكن تأجيرها أقل من المعدل بنحو 40 في المئةquot;.

وتابع قائلًا: quot;كنا نؤجّر بعض السيارات بثلاثين دولارًا، اليوم خفضنا هذا السعر إلى عشرين دولارًا، ومع ذلك تبقى الحركة ضعيفةquot;.