ليس صدفة أن يكون لبنان الاكثر فسادًا على المستويين الاقليمي والعالمي، فالفساد متأصّل في النفوس من المواطنين الى المسؤولين، اما فرص استئصال هذا الفساد ففالج لا تعالج.


بيروت: أعلنت quot;الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية - لا فسادquot; احتلال لبنان في مؤشر مدركات الفساد عام 2012 مراتب متدنية عربيًا وعالميًا، ما يعني أنه بين أكثر الدول فسادًا على المستويين الإقليمي والدولي، حيث جاء في المركز 128 عالميًا من أصل 176 دولة واحتل عربيًا المرتبة الـ14 من أصل 21 دولة شملها المؤشر، متقدمًا فقط على جزر القمر، سوريا، اليمن، ليبيا، العراق، السودان والصومال.

في هذا الصدد، يرى الخبير الاقتصادي لويس حبيقة في حديثه لـquot;إيلافquot; أن لبنان منذ زمن من الدول الاكثر فسادًا، وهذا ليس بأمر جديد، ومرتبته تتغيّر لكنها تبقى ثابتة، وهذا يعني أن لبنان اقتصاديًا غير جاذب للاستثمار كما يجب.

ومشكلة الفساد أنه يزيد الصعوبة في الاستثمارات، ولا يأتي المستثمرون من اجل الرشوة، من هنا خطورته، وعندما يتوجه المستثمر الى دولة تكلفه الكثير من الرشاوى، لا يذهب بالاصل.

ويضيف:quot; كل القطاعات في لبنان تحتوي على رشوة وفساد ومافيات، لأن الفساد ليس فقط رشوة بل ايضًا طريقة التعامل مع المستثمر والمواطن.

اما كيف يؤثر الفساد مباشرة على الاستثمار في لبنان، يقول حبيقة:quot; الفساد يزيد كلفة الاستثمار، وعندها يتوجه الاستثمار الى بلدان أخرى حيث الفساد اقلquot;.

من هنا الفساد هو عنصر اساسي في ابعاد الاستثمار عن لبنان، كما أنه يوحي بجو ضبابي في الوضع الاقتصادي ككل.

المواطن: المسؤول الاول

اما من المسؤول الرئيسي عن الفساد في لبنان؟ فيجيب حبيقة المسؤول الاول هو الشعب اللبناني الذي يسمح باستمرار الامر، ويستطيع الانتفاض على الامر من خلال الانتخابات، لأن المواطن يعرف من هو الفاسد ويعيد انتخابه.

والمواطن يعرف من هو الفاسد والمافيوي، وهو يعيد انتخابه ربما لمصالح معينة، من هنا المواطن يشجع على الفساد.

وثانيًا الحكومة التي تعيّن اشخاصًا في المراكز الاساسية في البلد، لا يملكون الكفاءة أو النزاهة أو المعايير الاساسية.

وكذلك مجلس النواب هو المسؤول، وطالما أن اللبنانيين ينتخبون نوابًا بالمعايير المعروفة حاليًا، هؤلاء يعطون الثقة لحكومة غير مؤهلة من هنا الفساد من القاعدة أي المواطن الى المسؤولين.

وطالما اللبناني يغض النظر ويقبل بالفساد ويستفيد منه، فيمكن القول عن الفساد quot;فالج لا تعالجquot;.

اما كيف يمكن معالجة الفساد اليوم؟ فيجيب حبيقة:quot; يجب القيام بالحساب والعقاب، والموظف الفاسد معروف ويجب معاقبته، والتنويه بالموظف الجيد و quot; الآدميquot; من خلال منحه تكريمات، والموظف quot;الآدميquot; نطلق عليه في لبنان لقب الموظف quot;الغشيمquot;، وبدل تقديره نطلق عليه صفات دنيوية أخرى.

هل يمكن للبناني من خلال خطط معينة أن يحارب الفساد أم أنه متأصّل بالنفوس ولا يمكن اخراجه؟ يجيب حبيقة:quot; لست متفائلاً بمحاربة الفساد في لبنان، ومتابعتي للموضوع لسنوات تجعلني اؤكد أن الصعوبة فائقة تقارب الاستحالة، ومن الممكن تحسين الوضع بنسبة لا تتجاوز الـ10 %، ولكن محاربة الفساد جديًا غير ممكنة، لان الاجواء غير مؤاتية، ولا اللبناني مقتنع بالموضوع.

الحكومات التي تعاقبت على لبنان رغم الوعود لم تستطع حل مشكلة الفساد، الامر بحسب حبيقة يعود الى أن المشاريع لم تكن سوى كلام، ومشاريع الاصلاح اليوم مجرد كلمات تطلق في الهواء، وليست قابلة للتنفيذ.

وبرأي حبيقة الفساد في لبنان عمودي وأفقي ويدخل في كل القطاعات.