مع استمرار انخفاض اسعار النفط بسبب الحفاظ على تدفق الانتاج، يرى خبراء أن العام المقبل لن يشهد تغييرًا كبيرًا في واقع حرب اسعار النفط بين دول اوبك والدول خارج المنظمة.&

إعداد ميسون أبوالحب: بعد أن قررت منظمة أوبك الجمعة الماضية الاستمرار في الضغط في اتجاه &خفض الاسعار، ظلت هذه الاسعار تنخفض لتصل الى مستويات غير مسبوقة منذ سبعة اعوام.&
&
كيف سيكون شكل أسواق النفط في الاشهر المقبلة؟
&
جاء الجواب على هذا السؤال في اجتماع اوبك في فيينا الجمعة الماضية، إذ قررت المنظمة التي تتحكم بـ 30% من انتاج النفط الخام في العالم، الحفاظ على على كمية الانتاج الحالية ومقدارها 30 مليون برميل يوميًا. ولكن في أي سياق تم اتخاذ هذا القرار، وما هي النتائج المتوقعة في عام 2016؟&
&
ويشعر اولئك الذين كانوا يأملون في ارتفاع دائم لاسعار النفط في بداية العام المقبل بخيبة امل، إذ&لا يزال سعر البرميل الواحد أقل من 50 دولارًا في كانون الاول/ديسمبر الجاري.&
&
علما أن سعر نفط برنت انخفض اليوم الاثنين الى 41.83 دولاراً، وهو اقل سعر مسجل منذ اكثر من ستة اعوام، فيما بيع &النفط الخفيف (لايت سويت كرود) بـ 38.63 دولاراً، وهو سعر غير مسبوق منذ سبعة اعوام.&
&
وتبقى اسباب هذا الهبوط هي نفسها: فائض في العرض بسبب تدفق النفط الصخري الاميركي وبسبب قرار اوبك بإغراق الاسواق بانتاج 30 مليون برميل يوميًا أو بالاحرى 32.12 مليون برميل وفقًا لتقديرات وكالة بلومبيرغ. ناهيك عن انتاج النفط الروسي الذي سجل في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي رقمًا قياسيًا بلغ 10.78 ملايين برميل يوميا.&
&
من جهة ثانية، هناك تباطؤ الاقتصاد العالمي الذي يعرقل ارتفاع الطلب لتكون النتيجة ان تخزين النفط العالمي تجاوز 3 مليارات برميل، "وهو مستوى لم يسجل من قبل، مع ارتفاع بنسبة 9% خلال هذا العام"، حسب قول بنيامين لوفيه المختص بالمواد الاولية في شركة اوفي آم الفرنسية OFI AM.&
&
هل من مصلحة اوبك الاستمرار في استراتيجيتها الداعمة لخفض الاسعار؟&
&
القضية الرئيسية بالنسبة لمنظمة اوبك تتعلق بحماية حصصها في الاسواق العالمية في مواجهة منافسين على رأسهم الولايات المتحدة وروسيا. وفي هذا الاطار من الصعب توقع تغيير في هذه الاستراتيجية في غضون الاشهر القليلة المقبلة، والتي تؤدي الى الضغط على المنافسين عن طريق خفض الاسعار لجعلهم يخفضون انتاجهم الذي يكلف اغلى من انتاج دول اوبك. &
&
وفي الواقع، فبسعر يقل عن 50 دولارًا للبرميل الواحد، اصبحت عوائد النفط المستخرج من بعض مناطق الولايات المتحدة وبحر الشمال وسيبريا غير كافية لتغطية كلف الانتاج، علمًا ان سعر الانتاج في دولة مثل السعودية يقل عن 40 دولارًا.&
&
ويبدو ان هذه الطريقة اخذت تؤتي أكلها، فوفقًا لمعطيات شركة بيكر هيوز الاستشارية النفطية انخفض عدد الآبار العاملة في الولايات المتحدة الى 791 بئرًا في تشرين الاول/اكتوبر مقابل 1925 قبل عام. وانخفض انتاج النفط الصخري في تشرين الثاني (نوفمبر) بـ 93 الف برميل يوميًا ليصل الى 5.12 ملايين، وهو ادنى مستوى يسجله هذا النوع من الانتاج عبر تاريخه. &
&
يذكر ان تشرين الثاني (نوفمبر) هو الشهر السابع على التوالي الذي سجل فيه انخفاض في الانتاج، الامر الذي اضطر العديد من الشركات النفطية الى تقليص نشاطاته، ومن المتوقع ان تقل استثمارات هذه الشركات بنسبة تتراوح بين 15% الى 30% خلال هذا العام.&
&
هل تملك الاوبك وسائل مواصلة هذه الاستراتيجية؟&
&
يتحول الوضع الى وضع معقد جدًا بالنسبة لعدد من دول المنظمة مثل الجزائر وفنزويلا وانغولا. وقال الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الثلاثاء في لقاء مع الاذاعة الرسمية إن بلاده على وشك الافلاس وعبر عن امله في أن "تحترم جميع الدول سقف الانتاج الذي حددته اوبك، وان تنظر في امكانية خفض الانتاج بنسبة 5%".
&
ولم يستجب احد لهذا النداء. &&
&
من جانبها،&لا تزال دول الخليج التي راكمت احتياطيًا ماليًا ضخمًا عندما كانت اسعار النفط مرتفعة،&لا تزال قادرة على احتواء نتائج انخفاض الاسعار.&
&
اما السعودية التي تقود هذه الحملة التجارية، فلديها احتياطي هائل من العملات الاجنبية قدر بـ 644 مليار دولار في نهاية تشرين الاول/اكتوبر الماضي وفقًا لمعطيات شركة جدوى السعودية الاستشارية.&
&
ويقول الخبير الاقتصادي دوريان عبادي من شركة XTB فرنسا "هذه السياسة كمالية، ولكنهم سيظلون قادرين على دفع ثمنها لعامين أو ثلاثة مقبلة".&
&
ولكن كلما مر الوقت اكثر كلما تعقدت شؤون حرب الاسعار حتى بالنسبة لهم. فالسعودية استخدمت 88 ملياراً من خزينها الاحتياطي المالي للتعويض عن تضاؤل العوائد النفطية، ثم اضطرت المملكة التي تنفق الكثير من اجل شراء السلام الاجتماعي منذ قيام الربيع العربي، اضطرت هذا العام الى الاستدانة لتمويل عجز في الميزانية. وهي المرة الاولى في تاريخها كله.&
&
وقال دوريان "ها نحن نلاحظ حدود هذه الاستراتيجية. ومؤخرًا خفضت شركة ستاندرد آند بورز تصنيف السعودية بعد ان توقعت ارتفاع العجز في ميزانيتها من 1.5% من اجمالي النائج المحلي في عام 2014 الى 16% في عام 2015. ودعت الشركة المملكة ايضًا الى رفع الضرائب".&
&
يذكر ان من المتوقع أن تعاني ميزانيات دول مجلس التعاون الخليجي، وهي السعودية والبحرين والامارات وعمان وقطر والكويت هذا العام من عجز قد يصل في المعدل الى 13% من اجمالي ناتجها المحلي حسب ما اكد صندوق النقد الدولي.&
&
هل يمكن ان يرتفع سعر النفط في العام المقبل؟&
&
قرار منظمة اوبك وعلى رأسها السعودية بعدم خفض الانتاج يجعل الامل في ارتفاع الاسعار في العام المقبل صعبًا للغاية. اضف الى ذلك ان ايران تتهيّأ حاليًا لزيادة انتاجها بمقدار نصف مليون برميل يوميًا بعد رفع العقوبات الدولية عنها.&
&
وقد أعلن وزير النفط الايراني بيجان زنكنه ان بلاده ستكون مستعدة لمناقشة حصص انتاج ما ان تستعيد مستوى الانتاج السابق قبل العقوبات.&
&
من جانبه، قال وزير النفط العراقي عادل عبد المهدي إن بلاده سترفع الانتاج في العام المقبل.&
&
نفس النبرة استخدمتها روسيا، إذ قال وزير الطاقة الكسندر نوفاك "قلنا لمرات عديدة إننا لا نرى من المناسب خفض مستوى انتاجنا". &
&
ولاحظت صحيفة لو فيغارو الفرنسية أن من المنطقي اذن الا نتوقع تنسيقًا في المواقف بين دول اوبك والدول خارج المنظمة، علمًا ان آخر تنسيق بينها كان قبل 15 عامًا عندما اتخذت هذه الدول قرارًا بالحد من الانتاج ودعم الاسعار بعد الازمة المالية في عام 1998.&
&
بقي ان نقول إن عوامل فنية قد تكون الوحيدة التي قد تدفع اسعار النفط الى الإرتفاع.
&
فالتقليل من الاستثمارات سينعكس في شكل خفض في الانتاج قد يصل الى مليون برميل يوميًا .&
&
وأكد بينامين لوفيه أن "السوق ستحقق شبه توازن في ذلك الوقت".
&
اضف الى ذلك ان انتاج النفط الصخري قد يتباطأ أكثر مما تم الاعلان عنه بسبب الصعوبات المالية في هذا القطاع.&
&
وأضاف الخبير: "يمكننا استعادة التوازن بشكل اسرع اكثر مما تتوقعه السوق ولذا، قد ترتفع اسعار النفط اعتبارًا من عام 2016".&
&
وجاء التوقع نفسه على لسان الخبير الاقتصادي دوريان عبادي الذي عبّر عن اعتقاده بأن ارقام انتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة ليست صحيحة تمامًا، ورأى أن بإمكاننا "توقع ارتفاع في الاسعار خلال العام المقبل مع سعر 55 دولارًا للبرميل الواحد من النفط الخفيف".&
&
غير ان الوكالة الدولية للطاقة تبدي حذرًا اكبر في توقعاتها، وتعتقد انه لن تتم استعادة التوازن قبل عام 2020 مع سعر برميل لا يتجاوز 80 دولارًا.