واشنطن: ألقى الرئيس الأميركي باراك أوباما خطاباً في مسقط رأسه بولاية ألينوي الأميركية ركز فيه على الاقتصاد، وقال إن تفاوت الدخل بين الطبقة الوسطى والطبقة الغنية أمر سيىء من الناحية الاقتصادية.واستخدم الرئيس الأميركي باراك أوباما كلمات حادة غير معتادة في انتقاد معارضيه من الجمهوريين في الكونجرس، حيث حملهم مسؤولية عرقلة التقدم الاقتصادي وتدمير الطبقة الوسطى في الولايات المتحدة.وهاجم الرئيس الأميركي إصرار الجمهوريين على تبني إجراءات تقشفية صارمة ورفضهم أي سياسة يمكن أن تساعد في زيادة دخل الطبقة الوسطى.
وقال أوباما في كلمته التي ألقاها بمدرسة كنوكس كوليدج في مدينة جيلسبورج أول أمس ldquo;إن كل الزيادات في الدخل الذي تحقق خلال العشر سنوات الأخيرة تقريبا ذهبت إلى أعلى 1% دخلا من الأميركيينrdquo;. وكان أوباما قد ألقى أول خطاب اقتصادي له في هذا المكان عام 2005 عندما كان عضوا بمجلس الشيوخ.وأضاف أن ldquo;تغيير هذا الاتجاه يجب أي يمثل أعلى أولويات واشنطنrdquo;. يذكر أن خطاب أوباما أول أمس، هو الأول في سلسلة خطب يعتزم إلقاءها خلال الأسبوع الحالي في الوقت الذي يحاول فيه أوباما الحفاظ على نفوذها بعد مضي ستة أشهر من فترته الرئاسية الثانية والأخيرة.
والمعروف تاريخياً أن أي رئيس أميركي في فترته الثانية يكافح من أجل الحفاظ على نفوذه السياسي وتفادي لقب ldquo;البطة العرجاءrdquo; وهو تعبير أميركي يقصد به المسؤولون المنتخبون الذين لا يسعون الى إعادة انتخابهم في مناصبهم، حيث يحظر الدستور الأميركي ترشح أي رئيس لفترة رئاسية ثالثة.وبالنسبة لأوباما، فإن العقبات التي تواجهه تشمل عرقلة إصلاحات قانون حمل السلاح في أميركا، وكذلك قانون الهجرة وفضيحة التجسس على الدول الخارجية وفضيحة هيئة الإيرادات الداخلية (الضرائب).
ويمثل مجلس النواب الخاضع لسيطرة الأغلبية الجمهورية المعارضة أكبر صداع رأس لأوباما، حيث قال الرئيس الأميركي إن حالة الجمود في الكونجرس زادت خلال الشهور الستة الأخيرة. ويسعى الجمهوريون في المجلس إلى إلغاء إصلاحات نظام الرعاية الصحية التي تبناها أوباما في فترة رئاسته الأولى، والتي يعتبرها حجر الزاوية في قوة ونمو الطبقة المتوسطة.
وقال أوباما إن هناك تقدماً قوياً على الصعيد الاقتصادي في الوقت الذي خرجت فيه الولايات المتحدة من دائرة الركود الاقتصادي التي عانت منها خلال الفترة من 2007 إلى 2009 مشيرا إلى أن الاقتصاد الأميركي وفر 7,2 مليون وظيفة جيدة خلال أخر 40 شهرا، وتم إنقاذ صناعة السيارات وتضاعف إنتاج الولايات المتحدة من طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وغير ذلك من الخطوات الإيجابية.ودعا الرئيس الأميركي واشنطن، في إشارة إلى الكونجرس، إلى تغيير الاتجاه الحالي للاقتصاد الذي يتيح لكبار مسؤولي الشركات زيادة دخلهم بنسبة 40% في المتوسط في حين انخفض الدخل الحقيقي للأميركيين العاديين، مقارنة بما كان عليه عام 1999.
وأضاف أن هذا التفاوت المتزايد في الدخل ليس مجرد خطأ أخلاقي، وإنما هو أيضاً سيىء اقتصاديا، ولذلك يجب التوصل إلى صيغة أفضل بالنسبة للطبقة الوسطى. ويتهم أوباما، مدعوما برئيس مجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي الأميركي بن برنانكي، السياسات التقشفية التي فرضها الجمهوريون المحافظون في الكونجرس بتدمير التعافي الاقتصادي.وعرض أوباما في خطابه أول أمس عدداً قليلاً من الإفكار الجديدة بشأن الاقتصاد لكنه تعهد باستخدام سلطته التنفيذية لمواجهة ldquo;تحايل الكونجرسrdquo;. وقال أوباماrdquo;لن أسمح للجمود والعجز واللامبالاة المتعمدة بإبعادنا عن طريقنا. ومهما يكن فسوف استخدم سلطتي التنفيذية التي أمتلكها لمساعدة الطبقة الوسطىrdquo;.
وحذر أوباما من أنه إذا لم يوافق الكونجرس على استثمار الأموال في مشروعات البنية الأساسية الرئيسية، مثل تحديث الموانئ وشبكات الإنترنت فائقة السرعة والمدارس المتقدمة وأنظمة تسريع حركة الطيران والسيارات في الولايات المتحدة فسوف تتراجع مكانتها في العالم.ويتوقع صندوق النقد الدولي نمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 1,7% العام الحالي مع استمرار معدل البطالة حول مستوى 7,6%.
واستكمالا لحملة أوباما في الوسط الغربي الأميركي، التي بدأها أول أمس، دافع أوباما بشدة عن مبادراته الاقتصادية التي عطلها مجلس النواب الذي يهيمن عليه الجمهوريون، والمسؤول في الكونجرس عن الشؤون المالية. لكن جهود الرئيس الرامية الى تحريك النقاش حول المسائل الاقتصادية تأتي مع استعداد الكونجرس لمعارك جديدة تتعلق بخفض النفقات، ورفع سقف الدين.وقال أوباما أمام تجمع في جالزبرغ في ايلينوي أول مدينة من ثلاث مدن سيزورها في اليومين المقبلين ldquo;المهم هو تغيير النزعة السائدة في واشنطن للخروج من أزمة والوقوع في أخرىrdquo;.
وأضاف ldquo;نحتاج الى استراتيجية أميركية طويلة الأجل تقوم على جهود مستقرة وثابتة للتغلب على القوى التي تآمرت ضد الطبقة الوسطى لعقودrdquo;. وقال اوباما ان ازدهار أجيال من الطبقة الوسطى شهد ركودا في السنوات الماضية، ما انعكس سلبا على الاقتصاد.وتابع أوباما ldquo;عندما توليت منصبي في 2009 علمنا جميعا بأننا سنواجه أزمة عقارية. ونتيجة لذلك خسر ملايين الأميركيين وظائفهم ومنازلهم وأموالهمrdquo;. وأوضح ان ldquo;التآكل الذي بدأ قبل عقود ظهر للعيان وخسرت الطبقة الوسطى نتيجة لذلك استقرارها الماديrdquo;.
واعلن الرئيس الأميركي ldquo;اليوم بعد خمس سنوات على الانكماش تمكنت أميركا من النهوض مجدداrdquo;. وذكر أوباما بنجاح إدارته في إنقاذ قطاع صناعة السيارات والإصلاحات التي أنجزت في التغطية الصحية وتحسين القطاع المالي. ويتوقع ان تبرز خلافات مجددا بين أوباما والنواب الجمهوريين بشأن الموازنة ما قد يضر باقتصاد بدأ يظهر علامات تحسن بعد فترة ركود.ويتهم الجمهوريون اوباما بأنه لا يقترح سوى نفقات أعلى.
وأول أمس سخر زعيم مجلس النواب الجمهوري جون باينر من المبادرة الأخيرة للرئيس. وقال باينرrdquo;إنها (المبادرة) لا تحتوي على شيءrdquo;. ويأمل أوباما في التفاوض بشأن تسوية جديدة في الموازنة بحلول أكتوبر - نهاية السنة المالية الحالية - لتجنب تعليق العمل الحكومي.وتحدى أوباما الجمهوريين طالباً منهم تقديم مقترحات افضل لمساعدة الطبقة الوسطى وقال ldquo;لا يكفي أن تعارضوا اقتراحاتي عليكم عرض أفكار أفضلrdquo;. وتطرق أوباما الى هذا الموضوع في خطاب ألقاه في جامعة ميسوري في وارنزبرغ.
وتأتي خطابات اوباما في وقت يترقب أعضاء الكونجرس موعد انتخابات منتصف الولاية في نوفمبر 2014. وسيتم التجديد لجميع أعضاء مجلس النواب وثلث أعضاء مجلس الشيوخ، ويأمل أوباما في ان يعود مجلس النواب الى المعسكر الديموقراطي للحصول على هامش مناورة اكبر.
وقال باينر الثلاثاء معلقا على سقف الدين الأميركي ldquo;لن نرفع سقف الدين من دون خفض فعلي في النفقات. الأمر بهذه البساطةrdquo;. ومنذ 2011 يستخدم الجمهوريون سقف الدين إداة تهديد لخفض النفقات. وشدد أوباما على أنه لن يتفاوض بشأن سقف الدين ما زاد من حجم الهوة والخلافات. وقال أوباما في ايلينوي ldquo;شاهدنا عددا كبيرا من النواب الجمهوريين يلمحون الى أنهم لن يصوتوا على مشاريع قوانين اقترحها الكونجرس نفسهrdquo;. وأضاف ldquo;انعكس ذلك سلبا على النهوض الاقتصادي الهش في 2011 ولا يمكننا مواجهة وضع مماثل مجدداrdquo;.واظهر استطلاع للرأي الأربعاء أن المأزق في واشنطن سياسي بحت من الطرفين. والاستطلاع الذي أجرته صحيفة وول ستريت جورنال ومحطة ان بي سي اظهر أدنى شعبية لأداء أوباما منذ أغسطس 2011. وتبين ان المأزق السياسي المستمر انعكس سلبا أيضا على الكونجرس مع تأكيد 83% من الأميركيين أنهم لا يؤيدون أداء النواب الأميركيين
التعليقات