لم تكد تمر سوى أيام على بدء تنفيذ مشروع مترو الرياض، الذي يُنتظر أن يغيّر وجه العاصمة السعودية، حتى طفا إلى السطح ما يقول البعض إنها تدخلات غير مبررة من قبل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في تفاصيل المشروع.


الرياض: أكد أمين منطقة الرياض المهندس عبدالله المقبل ضرورة أن يكون هناك تعاون مع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهات الأمنية، للحفاظ على سير عمل قطار الرياض بعد تشغيله بما يتوافق مع المجتمع.

وبعث المقبل برسالة طمأنة إلى الهيئة، مؤكدًا أن هناك أقسامًا مخصصة للعائلات، وأن المجتمع السعودي من أكفأ المجتمعات المحافظة على عاداتها وتقاليدها، مشيرًا إلى أنه ستكون هناك برمجة للعمل، ولن تكون هناك تحويلات مقلقة أو تأثير على حركة المرور.

مستقلة ومراقبة
وكشف المقبل أن عقود تذاكر محطات المراقبة ستكون مستقلة، وأنها تحت الإجراء في الوقت الحالي، مؤكدًا أن الإعلان عنها سيكون قريبًا، وأن شبكة المترو ستكون لها كاميرات للمراقبة داخليًا وخارجيًا.

حديث المقبل جاء ليؤكد ما انفردت به quot;إيلافquot; أخيرًا من أن جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو ما يسمى بـquot;الشرطة الدينيةquot;، كان هو صاحب الصوت الأعلى والنفوذ في فرض رأيه وإلزام الجهات الأخرى في اللجنة بالعمل على مبادئه.

وقالت المصادر، التي تقضي نهاراتها في quot;معاركquot; مع مندوبي هيئة الأمر بالمعروف، إن الجهاز المثير حتى بتحديثه، رفض التوقيع على أي محضر اجتماع من دون الأخذ بما جاء به، وتمخضت أبرز اشتراطاتهم في فرض quot;الفصلquot; بين العائلات والأفراد داخل كل عربة، إضافة إلى اشتراطاتهم المعتادة في اللباس والمظهر الخارجي.

وفيما تحاول بقية أجهزة اللجنة المتعددة توضيح موقفها في quot;مبادئquot; جهاز الهيئة، الذي يحاول الدفاع عن quot;الأعراضquot;، لم يكن أمام الجهات الأخرى سوى الرضوخ لطلب الهيئة الدينية وإلباس مترو الرياض quot;حجابًاquot; إسلاميًا على حد وصف أحد رجالات المشروع الحلم.

وفي الوقت الذي أثلج هذا التصريح صدور المنادين بتدخل الهيئة وفرض رؤيتها على المشروع، فإن آخرين استغربوا ما ذكره أمين الرياض، مؤكدين أنه من السابق لأوانه الخوض في هذه التفاصيل قبل أعوام من رؤية المشروع للنور، وهو الذي يحتاج أربع سنوات على الأقل من العمل.

مثير للدهشة
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي جدلًا واسعًا حول الموضوع، ودشّن البعض quot;هاشتاغquot; على موقع quot;تويترquot; بعنوان quot;#مترو_الرياض_وفق_تقاليد_المجتمعquot;، وقد حظي بنسبة متابعة عالية، وغرّد المئات عبره، مؤكدين أن تدخل الهيئة في كل صغيرة وكبيرة أمر مثير للدهشة.

لم يخل الأمر من تعليقات ساخرة ضد هيئة الأمر بالمعروف، وقال البعض إنه لم يتبق سوى أن ترسل عناصرها من الآن للمرابطة أمام المترو، حتى قبل انطلاق العمل رسميًا وفعليًا في المشروع.

وكان أمير منطقة الرياض ورئيس اللجنة المشرفة على تنفيذ مشروع النقل العام في المدينة الأمير خالد بن بندر بن عبدالعزيز أعلن إطلاق اسم (مشروع الملك عبدالله للنقل العام في مدينة الرياض - القطار والحافلات) على مشروع النقل العام خلال حفل الإعلان عن ترسية عقود التنفيذ.

وتم فيه الإعلان عن ترسية عقود مشروع (مترو الرياض)، على كل من الائتلافات، التي سبق الإعلان عن تأهيلها: ائتلاف (باكس)، وائتلاف (فاست)، وائتلاف (الرياض نيوموبيليتي)، وذلك بعد صدور الموافقة السامية على العروض التي تقدمت بها، وتتشكل هذه الائتلافات من 20 شركة عالمية كبرى، تنتمي إلى 11 دولة من مختلف أنحاء العالم.

الأمير خالد أكد أن المشروع يعد الأكبر من نوعه وفي حجمه ومكوناته وتقنياته وتكامله مقارنة مع شبكات النقل الأخرى، وقال: quot;يهدف هذا المشروع إلى تيسير حياة المواطنين وتخفيف أعباء التنقل عن كاهلهم، يجمع بين تعزيز مكانة السعودية ودعم مقوماتها الحضارية كوحدة من أسرع الحواضر في العالم نموًا وبين مواكبة التنامي الكبير الذي تشهده المدينة في عدد سكانها ومساحتهاquot;.

وتابع: quot;تشير التقديرات إلى أن نمو عدد سكان مدينة الرياض من نحو ستة ملايين نسمة حاليًا إلى أكثر من ثمانية ملايين ونصف مليون نسمة خلال السنوات العشر المقبلة، إضافة إلى توسع مساحتها متجاوزة الثلاثة آلاف ومائة كيلو متر مربع، وتزايد أعداد المركبات، التي بلغت هذا العام أكثر من مليون ونصف مليون مركبة، تقطع يوميًا سبعة ملايين رحلة، وهو ما يتطلب توفير بدائل مستدامة وأكثر فاعلية للوفاء بمتطلبات التنقل القائمة والمتوقعة في المدينةquot;.

من جانبه، قال سيرجيو دي لوكا، الرئيس التنفيذي لشركة انسالدو إس تي إس لتصنيع أنظمة التحكم من إيطاليا قائد ائتلاف (الرياض نيوموبيليتي)، إن المشروع لن يكون له مثيل في العالم.

الأفضل عالميًا
وأكد تقديم الائتلاف أفضل ما يمتلك من تقنيات وخدمات ومهارات لتلبية تطلعات سكان وزوار مدينة الرياض من هذا المشروع الذي سيكون quot;أفضل مشروع للمترو في العالم، وسيغيّر وجه هذه المدينة، ويجعل تجربة التنقل في ربوعها أمرًا لا ينسىquot;.

يتكون مشروع القطار الكهربائي من 6 محاور رئيسة، بطول إجمالي يبلغ (176) كيلومترًا، تغطي معظم المناطق ذات الكثافة السكانية والمنشآت الحكومية والأنشطة التجارية والتعليمية والصحية، وترتبط بمطار الملك خالد الدولي.

كما تغطي شبكة النقل بالحافلات كامل أجزاء المدينة، من خلال شبكة بطول (1083) كيلومترًا، تتوزّع بين مستويات مختلفة عدة، من ضمنها أربعة مسارات لخطوط الحافلات ذات المسار المخصص.

ويشمل المشروع توريد وتشغيل وصيانة 1064 حافلة مختلفة الأحجام والسعات، وتضم 776 محطة انتظار ومواقف عامة بمختلف الفئات والأحجام، إضافة إلى تنفيذ أنظمة التحكم والمراقبة ومنافذ بيع التذاكر ومركز للتحكم والتشغيل بشبكة النقل العام في مدينة الرياض.