يتوقع أن يصل الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الاثنين إلى تركيا، في زيارة دولة يسعى خلالها إلى طيّ صفحة العلاقات الثنائية الصاخبة، وإعطاء بعض الزخم للمبادلات الاقتصادية، بالرغم من الأزمة السياسية التي تتخبط فيها البلاد.


أنقرة: هذه الزيارة غير المسبوقة منذ تلك التي قام بها الرئيس الراحل فرنسوا ميتران في 1992، ستكون الأولى لهولاند إلى الخارج، منذ إعلان انفصاله عن شريكة حياته فاليري تريرفيلر، التي وصلت ليل الأحد الاثنين إلى الهند، حيث ستقدم دعمها للمنظمة غير الحكومية quot;العمل ضد الجوعquot;.

زخم للعلاقات
وتستعد أنقرة لفرش السجاد الأحمر لاستقبال هولاند في هذه الزيارة التي تستمر يومين. وبعيد وصوله إلى تركيا، سيضع الرئيس الفرنسي باقة من الأزهار على قبر مصطفى كمال أتاتورك أب الجمهورية، قبل أن يستقبله رسميًا نظيره التركي عبدالله غول.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركي ليفنت جمروكتشو لوكالة فرانس برس quot;نتوخى من هذه الزيارة زخمًا جديدًا للعلاقات الفرنسية التركية ومع الاتحاد الأوروبيquot;. وفي اليوم الأول من الزيارة قد يضطر الرئيس الفرنسي للرد على إعلان إحصاء فرنسي مرتقب جدًا، وهو الأرقام عن البطالة لشهر كانون الأول (ديسمبر).

فقد تعهد هولاند علنًا بوقف ارتفاع معدل البطالة في أواخر العام 2013، لكن التحسن الذي لوحظ في تشرين الأول (أكتوبر) اضمحل عمليًا في الشهر التالي. وأرقام كانون الأول (ديسمبر) ستكون حاسمة، لكنها قد تكون مخيّبة للآمال. وتحدث وزير العمل ميشال سابان الأحد عن وضع quot;مستقرquot;.

ما عدا ذلك، تأتي زيارة هولاند في فترة تشهد فيها تركيا توترًا سياسيًا كبيرًا. ففي الأسابيع الأخيرة، رد نظام رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان بقسوة على الملاحقات القضائية بحق عشرات من المقربين من الحكومة الإسلامية المحافظة، للاشتباه في تورطهم في قضايا فساد، وقام بعمليات تطهير غير مسبوقة في أوساط القضاء والشرطة.

تصريحات متأنية
في هذا الإطار، يتوقع أن يحاذر فرنسوا هولاند إعطاء غطاء للنظام بزيارته هذه المقررة منذ فترة طويلة. ويتوقع في هذا الصدد أن يحذو حذو رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو، الذي دعا رئيس الوزراء التركي الثلاثاء أثناء زيارته إلى بروكسل إلى quot;مواصلة الإصلاحات الضروريةquot; بغية ضمان احترام دولة القانون في تركيا.

وتعتبر بروكسل هذا الأمر شرطًا لازمًا لأي انضمام محتمل لتركيا إلى الاتحاد الأوروبي. لكن الهدف ما زال بعيد المنال، ولا يزال الطريق طويلًا أمام المفاوضات التي بدأت في 1999. وكان أردوغان اعتبر رفض الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي لعضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي بمثابة إهانة، وما زاد الطين بلة التصويت على قوانين فرنسية تعترف بإبادة الأرمن في ظل الإمبراطورية العثمانية، أو تعاقب على إنكارها.

لذلك يتوقع أن تكون تصريحات فرنسوا هولاند متأنية، إذ إن القادة الأتراك سيولونها اهتمامًا خاصًا، خصوصًا وأنه اكتفى حتى الآن بالإشارة إلى أن مسألة انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي لن تطرح بشكل ملموس أثناء سنوات ولايته الخمس، لأن الأوروبيين استبعدوا أي انضمام قبل العام 2020.

مبادلات واتفاقات
في الواقع فإن الموقف الفرنسي قد تكون له انعكاسات كبيرة على المبادلات التجارية، التي ستكون في صلب مباحثات اليوم الثاني لهذه الزيارة، التي ستتخللها سلسلة لقاءات مع أوساط الأعمال التركية في إسطنبول.

فنتيجة البرودة في العلاقات في ظل رئاسة ساركوزي، تدهورت حصة السوق الفرنسية في تركيا من 6 إلى 3% بين 2009 و2012، فيما تضاعف إجمالي الناتج الداخلي للفرد في تركيا ثلاثة أضعاف بين 2002 و2012. وفي ما يتعلق بهذه النقطة أشير في أوساط الرئيس الفرنسي إلى أن باريس عازمة القيام quot;بعمل يعوّض ما فاتquot;.

وفي دلالة على أهمية هذه الزيارة، يرافق هولاند في هذه الزيارة سبعة وزراء، بينهم وزير الخارجية لوران فابيوس ووزير الإصلاح الإنتاجي آرنو مونتبور، والدفاع جان إيف لودريان، إضافة إلى وفد مؤلف من نحو أربعين شخصًا من المسؤولين في المجال الاقتصادي ومدراء شركات.

فبعد سنة مثمرة عمومًا في 2013 بالنسبة إلى الشركات الفرنسية مع إبرام عقود بقيمة 15 مليار يورو في تركيا، ستوقع أثناء الزيارة سلسلة اتفاقات في مجالات النووي المدني والبنى التحتية ومكافحة التزوير.