لا خيار أمام حكومة عبدالإله بنكيران في المغرب، سوى اللجوء مجددًا لسياسة "شد الحزام" والتقشف في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يمر بها&البلد.


أيمن بن التهامي من الرباط: وضع مشروع قانون المالية لسنة 2015 "التقشف" على رأس أولوياته، من خلال رزنامة من الإجراءات الرامية إلى تقليص النفقات، في وقت يرى فاعلون أن هذه الخطوة جاءت متأخرة.

خطوة متأخرة

يبدو أنه لا خيار أمام المغرب سوى اللجوء مجددًا لسياسة "شد الحزام" في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يمر بها البلد.

وهذا التوجه كشفت عنه المذكرة التأطيرية الخاصة بإعداد مشروع قانون المالية 2015، التي أعلن من خلالها عن حالة التقشف عبر مجموعة من الإجراءات.

وحددت المذكرة التي عممها رئيس الحكومة على مختلف الوزارات عجز الميزانية، التي يتعين الالتزام بها خلال السنة المقبلة، في حدود 4.3 في المئة، وذلك في إطار ما سبق أن أوصى به صندوق النقد الدولي، خلال مصادقته على منح المغرب خط السيولة الوقائي الثاني، إذ طالب بضرورة مواصلة استعادة التوازنات الماكرواقتصادية، من خلال الاستمرار في إصلاح نظام المقاصة وضبط نفقات التسيير وتحسين مناخ الأعمال.

مطروحة ومفروضة

قال عمر الكتاني، الأستاذ والباحث في الاقتصاد، إنّ "سياسة التقشف مطروحة ومفروضة، وفي الحقيقة تأخرنا في اعتماد هذه السياسة".

أضاف: "كنا دائما نستبق الأحداث ونتساءل عن سبب عدم اعتماد الدولة هذه السياسة. وما يقع الآن هو أن جميع التدابير المتخذة متأخرة بثلاث أو أربع سنوات".

وقال عمر الكتاني لـ"إيلاف": "لو كنا اعتمدنا هذه السياسة قبل ثلاث أو أربع سنوات كنا سنربح كلفة التأخير... فكل حكومة كانت تريد إظهار أن الوضع على ما يرام والسنة جيدة، وبالتالي لا تتخذ التدابير الصارمة، وبالتالي تدفع الدولة الثمن. وحتى الأمر نفسه ينطبق على أوروبا. بوادر الأزمة كانت موجودة، لكن تدابير سياسة التقشف اتخذت متأخرة. وهذا يدل على أن سياسة الصراحة في مخاطبة الرأي العام لا تعتمد كثيرًا".

وأكد الأستاذ الباحث في الاقتصاد أن "ما يقع في المملكة هو أن كلفة تسيير الدولة مرتفعة جدًا، بينما مردوديتها ضعيفة. وهذا كله هدفه إظهار أن لا أزمة في المغرب وأن الوضع جيد".

استثمار متواضع

وضع رئيس الحكومة شروطًا صارمة في ما يتعلق بنفقات الاستثمار، أبرزها الأهداف المتوخاة منها، ومدى انسجامها مع الأولويات المسطرة للعمل الحكومي برسم قانون المالية للسنة المقبلة، كما طالب الوزارات بحصر مقترحاتها بشأن المناصب المالية.

وفي هذا الإطار، أكد عمر الكتاني أن "الاستثمار في المغرب متواضع، في كل الحالات. ولهذا، فإن المجهود الذي تبذله الحكومة الحالية من أجل المحافظة على مستوى معين من الاستثمار ليس هو الذي يوظف كثيرًا".

وأشار إلى أنه "ليس حجم الاستثمار هو الذي يوظف، بل طريقة التوجه للاستثمارات هي التي توظف كثيراً. ولحد الآن الاستثمارات التي نتوجه لها لا تشغل الكثير من اليد العاملة".

وأضاف "نسبة التشغيل ستبقى ضعيفة في المغرب، في كل الحالات، نظرًا لتوجهات الاستثمار في المغرب التي هي توجهات معروفة وقطاعات معروفة، علمًا أن الاستثمارات في السياحة لم تعطِ المردودية المنتظرة بسبب الأزمة التي طالت أوروبا".

اصلاح المقاصة

يشار إلى أن المذكرة أكدت على ضرورة مواصلة إصلاح صندوق المقاصة بالوتيرة ذاتها، من خلال مواصلة تطبيق نظام المقايسة بالنسبة إلى المواد البترولية، وتفعيل البرنامج التعاقدي الموقع مع المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، وذلك بتخصيص دعم جزافي للفيول الموجه إلى المكتب، كما نصت على ضرورة اتخاذ الإجراءات الضرورية والمستعجلة لضمان التوازن المالي لأنظمة التقاعد، في أفق تفعيل الإصلاح المندمج والشامل لها بما يضمن ديمومتها على المدى البعيد.

وكانت الوزارات قدمت مقترحاتها إلى مديرية الميزانية، بعد المذكرة التأطيرية الخاصة بإعداد مشروع قانون المالية 2015، التي عممت عليها من طرف رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران.