القاهرة: قدر خبراء في مجال الزراعة حجم الفجوة الغذائية في مصر بنحو 60 بالمائة، مؤكدين أنه يتم الاعتماد في سد هذه الفجوة على الاستيراد من الخارج، وأن الفترة القادمة ستشهد مزيداً من الأزمات في ظل التدهور الاقتصادي، وتراجع الاحتياطي النقدي بمعدلات كبيرة، وهو ما يعني ضرورة ترشيد فاتورة الاستيراد وهو ما سيكون بالطبع على حساب الفجوة الغذائية التي يتم سدها من خلال الاستيراد.

وقال الخبير الزراعي وعضو اللجنة العليا لتطوير الري، الدكتور محمد عادل الغندور، في تصريحات خاصة لـquot;العربية.نتquot;، إن الحل الوحيد أمام الحكومة هو العودة إلى الاستثمار في السودان، خاصة وأن السودان قرر منح مصر 1.2 مليون فدان صالحة للزراعة وبأقل جهد وأقل تكلفة، ولكن لم تتعامل مصر بجدية مع الموضوع وأرسلت فريق بحثي لا يتجاوز 5 أفراد، وانتهى الموضوع بنقض الاتفاق مع السودان.

ولفت إلى أن الخطة الخمسية للحكومة المصرية والتي تنتهي في 2017 كانت تقوم على استصلاح 3.2 مليون فدان، لم يتم استصلاح فدان واحد منهم حتى الآن، بل إذا نظرنا إلى الرقعة الزراعية منذ عام 1960 سوف نجد أنها تخسر 35 ألف فدان سنوياً يتم الاعتداء عليهم بالبناء، هذا بالإضافة إلى أنه وخلال عام 2011 وهو عام الثورة فقد خسرت الرقعة الزراعة المصرية نحو 100 ألف فدان ذهبت كلها لصالح المباني.

وأوضح الغندور أن الدول العربية خاصة السعودية والإمارات سبقت مصر إلى الاستزراع في السودان، وإذا نظرنا إلى السعودية سنجد أنها قامت بتحريم حفر الآبار الجوفية واتجهت إلى استزراع مساحة لا تقل عن 6 مليون فدان، والإمارات أيضاً لها استثمارات زراعية في السودان، وبالتالي ضاعت فرص مصر في السودان، والتي كانت المخرج الوحيد للعديد من الأزمات وعلى رأسها مسألة الأمن الغذائي.

وقال إن ما يدعيه بعض مسؤولي الحكومة المصرية من إمكانية تحقيق الاكتفاء الذاتي من بعض السلع هو مجرد خرافات، لأن مصر كلها تعيش على نحو 5 بالمائة فقط من أراضيها وباقي المساحة هي أراض صحراوية، وإذا تحدثنا عن زراعة 3 مليون فدان فقط فإنها تحتاج إلى 55 مليار متر مكعب من المياه، أي ما يوازي حصة مصر الحالية من المياه، وبالتالي فإن الحديث عن الاعتماد على الزراعة والاستصلاح في مصر من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي هو مجرد كلام وفرقعة إعلامية ليس أكثر.

وقال خبير الاقتصاد الزراعي، الدكتور حمدي البيطار، إلى أن هناك ضرورة ملحة لعودة الدعم إلي الفلاح بشكل أساسي للمساهمة في إنقاذ الاقتصاد المصري في ظل تراجع عائدات السياحة وتوقف الكثير من المصانع.

وأشار إلى أن الحكومة لا تستطيع السيطرة علي سوق الإنتاج وتحديد أسعار ملزمة تحقق هامش ربح للمنتج وتحمي الفلاحين من الاحتكار، ولكن بسبب غياب الهيئات الرقابية ومفهوم الحكومة الخاطئ عن التحرر الاقتصادي برفع يدها تماما عن السوق تقوم الشركات برفع الأسعار بشكل كبير يحقق لها أرباح خيالية بحجة ارتباط السعر المحلي بالأسعار العالمية وهذا الكلام غير صحيح بالمرة.

ولفت البيطار إلى عدم وجود آلية واضحة ومحددة لتنفيذ الدعم وتوصيله للفلاح، بسبب عدم وضوح الاختصاصات وترك المزارع معلق في يد ثلاث وزارات هي الزراعة والتضامن والتجارة.

وأكد أن الحل ليس في الدعم المباشر للفلاح، وإنما من خلال إنشاء جمعيات قوية لمنتجي المحاصيل تقوم الحكومة بإقراضها ودعمها ككيان معبر عن الفلاحين يستطيع شراء المستلزمات الزراعية ويقدمها بشكل ميسر ومدعم.