موسكو: بات تراجع قيمة الروبل يحمل المهاجرين من الجمهوريات السوفياتية السابقة الفقيرة في آسيا الوسطى، على سلوك طريق العودة إلى بلدانهم، بعدما كان الروس معتادين على رؤيتهم يزيلون الثلوج عن الشوارع والأرصفة ويقودون سيارات الأجرة أو ينظفون المقاهي.&وقال الطاجيكي سوخراب توراخونوف الذي يوصل طلبيات البيتزا في سان بطرسبورغ "لم أتمكن منذ بضعة أشهر من إرسال شيء إلى عائلتي".&ويعيش حوالي 3 ملايين مهاجر من هذه البلدان في روسيا بصورة شرعية، وأكثر من هذا العدد إذا احصي المقيمون الآخرون خلافا للقوانين. وتشكل التحويلات المالية إلى عائلاتهم نصف الاقتصاد في بلدانهم تقريبا.

&
لكن انهيار الروبل الذي خسر نصف قيمته أمام الدولار خلال سنة على خلفية الأزمة الأوكرانية وتراجع أسعار النفط، أدى إلى تغيير المعادلة تغيرا جذريا، فالتضخم المتسارع في روسيا لم يؤد فقط إلى تآكل المدخرات المخصصة لعائلاتهم، بل لم تعد تساوي شيئا يذكر لدى تحويلها.وقد تفاقم الوضع من جراء تشديد القوانين التي تنص على إجراء امتحانات اللغة الروسية وتحمل أرباب العمل على طلب أذونات من دوائر الهجرة ودفع الرسوم.
&
وفي يناير، لاحت مخاطر نزوح كثيف عندما غطت الثلوج أرصفة سان بطرسبورغ، كما يحصل دائما في هذه الفترة من السنة. وتسبب التنظيف البطيء بصورة غير مألوفة للأرصفة والشوارع، بإصابة المئات، وحمل السلطات على أن تطلب من الناس أن ينظفوا بأنفسهم العاصمة الامبراطورية السابقة بدلا من عمال البلدية.&وقال مدير شركة للطرق طلب التكتم على هويته إن "حوالى 30% من العمال الذين ذهبوا كالمعتاد لتمضية أعياد رأس السنة الجديدة مع عائلاتهم في أوزبكستان او في طاجيكستان، لم يعودوا".
&
واعتبر نائب حاكم سان بطرسبورغ، ايغور ألبين، من جهته أن المدينة خسرت نصف المهاجرين الذين يقومون بهذا النوع من الأعمال.ولا ينوي شوكت ميرزوييف (47 عاما) الذي كان يحمل المجرفة في باحة مبنى غطتها الثلوج، العودة حتى الآن إلى بلاده. وقال "الأمر يصبح صعبا، وإذا تفاقم الوضع لن يبقى لنا غير خيار المغادرة". وأكدت مارينا ملنيك، المسؤولة عن هيئة لمساعدة هؤلاء العمال، "ليسوا مضطرين للعمل هنا إذا لم يتمكنوا من تحويل المال إلى عائلاتهم".
&
وأضافت أن المهاجرين الذين يتقاضون أجورا تناهز 30 ألف روبل (400 يورو)، باتوا لا يستطيعون أن يحولوا إلى بلدانهم إلا حوالي 200 يورو شهريا. وقالت "ليسوا مضطرين للعيش بتقشف في سان بطرسبورغ من أجل هذه الحفنة من المال".وقد تأثر قطاع البناء أيضا. واعتبر المسؤول في البلدية ميكايل دميدنكو أن 15%، من العمال الذين يعملون في بناء ستاد زنيت ارينا قد غادروا.أما نتيجة هذا النزوح كما تقول الينا خاليموفسكايا من شركة ارنست اند يانغ، "فهي على الأرجح ارتفاع الأجور في القطاعات التي يعمل فيها" هؤلاء المهاجرون.&وفي طاجيكستان، أفقر بلدان آسيا الوسطى، تؤكد السلطات هذه الظاهرة. وردا على استيضاح وكالة فرانس برس، قال المسؤول في دائرة الهجرة انور بوبوييف، إن عدد الطاجيك الذين يذهبون للعمل في روسيا، أقل بمرتين في الوقت الراهن، بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي.
&
وللتعويض على هذا الانكفاء لليد العاملة، تنوي الحكومة استحداث 200 ألف فرصة عمل هذه السنة، لكن بعض الخبراء يتخوفون من ألا يكفي ذلك، لأن عدد المهاجرين في روسيا يقدر بما بين 700 ألف ومليون.&وقال خبير الشؤون السياسية، صائم الدين دوستوف، إن "تحويل العملات الصعبة يتراجع، ويزداد التوتر في المجتمع"، داعيا إلى إصلاح زراعي لتسهيل استملاك الاراضي.&لكن خبراء يعتبرون أن عددا كبيرا من رعايا آسيا الوسطى سيبقون في روسيا أو سيعودون اليها بعد إقامة أطول من المعتاد في بلدانهم.
&