يتناول الاصدار الثالث والعشرون لتقارير شركة الشال للاستشارات مشكلة البطالة في الكويت في سياق تحليلي لأزمة البطالة في العالم، وخصوصًا في أوروبا، مؤكدًا أن المشكلة الكبرى تكمن في البطالة المقنعة، التي تهدد بالتحول إلى بطالة سافرة بأعداد غير محتملة.


بيروت: يتصدى الاصدار الثالث والعشرون للتقرير الأسبوعي، الذي تصدره وحدة البحوث في شركة الشال للاستشارات، لمسألة البطالة المقنعة في الكويت، فيقول باحثو الوحدة أن تقارير الادارة المركزية للحصاء في الكويت، التي تتناول أرقام البطالة السافرة صحيحة، quot;لكــن ظـروف الكويـت الخاصـة تجعـل هـذا المؤشـر - البطالة السافرة - ضعيف الأهمية، بينما الخطر الحقيقي يكمن في البطالة المقنعة والعالية جدًا، والتي ستعجز الكويت يومًا، عن الحد من تحولها إلى سافرة وبأعداد غير محتملةquot;.

أرقام معبرة

يأتي هذا الحكم من وحدة البحوث في شركة الشال استنادًا إلى تقرير أصدرته الإدارة المركزية للإحصاء حول أرقام وحقائق البطالة في الكويت، وذلك في شهر ايار (مايو) الماضي. فالتقرير يفيد بأن مجموع العاطلين عن العمل بلغ في 20 نيسان (أبريل) الماضي 19,218 كويتيًا، نحو 80 في المئة منهم إناث. وقال التقرير إن نحو 53 من العاطلين شباب تقل أعمارهم عن 30 عامًا.

وبلغت نسب العاطلين الذين لا يحملون مؤهلات أو مؤهلات دون مستوى الثانوية العامة نحو 41.3 في المئة من الذكور ونحو 42.4 في المئة من الإناث، منخفضة عن مستويات العام 2012.

وارتفعت بطالة حملة الشهادات الجامعية وما فوقها، إذ بلغت للذكور 29.3 في المئة في العام الحالي، مقارنة بنحو 25.9 في المئة في العام الماضي. كما أن نحو 63 في المئة مـن العاطلين مضى عليهم 12 شهرًا وأكثر من دون عمل، ونحو 21 في المئة ما بين 6 اشهر وسنة، ونحو 16 في المئة لأقل من 6 أشهر.

تحديات حقيقية

وقد أراد باحثو الشال تسليط الضوء على إدراك العالم أجمع للتحدي الحقيقي الذي يهدد استقراره، quot;هو قدرته على مواجهة مشكلة البطالة، وتحديدًا مشكلة بطالة الشبابquot;.

أضافوا: quot;في الكويت، ومع كل التقدير لتقرير الإدارة المركزية للإحصاء، يجب توجيه الجهد الحقيقي إلى وضع الكويت الخاص، فالمشكلة الحقيقية هي البطالة المقنعة، وأفضل المؤهلين لدراستها والتأثير مبكرًا في السياسات العامة لاجتنابها قبل انفجارها، هو جهاز الإحصاء الرسمي، ولديه القدرة على ذلكquot;.

ولفت تقرير الشال إلى أن رئيس جهاز الإحصاء الصيني فاجأ العالم أواخر العام الماضي بتصريح بحكم الفتوى الاقتصادية، عندما صرح بأن الصين قادرة على خلق ما يكفي من فرص العمل لضمان استقرارها، حتى لو هبطت معدلات نموها إلى ما بين 7 و8 في المئة.

وكانت معدلات نمو الصين قبل الأزمة أعلى قليلًا من 10 في المئة. فهذه القدرة التي اشار إليها الصيني تمثل قدرة الصين على كبت البطالة المقنعة قبل السافرة، من خلال إتاحة الفرص المهنية للخريجين الشباب.

رد فعل أوروبي متفلّت

يقول تقرير الشال إن واحدًا من كل أربعة شبان أوروبيين، بين 15 و24 عامًا، عاطل عن العمل، بمجموع إجمالي يصل إلى 3.6 ملايين شاب وشابة لا يجدون عملًا، بالاستناد إلى أرقام مكتب الإحصاء الرسمي التابع للاتحاد الأوروبي - يوروستات، حتى نيسان (أبريل) 2013.

وفي نظرة أوروبية سريعة، تبدو اليونان هي الأسوأ، ببطالة شباب تبلغ نحو 62.5 في المئة، بينما كانت نحو 22.9 في المئة في العام 2007. وتأتي إسبانيا الثانية الأسوأ بطالة عند الشباب بنحو 56.4 في المئة. وهكذا دواليك حتى آخر دول أوروبا.

ويرى تقرير الشال أنها النسب الأعلى منذ تأسيس منطقة اليورو في العام 1999، وانها إشارة إلى أن بطالة الشباب متجهة صعودًا، والدليل على خطورة الأمر أن وزير المالية الألماني ولفغانغ شوبل حذر من كارثة قد تؤدي الى خسارة معركة الوحدة الأوروبية، quot;ذلك أنه لا يمكن التحكم بردِّ فعل شباب أوروبي متعلم تسوء أحواله لخمسة أعوام متتالية، وآماله بتحسن الأوضاع تخفِت مع كل إعلان جديد عن أرقام البطالةquot;.

تحذير كويتي

ويصر باحثو الشال على أن الكويت غير بعيدة عن مشكلة بطالة الشباب، وكأنهم بذلك يوجهون رسالة تحذير إلى السلطات المعنية في الكويت، ودعوة صريحة لعدم إخفاء الرؤوس في الرمال، quot;فوفقًا لأرقام الهيئة العامة للمعلومات المدنية، يبلغ متوسط نسبة الزيادة في عدد القادمين الجدد لقوة العمل الكويتية ما نسبته 4.3 في المئة للأعوام الخمسة الماضيةquot;.

أضاف التقرير: quot;فإذا كان مطلوبًا فعليًا توظيف 9,599 شابًا وشابة انضموا لقوة العمل في العام 2012، فإن هذا العدد قد يبلغ ما معدله 18.5 ألفاًسنويًا حتى العام 2017، بإجمالي قدره 92.5 ألفًا في غضون خمس سنوات، فقطquot;.

وتابع التقرير في مقارنة أنتجت المعادلة الآتية: عدد القادمين إلى قوة العمل الكويتية في سنة واحدة يقارب مجموع عدد موظفي وزارتي الإعلام والشؤون الكويتيين منتصف العام 2011، ويمثل أكثر من ضعفي موظفي أكبر بنوك الكويت، بنك الكويت الوطني، من الكويتيين وغير الكويتيين.

عامل الزمن

وفي قراءة لمؤشرات البطالة من الزاوية الاقتصادية، يتطلب خفض نسبتها تخطيطًا طويل الأمد وإصلاحات عميقة في الاقتصاد، لضمان خلق العدد المناسب من الوظائف وفي المجالات المناسبة، مع توفيق مخرجات التعليم الجامعي مع مدخلات سوق العمل، quot;فالبطالة ليست مشكلة تحل بقرار إداري فقط، مثل التشجيع على التقاعد، إنما برؤية استراتيجية تمتد لأعوامquot;.

ويرى باحثو الشا إن للبطالة بين فئة الشباب بعداً اجتماعياً سياسياً متفجراً، quot;كون الشباب هم الأكثر قدرة على العطاء، وفي الوقت نفسه الأقل قبولًا بالفشل الاقتصادي في خلق وظائف، وهو الفشل الذي أدى إلى ثورات الربيع العربي، وجذوره راسخة في دول البترول العربي التي تشتري بعض الوقت بالمال، وعامل الزمن حاسم في مواجهته أو السقوط بتبعاتهquot;.