يتوافد السيّاح على كيبيك الكندية في الخريف لرؤية غاباتها تتحول ألوانًا متألقة. لكن ورق الشجر الجميل يخفي سرًا أسود. إذ يبيع جامعو نسغ القيقب عصيره في غابات المقاطعة بأسعار باهظة لمحبي الفطائر.&


إعداد عبدالاله مجيد: يحاول اتحاد منتجي عصير القيقب في كيبيك التحكم بسعر انتاجه، كما تفعل منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" بسعر الذهب الأسود. ويتعيّن على أعضاء الاتحاد الالتزام بحصص الإنتاج، علمًا أن على سائر منتجي عصير القيقب الانضمام إلى الاتحاد، وبخلافه يصادر الاتحاد إنتاجهم. ويشار إلى أن أي فائض من عصير القيقب يُحفظ في مخازن الاتحاد، ولا يحصل المنتجون على مقابل، إلا حين يباع، وكثيرًا ما يحدث ذلك بعد سنوات. الهدف من ذلك هو إبقاء الأسعار مرتفعة ومستقرة عبر الحد من العرض. لكن اتحاد منتجي عصير القيقب يضعف آفاقه المستقبلية مثل غالبية الكارتيلات الأخرى.

احتكار عالمي
يقال إن مقاطعة كيبيك هي المعادل الكندي للعربية السعودية في إنتاج عصير القيقب، حيث تسهم بنسبة 71 في المئة من الإنتاج العالمي. لكن في نسخة مما حدث لأسعار النفط أخيرًا، شجّع ارتفاع أسعار عصير القيقب على إنتاج إمدادات جديدة.&

وازداد إنتاج الولايات المتحدة من عصير القيقب من 21 مليون رطل (7.2 ملايين ليتر) في عام 2012 إلى 35 مليونًا في عام 2014. ولدى ولاية نيويورك وحدها من أشجار القيقب ما يزيد على أشجار كيبيك كلها، رغم استثمار نسغ القليل منها لتصنيع عصير القيقب. وكانت الولايات المتحدة تنتج أكثر مما تنتجه كندا حتى ثلاثينات القرن الماضي.& وهي قادرة على تكرار ذلك مرة أخرى اليوم.

بديل أميركي
الأكثر من ذلك أن الحفاظ على ارتفاع سعر عصير القيقب يحدّ من الطلب، ويشجّع البحث عن بدائل. يوجد بديل جاهز ورخيص في الولايات المتحدة، يُصنع من عصير الذرة& لإضافته إلى المعجنات المحلاة.

وفي كل عام يُغرق الأميركيون فطائرهم بمنتوج من هذا العصير اسمه "آنت جمايما"، بقدر ما يغرقونها مستخدمي الأنواع الأخرى من عصير القيقب. ورغم أن الاتحاد الكندي يسلط الضوء على الفوائد الصحية لمنتوجه، فإنه لم يتمكن من دخول أسواق جديدة. وظل حجم الصادرات في حدود 26 مليون ليتر سنويًا خلال العقد الماضي. ويُصدّر نحو 85 في المئة من مبيعات اتحاد منتجي عصير القيقب في كيبيك إلى أوروبا والولايات المتحدة، وهي النسبة نفسها التي صدرها الاتحاد في عام 2008.

غير مجدية
يفوق الإنتاج ما يستطيع الاتحاد تسويقه، وتضخم "احتياطه الاستراتيجي" إلى 25 مليون ليتر من العصير ـ أو ما يعادل مبيعات عام تقريبًا. ومع تزايد إنتاج أميركا من العصير سيتعيّن على الاتحاد الكندي أن يخفض حصص أعضائه من الإنتاج، وخزن المزيد من محصول كيبيك، أو السماح بهبوط الأسعار.&

وسيترتب على الخيارين الأولين التنازل عن حصة من السوق للولايات المتحدة مع إبقاء الأسعار مرتفعة لمصلحة المنافسين. لكن اتباع استراتيجية العربية السعودية الحالية في السماح بهبوط الأسعار لطرد المنافسين من السوق، بسبب ارتفاع تكاليف إنتاجهم، قد لا يكون مجديًا لاتحاد منتجي عصير القيقب الكنديين أيضًا. فالتكاليف التشغيلية لمزارع أشجار القيقب منخفضة جدًا، وبالتالي من المستبعد أن تتوقف الشركات الأميركية الناشئة عن الإنتاج.&
&