يرى محللون نفطيون أن موقع أوبك كان مهددًا من قبل أن تعود إيران إلى السوق النفطية، لكن هذه العودة ستضع أمام المنظمة تحديات جديدة.


إعداد عبدالإله مجيد: تأتي عودة إيران المحتملة إلى سوق النفط في وقت غير مناسب لمنظمة البلدان المصدرة للنفط ndash; اوبك، التي تتحكم بإمدادات هذه السلعة الحيوية إلى الأسواق العالمية. ويرى محللون أن موقع اوبك مهدد من دون عودة ايران، بتزايد عمليات الاستخراج من الصخور النفطية في الولايات المتحدة. وإذ يجتمع وزراء نفط اوبك في فيينا هذا الاسبوع، فإن أعمال الاجتماع تجري في ظل احتمالات متزايدة بعودة ملايين براميل النفط الايراني إلى السوق.

تهديد داخلي
في حين أن موقع اوبك مهدد من الخارج بانتعاش عمليات الاستخراج من الصخور النفطية في الولايات المتحدة، فإن دولًا من داخل اوبك تهدد موقع المنظمة، ذلك أن العراق والآن ايران يريدان زيادة الانتاج رغم ارتفاع مستوى الامدادات المتاحة. وحذر محللون من أن اوبك قد لا تكون قادرة على ضبط دولها الأعضاء، وإلزامها بسقف الانتاج للحفاظ على مستوى الأسعار. ويرى هؤلاء المحللون أن المحصلة النهائية قد تكون هبوط اسعار النفط في العام المقبل.وقال اريك لي، المحلل النفطي في مجموعة ستي غروب للخدمات المالية: quot;إن الضعف أخذ يعتري موقع اوبكquot;. ونقلت مجلة فورين بولسي عن لي قوله إن زيادة انتاج الدول غير الأعضاء في اوبك أحدثت تغييرًا في أسواق النفط، يحد من قدرة اوبك على التحكم بالسوق.
وتشكل الولايات المتحدة عاملًا قويًا في هذا التغيير، فإن ما انتجته الولايات المتحدة من النفط الخام في تشرين الثاني (نوفمبر) زاد على ما استوردته في ذلك الشهر للمرة الاولىمنذ العام 1995. ويرى محللون أن هذا يعني أن الولايات المتحدة أقل اعتمادًا الآن على نفط الشرق الأوسط، وقد تكون لهذا تداعيات بالغة الأثر على السياسة الدولية والأسواق.
إيران آتية
من المتوقع أن تطلب إيران من دول اوبك الأخرى أن تفسح لها مجال العودة إلى السوق في حال التوصل إلى اتفاق طويل الأمد يتمخض عن رفع العقوبات الاميركية.
وقال تريفور هاوزر، من شركة روديوم للأبحاث الاقتصادية: quot;سيتعين على دول اوبك الأخرى أن تخفض انتاجها من اجل افساح المجال لايرانquot;.لكن لا يُعرف ما إذا كانت الدول الأخرى مستعدة لخفض انتاجها، كي تفتح الطريق امام عودة إيران. وفي هذا الشأن، قال باتريك كلوسن مدير قسم الأبحاث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى:quot;هذه قد تكون لحظة صعبة على اوبك، سنة عصيبةquot;، مشيرًا إلى أن ايران لن تنظر بعين الرضا إلى من يقول لها أن تؤجل زيادة انتاجها.لكن هذه هي الآلية المعتمدة في منظمات مثل اوبك. فعندما يكون انتاج النفط العالمي مرتفعًا تفرض المنظمة حصصًا بحيث لا تؤدي زيادة الامدادات إلى هبوط في سعر النفط. وتجتمع الدول الاثنتا عشرة الأعضاء في اوبك لتقرر حجب كمية من النفط عن السوق. وتقبل كل دولة بخفض الانتاج على المدى القريب من أجل الحفاظ على مستوى سعر النفط، وفي النهاية يكون ذلك لمصلحة الدول الأعضاء كافة.
لا تغيير
ليس من المتوقع أن تغيّر اوبك سياستها هذه في نهاية اجتماعها في فيينا، لكن احتمالات أن تضخ ايران مزيدًا من النفط في السوق قد تعني أن على اوبك أن تتحرك بأسرع مما كان متوقعًا لخفض حصص الانتاج.قال هاوزر لمجلة فورين بولسي إن اوبك تواجه مشكلتين، هما التوصل إلى اتفاق على خفض الحصص والتزام الدول الأعضاء بحصصها المخفضة. واضاف: quot;اعتقد أن كليهما سيكونان تحديًا كبيرًاquot;.ولاحظ ليوناردو موغري، من جامعة هارفرد والمدير السابق في شركة ايني النفطية الايطالية، أن تاريخ اوبك يشير إلى عقد اتفاقات رسمية احيانًا لا تُترجم على ارض الممارسة، وأن العديد من الدول الأعضاء توافق على خفض انتاجها، لكنها تستمر في بيع النفط خلسة أو من تحت الطاولة، على حد تعبيره. وتوقع موغري أن تجتمع اوبك مرة أخرى في مطلع 2014 للاتفاق على سياسة جديدة، وإلا فإن اسعار النفط يمكن أن تنهار، بحسب موغري.
تحديات جديدة
وتسهم اوبك بقسطها في الحد من تقلب اسعار النفط. فهي إلى جانب التدخل لوقف هبوط الأسعار تبادر إلى زيادة انتاجها عندما يحدث نقص مفاجئ في الامدادات لمنع الأسعار من الارتفاع. وقال ريتشارد مالنسون، المحلل الجيوسياسي في شركة انيرجي اسبكتس الاستشارية في سوق الطاقة، أن دول الخليج زادت انتاجها خلال العامين الماضيين عندما انقطعت الامدادات من ليبيا مثلاً. واضاف: quot;اوبك تغلبت على تحديات عديدة والأرجح أنها ستتغلب على هذا التحدي ايضًاquot;.في هذه الأثناء يرى خبراء أن الآمال التي تعقدها ايران على العودة إلى السوق بقوة تبقى أقرب إلى الأُمنيات. وقال ولي فايز، المحلل المختص بالشؤون الايرانية في مجموعة الأزمات الدولية: quot;لدى الايرانيين مصلحة في الإيحاء بذلك، أي استدراج شركات النفط العالمية الكبيرة إلى رؤية الامكانات التي تنطوي عليها عودة ايران إلى السوقquot;. واضاف فايز أن ايران ليس لديها لوبي في واشنطن، وبالتالي فإن طهران تأمل باقناع شركات النفط العالمية بالدعوة إلى رفع العقوبات.