على إثر الأزمة الاقتصادية التي تواجهها إيران نتيجة العقوبات الغربية المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي، تتعرض مدينة النجف العراقية إلى ضرر إقتصادي كبير مع انخفاض عدد الزوار الإيرانيين إليها.

النجف: تعرّضت مدينة النجف المقدسة، التي تعد أحد اهم مراكز السياحة الدينية لدى الشيعة في العالم، لضرر اقتصادي نتيجة انخفاض أعداد الزوار الايرانيين إثر العقوبات المفروضة على هذه الدولة المجاورة للعراق.
ويعتمد رجال الاعمال واصحاب المحال التجارية والفنادق في النجف التي تحيط بمرقد الامام علي بن ابي طالب اول الائمة المعصومين لدى الشيعة، على السياحة الدينية خصوصاً الزوار الايرانيين الذين يخضع بلدهم لعقوبات اقتصادية بسبب البرنامج النووي المثير للجدل.
وأدت هذه العقوبات الى صعوبة القيام برحلة لزيارة النجف التي تعد من أهم المواقع الدينية المقدسة لدى اغلب الايرانيين.
ويقول رئيس غرفة تجارة النجف زهير محمد شربة، إن quot;موارد الفنادق التي تستقبل الزوار الايرانيين انخفضت الى النصف منذ بداية هذا العامquot;.
ويعد هذا الامر نقطة تحول بالنسبة لمدينة النجف التي كانت تطمح لبناء فندق يستوعب اكبر عدد من الزوار. واكد شربة لفرانس برس أنه في 2011 quot;لو كان هناك مزيد من الغرف (للفنادق) لكان هناك مزيد من القادمينquot; الى النجف.
وتعد مدينة النجف (150 كلم جنوب بغداد) حيث مرقد الامام علي، احدى أهم المدن المقدسة لدى الشيعة في العالم، وقبلة للزوار الايرانيين على مدار السنة.
ويقوم الزوار الايرانيون بجولة سياحية تستمر عادة تسعة ايام، يمضون ثلاثة منها في النجف.
وادى الانخفاض الهائل في عدد الزوار الايرانيين الى تضرر اقتصاد النجف، التي تعتمد بشكل كبير على الموارد السياحية بنسبة 60 في المئة.
وخسرت العملة الايرانية الريال اكثر من ثلثي قيمتها ازاء الدولار الاميركي منذ مطلع 2012 عندما اعلنت الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي فرض عقوبات جديدة على صادرات النفط الايراني وعلى معاملاتها المصرفية في العالم.
وتبلغ قيمة الريال الايراني حاليًا 36,000 مقابل الدولار الاميركي بعد أن كان يعادل سعره 11,500 في أواخر العام 2010.
ونسب وزير الاقتصاد الايراني شمس الدين حسيني مسؤولية انخفاض قيمة العملة الوطنية الى العقوبات الدولية المفروضة على بلاده بسبب برنامجها النووي الذي تشتبه القوى الغربية واسرائيل بأن ايران تسعى من خلاله لاقتناء القنبلة الذرية.
وتنفي ايران هذا الاتهام وتؤكد باصرار على أن برنامجها النووي مدني سلمي بحت.
ووفقًا لحسيني، فإن عائدات النفط الايراني انخفضت الى 50 في المئة خلال العام الماضي محذرًا بأن quot;الوضع لن يتحسن في المستقبل القريبquot;.
ونتيجة لانخفاض قيمة العملة، ليست لدى الايرانيين الآن قدرة شرائية عند السفر خارج البلاد.
واكد احد الزوار الايرانيين في النجف، رافضاً كشف اسمه، أنه كان يحلم بزيارة النجف، لكن الرحلة كانت quot;مكلفة للغايةquot;.
ويواجه اصحاب الفنادق المشكلة ذاتها في التعامل مع منظمي الرحلات السياحية الايرانية.
ويقول امير الاميري صاحب فندق ريبال بوسط النجف quot;نحن (اصحاب الفنادق في النجف) نريد أن نرفع كلفة الليلة الواحدة من عشرين الى ثلاثين دولارًا بسبب ارتفاع اسعار مولدات الكهرباء، لكن السفارة الايرانية في بغداد رفضتquot;.
وتختلط في مدينة النجف التي يعيش فيها نحو نصف مليون نسمة، لغات كثيرة بسبب الخلفيات المختلفة للزوار من المسلمين الشيعة الذين يمثلون 15 في المئة من المسلمين في العالم.
وبالاضافة الى العراقيين هناك اقليات كبيرة من ايران والبحرين بالاضافة الى آخرين من افغانستان ولبنان وباكستان والهند والسعودية وكذلك من مناطق بعيدة من الولايات المتحدة الاميركية وكندا.
وتسعى وزارة السياحة العراقية حاليًا للتركيز على الزوار القادمين من بلدان أخرى يقطنها الشيعة غير ايران، بهدف سد النقص في عدد السيّاح.
وقال مستشار وزير السياحة العراقية بهاء المياح إنه quot;من الضروري أن نقوم بالتنويعquot; في مصادر السياح.
واضاف أن quot;خطط الوزارة تهدف الى عقد اتفاقيات جديدة مع دول أخرى، للتغلب على انخفاض عدد الزوار الايرانيينquot;.
ويبدو أن معالجة نقص السياح الايرانيين في مدينة تعتمد بشكل كبير عليهم، لن تكون سهلة.
بدوره، قال احمد العيساوي أحد باعة القماش المستخدم لخياطة الحجاب الايراني، في سوق النجف، إنه quot;قبل (تراجع الريال الايراني) كنا نبيع 90 في المئة من بضاعتنا لكن الان فأقل من 30 في المئةquot; منها.
وفي اماكن أخرى قريبة من السوق، نرى لافتة كتب عليها quot;مغلقquot; معلقة على كثير من الفنادق دون الاشارة لدواعي ذلك، فيما توقفت اعمال البناء لتشييد فنادق أخرى.
واكد شربة أن quot;العمل توقف في (ورشات) بعض الفنادق على الرغم من أنها اوشكت على الانتهاءquot;.
وتابع quot;كما اجلت مبانٍ أخرى مشاريع لاعادة اعمار وتجديد حالها، لأنهم يجهلون ما يخبئ لهم المستقبلquot;.