الخرطوم: يعاني عدد كبير من شركات الصرافة العاملة في السودان من مشاكل قد تؤدي إلى إغلاق أبوابها في وقت قريب، بسبب تناقص العملات الصعبة في السوقين الرسمية والموازية.فقد شرع عدد من شركات الصرافة في إغلاق فروعها والاكتفاء بمكتب رئيسي بجانب فرع في ظل الخسائر التي مُنيت بها منذ اتخاذ الحكومة السودانية قرارا في حزيران/يونيو من عام 2012 بوقف ضخ النقد الأجنبي الى الصرافات.ومنذ الانفصال عن جنوب السودان في تموز/يوليو 2011 فقدت الخرطوم واحدا من أهم موارد النقد الأجنبي لديها، بعد أن حظيت جوبا بنحو 75 من النفط بعد الانفصال.
ومن وقتها يشكو عدد كبير من العاملين بشركات الصرف بالسودان من وجود ركود شديد ارجعوه لشح النقد الاجنبي وتوقف بنك السودان المركزي عن دعم الصرافات.
وبدأت الصرافات بالسودان عملها في العام 2008 بعد التحسن الذي طرأ على الاقتصاد السوداني إثر التوقيع على اتفاقية السلام الشامل مع دولة جنوب السودان في العام 2005.ونشط عمل الصرافات كأحد المنافذ الرسمية للتعامل بالنقد الأجنبي، وقامت بتقديم خدمات مصرفية تمثلت في تحويلات الطلاب الدارسين بالخارج وتحويل رواتب العمال الاجانب بالدولة الى مواطنهم الأصلية.وقال المدير المالي لإحدى الصرافات العاملة بالخرطوم، والذي فضل حجب اسمه، إن بنك السودان المركزي كان يقوم بتحويل 200 الف دولار أسبوعيا للصرافات تخصص للحسابات الخارجية.
وأضاف في حديثه مع مراسلة وكالة الأناضول أن هذه المبالغ بدأت بالتناقص، بالترافق مع أزمة النقد الأجنبي التي ضربت السودان بعد أن بدأ يتوسع في مشاريعه التنموية عن طريق القروض والسندات.واعتبر ان ارتفاع عدد التوكيلات الخارجية التي تحتاج الى نقد اجنبي لإتمامها، وجلب السلع الى الداخل كانا من اهم اسباب تآكل احتياطي الدولة من النقد مما أثر على السوق الموازي ورفع الفجوة بين السعر الرسمي والسعر الموازي للدولار.ولا تكشف الحكومة السودانية عن حجم احتياطي النقد الأجنبي لديها، لكن مسئولا بالبنك المركزي قال للأناضول الشهر الماضي إن الاحتياطي في حدود الأمان ويكفي تغطية واردات السودان من السلع الأساسية لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر.
وأصدر بنك السودان المركزي قرارا في حزيران/يونيو 2012 يقضي بإيقاف ضخ النقد الاجنبي للصرافات على ان تعمل على توفير مواردها من النقد الاجنبي بصورة ذاتية وتحويل المبالغ المرصودة لأغراض السفر والعلاج والدراسة بالخارج الى المصارف.
واوضح نائب محافظ البنك المركزي، بدرالدين محمود، في تصريحات سابقة أن القرار يأتي في اطار السياسات النقدية الجديدة وحصر دور الصرافات في بيع وشراء النقد الأجنبي وفقا لسياسية سعر الصرف المرن.وقال محمود إن الصرافات أخطأت في اعتمادها الكامل على البنك المركزي، وطالبها بجذب مدخراتها من النقد الاجنبي ومنحها الخيار في العمل وفقا لإطار سعر الصرف المرن المدار او أن تموت موتا طبيعيا.وتابع القول انه من غير المعقول ان ينحصر دور الصرافات في توزيع موارد البنك المركزي دون ان يكون لها موارد ذاتية تعتمد عليها.وقال المدير المالي لإحدي الصرافات إنهم في مواجهة ثلاث خيارات يتوقع حدوثها قريبا في حال استمرار سياسات البنك المركزي تجاههم. وتشمل هذه الخيارات: إغلاق مكاتب الصرافة أبوابها نهائيا، او تجميد نشاطها، او الاكتفاء بمكتب رئيسي وتقليص كافة الفروع في الولايات.
واستنكر تقييد الصرافات بالتعامل وفقا لسعر معين مع مطالبتها بأن تعمل على جلب مواردها بصورة ذاتية في الوقت الذي ينشط فيه تجار السوق الموازي في الداخل والخارج لاستقطاب موارد العاملين بالخارج بأسعار مغرية تجذبهم لتحويل مدخراتهم عبر السوق الموازي.
ويعتفد الأمين العام السابق لاتحاد الصرافات، عبد المنعم نور الدين، بصحة سياسات البنك المركزي فيما يختص بإيقاف الضخ، ويقول إن الدور الأساسي للصرافات ينحصر في استقطاب موارد للنقد الاجنبي وان الصرافات لابد ان تعتمد على ذاتها.واضاف في مقابلة مع الأناضول الصرافات موزع لنقود البنك المركزي.. إنها تخرج عن الدور الذي تلعبه بسبب اعتمادها على البنك المركزي في تلقيها مبالغ يومية بعد أن فشلت في استقطاب موارد العاملين بالخارج.ووصف نائب محافظ البنك المركزي، بدر الدين محمود، قرار إيقاف الضخ من الصرافات بأنه القرار السليم،وقال لـمراسلة الأناضول لا توجد صرافة في العالم تعتمد على البنك المركزي في تغذيتها.. كل الصرفات في انحاء العالم تعمل على بيع وشراء النقد الأجنبي دون تدخل من البنوك المركزية.وأضاف أن البنك المركزي اذا اراد توزيع نقود فإن فروع المصارف ستكون أولى بها، وأن السعر الذي قام المركزي بتحديده للصرافات فيه قدر كبير من المرونة بما يمكنها من جذب مبالغ مقدرة من النقد الأجنبي يمكن ان تعمل على توظيفها في الأغراض المحددة لها.ويحدد البنك المركزي للصرافات سعر بيع الدولار بـ5.55 جنيه مقابل 7.50 جنيه للدولار في السوق الموازي، فيما بلغ السعر الرسمي للدولار والذي يصدره بنك السودان المركزي 4.42 جنيه.ويتيح البنك المركزي للصرافات والبنوك وضع حافز تشجيعي للمصدرين وفقا للعرض والطلب.
التعليقات