بات المستهلك الإماراتي مرتبكًا بعد تضارب الأنباء حول مانغو ألفونسو، ففي وقت أشار الاتحاد الأوروبي إلى أخطار صحية تنتج من هذا النوع من المانغو المستورد من الهند وفرض حظر عليه، أكد جهاز أبوظبي للرقابة أن تحاليله أثبتت سلامة هذه المانغو.
محمود العوضي من دبي: بعد بضعة أيام من تأكيد هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" أن الاتحاد الأوروبي منع استيراد المانغو الهندي، خاصة النوع المفضل لدى الكثيرين، والمسمى ألفونسو، ما لم يخضع لمعالجة خاصة لتقليص خطر الإصابة بذباب الفاكهة، وذلك بعد التأكد من وجود أخطار صحية تنتج من هذا النوع من المانغو الوارد من الهند، سارع كالعادة جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية في الإعلان سريعًا بأنه أجرى خلال الأيام الماضية تحاليل مخبرية عدة على عينات عشوائية من منتجات فاكهة مانغو ألفونسو الموجودة في منافذ البيع، والواردة من دول مختلفة إلى الإمارات، مؤكدًا أن التحاليل المخبرية أكدت سلامة منتجات المانغو الواردة إلى الإمارة.
تضارب معطيات
هذا ويحاول مافيات وتجار الفواكه التلاعب على أجهزة الرقابة الغذائية في منطقة الخليج، وإيهامهم بأن شحنات مانغو ألفونسو سليمة، ولا توجد فيها أية أضرار، وذلك من أجل تحويل الشحنات المرتجعة، التي تم تصديرها إلى أوروبا، إلى دول الخليج، ومن ثم بيعها في الأسواق الخليجية.
وأكد محمد جلال الريسي مدير إدارة الاتصال وخدمة المجتمع في الجهاز أن التحاليل المخبرية أكدت سلامة منتجات المانغو الواردة إلى الإمارة عبر مطار أبوظبي، والبالغ عددها 156 شحنة، تم إخضاع عينات عشوائية منها للفحص، وتبيّن أنها مطابقة للمواصفات، ولا تحوي أي أخطار صحية على حياة المستهلكين.
وشدد على أن حظر بعض الدول لمنتج مانغو ألفونسو نابع من خشيتها من انتقال آفة ذبابة الفاكهة إلى محاصيلهم مستقبلًا، وليس لخلل إنتاجي أو مخاطر صحية أصابت المنتج المذكور، وهو ما أدى إلى إحداث سوء فهم لدى المستهلكين، نتيجة الخلط بين المقصود من القرار الأوروبي وفهم المستهلكين لمضمونه.
وأكد الريسي أن الجهاز يتابع بشكل دقيق كل الأحداث والتقارير الدولية المتعلقة بالغذاء، ويتابع فورًا حالة المنتجات الغذائية موضع الجدل الموجودة في الأسواق المحلية للتأكد من سلامتها، مناشدًا الجمهور التواصل مع المؤسسات الرسمية المعنية بسلامة الغذاء في الدولة للحصول على المعلومات الدقيقة.
&
الريسي مطمئنًا: لدينا مختبرات عالمية
دخلت "إيلاف" في نقاش مع الريسي عبر "تويتر"، ووجدت منه كل تجاوب، ما يدل على أنه شخصية نشطة. وسألته "إيلاف" عن موقف الجهاز من دخول مانغو ألفونسو الهندية بعد حظر الاتحاد الأوروبي دخولها إلى أراضيه، وهل ما ذكره الجهاز من عدم وجود خطورة من استيراد هذا النوع من المانغو ينطبق على أبوظبي فقط أم على إمارات الدولة كافة.
وأجاب الريسي: "نحن نطاق عملنا هو إمارة أبوظبي، ولدينا ترابط مع البلديات في الإمارات الأخرى، وفي حالة وجود مخاطر يتم إخطارهم.. وهناك لجنة مشتركة تعمل لضمان عدم وجود أي منتج غير سليم في أي إمارة، وعملنا تكاملي".
وحول إمكانية وجود تنسيق بين جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية والهيئات الصحية والغذائية في الاتحاد الأوروبي بشأن سلامة الأغذية، وخصوصًا الخضر والفواكه، أضاف إن "هناك شبكة عالمية لأجهزة الرقابة الغذائية، ومنها أوروبا وكل العالم، وفي حالة وجود أية إشكالية، يتم إخطارنا بها.. وقرار أوروبا وقف استيراد مانغو ألفونسو متعلق بالآفات الزراعية، وليس سلامتها، حفاظًا على المحاصيل الزراعية، وليس هناك خطر على تناولها من قبل الإنسان".
وعن إمكانية قبول الجهاز للشحنات التي رفضت أوروبا دخولها من مانغو ألفونسو طالما أن المشكلة تكمن في تأثر المحاصيل الزراعية بها، وليس الإنسان، أجاب الريسي "نحن نقوم بفحص أي شحنة مواد غذائية مهما كان مصدرها، ونتأكد من سلامتها، وبعدها يسمح لها بالدخول، وهناك صرامة في ذلك.. وأحب أن أؤكد أن الشحنات التي تأتينا تكون من بلد المنشأ، ويطلب لها شهادات خاصة، ويتم اختبارها قبل دخولها".
موضحًا أن "المواطنين والمقيمين في الدولة ليسوا بأقل أهمية من مواطني أوروبا.. لذا نقوم بإجراءات ونفحصها لدينا وفي مختبرات عالمية إذا تطلب الوضع، ويمكنك الرجوع إلى اللجنة الأوروبية للسلامة الغذائية في الاتحاد الأوروبي لتسألهم عن جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية، وسوف تجد ما يثلج صدرك بكل فخر".
تساءلت "إيلاف" لماذا لم يتم إيقاف استيراد مانغو ألفونسو الهندية موقتًا كإجراء احترازي حتى يتم التأكد تمامًا من خلوها من المخاطر التي أعلن عنها الاتحاد الأوروبي، فأجاب الريسي أنه "في حال وجود احتمالية خطورة يتم إيقاف الاستيراد كإجراء احترازي إلى حين ظهور النتائج، ولكن مع وجود النتائج والتأكد، لا توجد حاجة إلى الإيقاف.. وللعلم لدينا مختبرات معتمدة في أبوظبي تعتبر الثانية في بعض الاختبارات الغذائية في العالم".
&
إحباط وخسائر هندية
وقالت مسؤولة التصدير في الهند مونيكا بهاندري إنها محبطة للغاية لقرار الاتحاد الأوروبي بمنع دخول مانغو الفونسو الهندية، مؤكدة أن المشكلة لا تكمن في الخسائر المادية المترتبة على ذلك القرار، والتي تقدر بالملايين، ولكن المشكلة تتعلق بالأساس في فقدان المانغو الهندية ثقة الأسواق الأوروبية وفقدانها سوقًا عريضة، كما إن موسم المانغو قصير للغاية، حيث يبدأ من منتصف نيسان/أبريل حتى شهر حزيران/يونيو فقط، ولذلك لا يمكن أن تنتظر أسابيع حتى تصل إلى حل وسط مع الاتحاد الأوروبي، كأن تتم معالجة المانغو حراريًا عبر البخار لضمان خلوها من أي أمراض، ومن ثم يمكن تقديمها للمستهلكين في أوروبا، أو أنه يلزم عودة هذه الشحنات سريعًا إلى الهند من أجل بيعها في السوق الهندية. مشددة على أنه لا يوجد أي وقت للانتظار حتى لا تتلف الشحنات.
وأشارت بهاندري إلى أنها ستسعى جاهدة إلى طرح الموضوع للنقاش في البرلمان الأوروبي، والبرلمان البريطاني. مبينة أن الحكومة الهندية ستحاول كذلك بشتى الطرق إلغاء الحظر على المانغو الهندية من أسواق أوروبا.
هذا وقد انخفضت أسعار تلك المانغو بعد الحظر الأوروبي لها بنسبة 15%، حيث كان سعر الكيلو قبل الحظر يصل إلى 2.5 دولار. وبهذا من المتوقع أن يخسر مصدرو المانغو في الهند مبالغ تقدر بين 8 إلى 10 ملايين دولار جراء تلك الخطوة الأوروبية التي أصابت مانغو ألفونسو في مقتل.
وبدأ أسطول السفارات الهندية في الخارج والتجار ومافيا التجارة العالمية في التحرك تجاه الدول المستوردة لتلك المانغو من أجل ضمان عبورها إلى الأسواق العالمية والمحلية من دون النظر إلى ما يمكن أن تشكله من مخاطر، سواء صحية على الإنسان أو زراعية على المحاصيل الزراعية.
&
صادرات بالمليارات
وتبلغ قيمة ما تستورده دول الخليج من الفاكهه والخضر ومنتجات زراعية أخرى من الهند مليارات الدولارات سنويًا. وكذلك أوروبا تستورد ما قيمته 4 مليارات دولار من الخضر والفواكه الهندية سنويًا.
وتقول الهند إن القيود الأوروبية أكثر صرامة من المعايير الأميركية والأسترالية، كما إن ضوابط سلامة كافية جرى أصلًا اعتمادها للصادرات. ويأتي ذلك بعدما منع الاتحاد الأوروبي أخيرًا استيراد التفاح الأميركي بسبب الملوثات الضارة فيه، وتحتوي محاصيل التفاح الأميركية على 0.42 ppm من مادة ضارة، أي ما نسبته أربعة أضعاف من الحد المسموح به لهذه المادة في دول الاتحاد الأوروبي.
التعليقات