العقوبات الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة ضد إيران تشهد تصعيداً اقتصادياً، باستهداف قطاعات واسعة من البنية التحتية الصناعية للبلاد على الرغم من تلميحات القادة الإيرانيين استعدادهم لاستئناف المفاوضات حول البرنامج النووي للبلاد.

إعداد لميس فرحات: يقول مسؤولون في الكونغرس وبعض الخبراء الاقتصاديين أنه في ظل ترنح الاقتصاد الإيراني بسبب العقوبات السابقة، فإن الإجراءات التي أقرها الكونغرس التي وقعها الرئيس باراك أوباما الأسبوع الماضي تهدف إلى تسديد صفعة قوية ضد الصناعات الرئيسية التي تتمثل في الشحن وإدارة الموانئ ووسائل الإعلام التي تسيطر عليه الحكومة.
ونقلت صحيفة الـ quot;واشنطن بوستquot; عن مسؤولين قولهم انه quot;في حين أن العقوبات الأميركية السابقة تستهدف الأفراد والشركات التي تتعامل مع الصناعة النووية الإيرانية، إلا أن السياسات الجديدة أقرب إلى الحظر التجاري الحقيقي لتقويض دعائم إيران المالية الرئيسية وتهديد الدولة بالانهيار الاقتصاديquot;.
يقول مارك دوبويتز، المدير التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطية، إن هذه العقوبات تصنع بشكل فعال قائمة سوداء لكل قطاعات الاقتصاد الإيراني، مضيفاً أن الهدف هو خلق تأثير سلبي على كل أشكال التجارة غير الإنسانية مع إيران.
ويأتي تشديد الخناق الاقتصادي على إيران وسط مؤشرات جديدة على أنها قد تكون مستعدة لاستئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة والقوى العالمية الأخرى على برنامجها النووي.
وقال سعيد جيلالي، رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران، خلال زيارة له للعاصمة الهندية نيودلهي، quot;نحن قبلنا أن تعقد هذه المحادثات فى يناير/كانون الثانيquot;، وأكد متحدث باسم الاتحاد الأوروبي أن المفاوضات ستجري في وقت قريب جداً.
وجاءت تصريحات المسؤولين الايرانيين في الاسابيع الاخيرة صريحة بشكل غير معتاد بشأن الاعتراف بآثار العقوبات الغربية على اقتصاد البلاد. وفقدت عملة البلاد الوطنية أكثر من 40 في المئة من قيمتها منذ آب/أغسطس، بينما انخفضت صادرات النفط - المصدر الرئيسي للعملة الصعبة في ايران ndash; إلى نحو النصف.
لكن ايران رفضت حتى الآن قبول تخفيضات كبيرة في برنامجها النووي، مما أدى إلى سباق من قبل الكونغرس لإيجاد تدابير أشد إيلاماً. ومن المفاجئ ان الحزمة الأخيرة من العقوبات حازت على تأييد الحزبين الجمهوري والديمقراطي في جلسة نادرة في الكونغرس، على الرغم من مخاوف المسؤولين في إدارة اوباما من أن العقوبات ستضر الحكومات الحليفة وتقوض الدعم للمحاولات الدولية لعزل ايران.
يفرض القانون الجديد عقوبات على الشركات العالمية التي تتعامل مع الشركات الإيرانية في القطاعات الصناعية المستهدفة، وتسعى أيضا لمنع ايران من الحصول على الألومنيوم والصلب والفحم وغيرها من المواد الهامة للبناء وتصنيع السيارات. وتسعى أيضاً لمنع ايران من المشاركة في تجارة المقايضة مع الدول الاخرى على نفطها، وفرض عقوبات على بعض المؤسسات الإعلامية التي تديرها الدولة.
سياسة عقوبات الولايات المتحدة تعرضت لانتقادات من جماعات مختلفة، وبعضهم يقول إن هذه التدابير تأتي بنتائج عكسية وضارة على نحو غير متناسب للإيرانيين العاديين. ويقول آخرون أنها ليست قوية بما يكفي لردع تقدم إيران النووي ويدعون لإجراءات أكثر صرامة، بما في ذلك العمل العسكري.
وتتعرض إدارة أوباما لضغوط من أجل التوصل إلى اتفاق مع ايران يحد بشدة من قدرتها على استخدام برنامجها النووي لصنع الأسلحة النووية. وحثت مجموعة من 24 ديبلوماسي أميركي بارز وخبراء السياسة ومسؤولي الأمن الوطني، الرئيس أوباما إلى quot;متابعة مبادرة ديبلوماسية قويةquot; في الاسابيع المقبلة للوفاء بتعهده بحل الزمة النووية الإيرانية.
quot;وراء التصريحات القوية المستمر من قبل الجانبين، هناك إشارات خفية أكثر استعداداً لاحتضان حل وسطquot;، قالت تريتا بارسي رئيسة المجلس الوطني الإيراني الأميركي وأحد الموقّعين على الوثيقة.
يشار إلى أن الصعوبات المالية ازدادت بشكل ملحوظ في البلاد، لا سيما انخفاض الإنفاق الاستهلاكي وارتفاع معدلات البطالة. وشهدت صناعة السيارات انخفاضاً بنسبة 40٪ في الانتاج منذ العام الماضي، كما تلقت الواردات الطبية ضربة كبيرة لا سيما العلاجات الضرورية التي تضاعفت كلفتها.