يشكو متقاعدو العراق قلة رواتبهم، مؤكدين أنها لا تتلاءم مع سنوات خدمتهم ومع الغلاء الفاحش، موضحين أنهم يطالبون منذ سنوات برواتب لا تهدر كرامتهم، لكن لا سميع ولا مجيب. كما استغربوا رفض صندوق النقد الدولي زيادة رواتبهم.


عبد الجبار العتابي من بغداد: يعتقد المتقاعدون العراقيون أن الحكومة تستفز مشاعرهم حينما تقطّر لهم زيادة رواتبهم تقطيرًا وكأنهم يتسوّلونها، أو تظهر شائعات كثيرة عن اقتراب هذه الزيادات في مناسبات معيّنة، فيما سخر آخرون من حال المتقاعدين لانها اصبحت ملهاة بيد العديد من الصحف من خلال نشر الاخبار الكاذبة عن زيادات في الرواتب، فيتسابق المتقاعدون على شراء هذه الصحف.

فيما أكدت الجمعية العراقية للمتقاعدين أن اغلب المتقاعدين يتقاضون رواتب متدنية لا تسدّ حاجاتهم الأساسية، ويعيشون تحت خط الفقر.

الوزير وصندوق النقد

أشارت أنباء صحافية إلى أن صندوق النقد الدولي، خلال اجتماعاته الاخيرة، أبدى رفضه الشديد لزيادة رواتب المتقاعدين في الموازنة الاتحادية العراقية للعام 2013.

يقول وزير التخطيط والتعاون الانمائي علي الشكري إن الحكومة العراقية quot;غير ملزمة بطلبات صندوق النقد الدولي بعدم زيادة رواتب المتقاعدين في موازنة العام 2013quot;.

يضيف: quot;العراق ماض في زيادة رواتب المتقاعدين، وقد وصل قانون التقاعد إلى مراحل متطورة، وهو الآن معروض امام مجلس النواب بانتظار إقراره خلال المدة المقبلةquot;، مشيرا إلى أن الحكومة العراقية عازمة على زيادة التخصيصات المالية الكافية للمتقاعدين، quot;ولا علاقة لنا باعتراض صندوق النقد الدولي، لأن المتقاعدين شريحة مهمة تعرضت لتهميش كبيرquot;.

حالة معيشية سيئة

طالب الدكتور عبد الهادي مشتاق، مدير المركز الوطني العراقي لحقوق الانسان، بقانون جديد للمتقاعدين مشيرًا إلى أن في الواقع الحالي ظلمًا كبيرًا لهم. وقال لـquot;ايلافquot;: quot;اكثر من مليون متقاعد عراقي يعاني الفقر والحرمان نتيجة لسلم الرواتب غير العادل، بعد أن قضوا شبابهم في خدمة بلد الغاز والنفط والخيرات، يعيشون حالة معيشية سيئة نتيجة لارتفاع أسعار المواد الغذائية وايجارات السكن وشح الكهرباء، في الوقت الذي يتمتّع الموظفون الكبار في صدر السلطة الحاكمة برواتب عالية وامتيازات خيالية، فلماذا هذه الفجوة الكبيرة في سلم الرواتب؟quot;.

أضاف مشتاق: quot;نحن دعاة حقوق الانسان وانصار الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، نطالب بقانون جديد للرواتب اكثر عدلًا وإنصافًا، يأخذ في الحسبان الدرجة العلمية وسنوات خدمة الموظف ومعدلات غلاء المعيشة، على أن لا يقل أدنى راتب عن 500 ألف دينار شهريًا، أي نحو 420 دولارًا، ونقول للمسؤولين إن الانتخابات ليست بعيدة وصناديق الاقتراع سوف تعاقبكم حتمًاquot;.

واستغرب مشتاق ما سمعه من أن صندوق النقد الدولي يرفض إجراء أي زيادة لمتقاعدي العراق، مثنيًا على رد وزير التخطيط الذي لم يلتفت إلى رأي الصندوق، وقال: quot;لا أدري كيف ينظر صندوق النقد الدولي إلى حقوق الانسان، وزيادة رواتب شريحة تتوق إلى العيش الكريم، وانا أشد على يد وزير التخطيط الذي قال إنه لن يلتفت إلى رأي هذا الصندوق وإن الزيادة ستكون طيبةquot;.

العيش بصعوبة والموت بسلام

أعرب المتقاعد عبد الستار حمدي، وهو مدير مدرسة سابق، عن حزنه وأسفه لما وصل إليه حال المتقاعد، متمنيًا أن يستذكر المسؤولون آباءهم المتقاعدين، وقال: quot;والله تعبنا من كثرة الكلام والرجاء، ويبدو أن قدرنا نحن المتقاعدين صار أن نعيش أيامنا الاخيرة على الشكوى والبحث عن منحة أو زيادة من الدولة التي تناست خدماتنا الجليلة وسنوات عمرنا الطويلةquot;.

وأضافquot; أن المتقاعد يستحق الكثير خاصة الذين عانوا الكثير في سنوات الثمانينات والتسعينات. وقد نالت منا الامراض وتعرضنا لشتى صنوف الاذى، لا أريد أن أعتب، ولكن أتمنى من المسؤولين الحاليين في الدولة أن يتذكروا حال آبائهم أو أعمامهم، وأن يلتفتوا إلى ما تبقى لنا من سنوات نريد أن نعيشها بسلام ونموت بسلامquot;.

غضب ويأس

من جانبه، أبدى المتقاعد كريم عباس، العامل في السكك الحديدية، غضبه على أعضاء مجلس النواب العراقي مؤكدًا أنهم لا يعملون لصالح الناس، فكيف بالمتقاعد الذي لا حول له ولا قوة. قال: quot;لا حقوق لنا نحن المظلومين المساكين، نعيش في بلد النفط بينما يهدد الجوع والبرد ومياه الامطار حياتنا، لا نستطيع أن نوفر لقمة العيش لعوائلنا، لأن الراتب أقل مما نستحق، والسادة النواب لا يرضون مناقشة اوضاعنا ولا يزيدون لنا رواتبنا التي هي قليلة جدًا، يقولون سنعطيكم زيادة قدرها 20 بالمئة، لكنها لا تكفيquot;.

اما المتقاعد شهاب أحمد حسن، الموظف السابق في وزارة العدل، فقد اكد أنه يشعر باليأس من أن تقوم الحكومة بزيادة الرواتب، خصوصًا مع اعتراض صندوق النقد الدولي على الزيادة. قال: quot;إذا انتهينا من الحكومة نصطدم بصندوق النقد الدولي، الذي يرفض زيادة رواتب المتقاعدين من دون أن نعرف السبب، فهل يعلم أننا نعتاش على الفتات؟quot;

أضاف: quot;اطلع من البيت كل يوم صباحًا، أقرأ الصحف فأجدها تبشر المتقاعدين بالزيادة، وأفرح وأشتري صحيفة وأعود إلى البيت مبشرًا ام الاولاد، لكن لا زيادة ولا هم يفرحونquot;.

تحت خط الفقر

من جانبها، كشفت الجمعية العراقية للمتقاعدين عن عدم رضى العديد من المتقاعدين من التصريحات الاخيرة لاعضاء في مجلس النواب، بشأن وجود زيادة تصل إلى 20 بالمئة في قانون التقاعد على رواتب المتقاعدين.

وقال مهدي العيسى، رئيس الجمعية العراقية للمتقاعدين، إن العديد من المتقاعدين اتصلوا به وعبروا عن امتعاضهم من تصريحات بعض النواب التي تحدثت عن زيادة 20 بالمئة على رواتبهم وفق القانون الجديد، مشيرًا إلى أن quot;المتقاعدين يعدون هذه الزيادة إذلالًا واهانة لهم، فهم يرفضون هذه الزيادة ويطالبون بشمولهم بقانون للتقاعد يرفض التمييز بين المتقاعدين القدماء والجدد وصرف الرواتب وفق قانون سلم رواتب موظفي الدولة رقم 22 للعام 2008، وأن المتقاعدين يطالبون بأن يكون الحد الادنى للرواتب التقاعدية 400 الف دينار، وهذا هو خط الفقر لعائلة مكونة من أربعة افرادquot;.