دفعت الحكومة التونسية المؤقتة بخبراء الاقتصاد للإدلاء بدلوهم في ما يتعلق بميزانية العام المقبل بعد بدء طرح خطوطها العريضة، والتي من المنتظر أن تبلغ 18 مليار دولار، ويثير اقتصاديون ومهتمون مواضيع الجباية غير العادلة والتهرب الضريبي وضرورة ترشيد التداين، من أجل تحقيق التوازن بين المصاريف والموارد.
محمد بن رجب من تونس: قالت وزارة المالية التونسية مؤخرا، أنّ ميزانية الدولة للعام 2014 ستكون في حدود 28.3 مليار دينار ( 18 مليار دولار) أي بزيادة 2.2 % عن ميزانية 2013.
وقال وزير المالية الياس الفخفاخ، إنه سيتم التركيز على التقليص من نسبة عجز الميزانية في حدود 6.5 % مقابل 7.5 % العام الجاري، مشيرا إلى إمكانية ارتفاع نسبة الديون الخارجية لتبلغ 49 %من الناتج القومي التونسي.
توزيع موارد الدولة
أوضح الخبير الاقتصادي عزالدين مصباح أن مشروع الميزانية لا يتوقف على التقليص من العجز أو ارتفاع في المديونية، بل هناك مؤشرات أخرى لكيفية توزيع موارد الدولة بين الاستثمار والمصاريف مبرزا أنّ الاستثمارات قد غابت تقريبا في ميزانيات السنوات الثلاث الأخيرة.
ترشيد التداين
وأكد مصباح في تصريح لـquot;إيلافquot; ضرورة التقليص من العجز مبينا التأثير السلبي للتداين في السنوات القادمة بعد التخفيض من تصنيف تونس، مستدركا: quot;لا يمكن رفض التداين لكن لا بد من ترشيدها والحصول عليها من أسواق عالمية مالية لا توظف نسب فائدة عاليةquot;.
قرض جديد
وأشار وزير المالية إلى أنّ الحكومة التونسية تتفاوض مع الإتحاد الأوروبي من أجل الحصول على قرض تصل قيمته إلى 5500 مليون دينار.
من جانبه، صرّح المدير العام بوزارة المالية شاكر السلطاني بأنّ تونس في حاجة إلى تمويلات خارجية لميزانية 2014 بقيمة 3.62 مليار دولار.
الهروب إلى الأمام
اعتبر خبير الاقتصاد عبدالرحمن اللاحقة أنّ نقطة الضعف الواضحة في هذه الميزانيةquot; تتمثل في ارتفاع نسبة الدين الخارجي كما أنها ليست مرفقة ببوادر إصلاحات وبالتالي نحن أمام quot;سياسة هروب إلى الأمامquot; العقيمةquot;.
وأشار اللاحقة في إفادته لـquot;إيلافquot; إلى أنّ ارتفاع نسبة التداين تزيد من صعوبة إدخال إصلاحات في السنوات القليلة القادمة، مع تواصل غياب النظرة الإستشرافية لمستقبل التنمية في تونس، مؤكدا وجود quot;إجراءات اعتباطية quot; على مستوى التخفيض في نسبة الضريبة على الشركات في غياب إصلاح مجلة الجباية.
واضطرت الحكومة خلال العام الجاري إلى التخفيض مرتين من توقعاتها لنسبة النمو بسبب الوضع الاقتصادي والاجتماعي والأمني الصعب إلى جانب انخفاض معدل النمو العالمي، ونزلت التوقعات من 4.5% إلى 4% قبل أن تستقر أخيرا في 3.6%.
غرض انتخابي
أوضح الخبير الاقتصادي، عبدالرحمن اللاحقة، أنّ الفئات الاجتماعية الهشة توجد خارج المنظومة الجبائية وما تم الإعلان عنه من إعفاء بعض محدودي الدخل، يمثل quot;حركة شعبوية لغرض انتخابيquot;.
وشدد على أنّ توظيف ضريبة على الشركات المصدرة كليا يعتبر quot;قرارا جيداquot;، ولكن كان يجب ان يكون في إطار إصلاح المنظومة الجبائية وقانون الاستثمار، مؤكدا أنّ الحكومة لم تهتمّ بالنظام الجزافي الذي يهمّ أصحاب المهن الحرة والمؤسسات الصغيرة، وهي إجراءات لن يكون لها تأثير طالما أنها لم تكن في إطار حوار وطني بين مختلف الجهات المتدخلة كمنظمة الأعراف واتحاد الشغل (المركزية النقابية).
النظام الجزافي
أبرز اللاحقة أنّ النظام الجزافي يتمثل في وجود 480 ألف دافع ضرائب، وهم أساسا أصحاب المهن الحرة والمؤسسات الصغرى وهؤلاء يدفعون ضريبة ضعيفة جدا لفائدة ميزانية الدولة وبمعدل 100 دينار فقط (70 دولارا ) بينما أستاذ التعليم الثانوي مثلا/ يدفع نحو 1800 دينار كضريبة وبالتالي المطلوب هو أن نجعل هؤلاء يدفعون أكثر لفائدة الدولة، quot;لكن لأغراض انتخابية لا تعمل الحكومة على تطبيق النظام الجزافيquot;، على حدّ تعبيره.
ودعت جلسة وزارية للنظر في ملف الإعداد لميزانية تونس للعام 2014 quot;مزيد التشاور مع الأطراف المتدخّلة في مجال إعداد قانون المالية حول الأحكام الجبائية المزمع إدراجها في قانون المالية لسنة 2014 لدعم القدرة التنافسية للمؤسسات وتمويل الاستثمار، و مزيد دعم العدالة الاجتماعيّة، ومساندة قواعد المنافسة النزيهة والتصدّي للتهرّب الضريبي، و توسيع قاعدة الأداء وتحسين استخلاصهquot;.
أولويات
شدّد الخبير الاقتصادي اللاحقة على ضرورة تحديد ميزانيات دقيقة لكل من الدعم والاستثمار وتعمل على عدم تجاوز ما يتم تحديده إلى جانب العمل على التخفيف من نسبة التداين مع التأكيد على ضرورة تطبيق النظام الجزافي حيث يمكن الحصول على مليارات الدينارات.
وأكد اللاحقة على أنّ الأزمة الاقتصادية في تونس quot;سياسية بامتيازquot;، وما على الحكومة إلا الجلوس على طاولة الحوار مع كل الأطراف وإعداد كل ما يهمّ تونس في هذه المرحلة الانتقالية حتى ينخرط الجميع من أجل تجاوز الصعوبات الراهنة.
استثمارات منتجة
من جانبه أبرز الخبير الاقتصادي عزالدين مصباح أنّ قيمة المصاريفالمقررة للدولة تبلغ حوالي 16 مليار دينار بما فيها الأجور، مشددا على ضرورة البحث عن استثمارات منتجة من طرف الدولة والتي ستكون دافعا أساسيا للاستثمارات الخاصة في الجهات المحرومة والتي ستحدث التنمية وترفع من عدد فرص العملللعاطلين.
ودعا الدولة إلى ضرورة إحداث مشاريع لإعادة هيكلة القطاعات المنتجة من أجل القضاء على البطالة مبرزا أنّه بإتباع سياسة مالية ونقدية رشيدة يمكن أن تساهم في التخفيض من نسبة التضخم العالية جدا والتي بلغت حاليا 6.2% ولكنها بدأت فعلا في الانحدار في الفترة الأخيرة مع نهاية شهر أغسطس (6%).
وأبرز مصباح تداخل السياسة النقدية والمالية مشددا على ضرورة توحيد الآليات النقدية حتى تكون ذا تأثير إيجابي للتخفيض من نسبة التضخم المالي الذي تعيشه تونس.
وقال سليم بسباس مستشار رئيس الحكومة للشؤون المالية إن مشروع ميزانية 2014 يتوقع نسبة نمو تبلغ 4% بعد أن كانت في حدود 3.6% خلال العام الجاري.
التعليقات