إيلاف من لندن: اتفقت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) الأربعاء، على خفض محدود لإنتاجها النفطي في أول اتفاق من نوعه منذ 2008، وسط تنامي الضغوط الناجمة عن هبوط أسعار الخام.

ومن شأن الخطوة التي اتخذتها أوبك يوم أمس أن تعيد المنظمة فعليًا إلى تبني سياسة وضع سقف للإنتاج التي تخلت عنها قبل عام. وكان وزير الطاقة السعودي خالد الفالح قال الثلاثاء، إنه ينبغي السماح لإيران ونيجيريا وليبيا بالإنتاج "بالمستويات القصوى المعقولة"، في إطار أي اتفاق على تحديد سقف للإنتاج. 

وقال الفالح للصحافيين: "هذا اجتماع تشاوري، سنتشاور مع كل طرف آخر وسنستمع للآراء ولأمانة أوبك وللزبائن أيضًا".

ويمثل هذا تحولاً استراتيجيًا للرياض، التي قالت في السابق إنها لن تخفض الإنتاج للحد من تخمة المعروض، إلا إذا قامت الدول الأعضاء في أوبك والمنتجون المستقلون بالمثل.

ردود فعل ايجابية 

واستجابت الأسواق بسرعة لهذه الخطوة الجريئة، حيث يقدر غولدمان ساكس المصرف الاستثماري والاستشاري "أن الاتفاق الذي توصل إليه منتجو الخام بمنظمة أوبك أمس الأربعاء لتقليص الإنتاج سيضيف من سبعة إلى عشرة دولارات لأسعار النفط في النصف الأول من العام المقبل".

هذا بشرط أن يتم التطبيق بحزم ودون تلاعب. ولا تزال تساور الشكوك بعض المحللين إن كان اعضاء اوبك سيلتزمون بالاتفاق.

وحسب تقديرات "بلومبيرغ للمال والأعمال" ارتفعت أسعار النفط أكثر من 5% في بورصة نيويورك عندما أعلنت اوبك عن الموافقة على وضع سقف للانتاج في نطاق 32.5 الى 33 مليون برميل يوميًا.

سيكون للصفقة أو الاتفاق صدى عالمي يتجاوز حدود منظمة اوبك. ستنتعش الأسواق وترتفع معنويات عمالقة مشهد قطاع الطاقة من أمثال اكسون موبيل وصغار المنتجين في قطاع استخراج الزيت الصخري ويعزز اقتصادات الدول الغنية بالنفط مثل السعودية وروسيا، ولكن هذا التطور الدراماتيكي سيفقر المستهلكين للمشتقات النفطية مثل البنزين والديزل.

نهاية الحرب ضد الزيت الصخري

وظهرت تصريحات مثيرة من خبراء معظمها تشير الى نهاية الحرب النفطية التي شنتها اوبك ضد الزيت الصخري قبل عامين. وقد وافقت منظمة أوبك على صفقة مبدئية بموجبها سيتم تخفيض الانتاج النفطي للمرة الاولى منذ عام 2008 مما أدهش المتعاملين والتجار الذين توقعوا استمرار سياسة "الضخ قدر المستطاع"، التي تبنتها اوبك بقيادة المملكة العربية السعودية اواسط عام 2014. ولتعزيز فرص نجاح اللقاء غير الرسمي في الجزائر تم استثناء ايران من الاتفاق لتصميمها على مواصلة الانتاج وزيادته حتى تحقق ما كانت تنتجه قبل فرض العقوبات الغربية عام 2012 أي تريد الوصول الى 4 ملايين برميل يوميًا قبل ان تشارك في أي خطوات فعالة لتجميد الانتاج او تخفيضه. وكان اعفاء ايران من هذا الاتفاق هو السبب في نجاحه. 

 والمثير هو انه يوم واحد قبل الاتفاق، أي الثلاثاء 27 سبتمبر الحالي، قرأنا أن التوقعات بالتوصل إلى اتفاق في الجزائر قد تبددت، وتمت الاطاحة بها، بسبب الخلاف السعودي-الايراني. هذا التشاؤم استند الى ما قالته مصادر إن اوبك وروسيا ما زالتا تحاولان تضييق هوة الخلافات بين الرياض وطهران.

وفي هذا الاطار، قال وزير النفط الإيراني بيجن زنغنة "إنه ليس وقتًا لصناعة قرار". وأضاف في إشارة إلى الاجتماع الرسمي المقبل لـ"أوبك" الذي سيعقد في فيينا في الثلاثين من نوفمبر، "سنحاول التوصل إلى اتفاق في نوفمبر".

 والجدير بالذكر أن أسعار النفط انخفضت إلى أقل من النصف منذ 2014 بسبب تخمة المعروض من الخام، مما دفع منتجي «أوبك» ومنافستهم روسيا إلى السعي لإعادة التوازن إلى السوق، بما يعزز إيرادات صادرات النفط ويدعم موازناتهم. وكانت الفكرة السائدة منذ أوائل 2016 بين المنتجين هي الاتفاق على تجميد الانتاج أو تثبيته أو تقييده، على الرغم من أن الحقيقة القاسية المؤلمة أن الحل هو تخفيض الانتاج لتقليص التخمة في السوق.

الشيطان في التفاصيل

والسبب الرئيس في تعقيد الوصول إلى اتفاق هو المنافسة السياسية الشديدة بين إيران والمملكة العربية السعودية. وقالت مصادر الأسبوع الماضي إن المملكة العربية السعودية عرضت تقليص إنتاجها بما يعادل 500 الف برميل يوميًا اذا وافقت إيران على تثبيت انتاجها ايضًا. كل هذا قبل الاعلان عن الاتفاق الذي لم يكن متوقعًا في اليوم التالي الاربعاء. ولكن الشيطان يبقى في التفاصيل التي سيتم بحثها في شهر نوفمبر في اجتماع اوبك المقبل في فينا.

يجب التنويه أن السقف الأدنى 32.5 مليون برميل يومياً يعني تخفيض بمقدار 750 الف برميل يومياً، مما ضخته اوبك في شهر أغسطس الماضي.غير أنه سيتم تحديد مستوى الإنتاج لكل دولة في الاجتماع الرسمي المقبل لأوبك في نوفمبر، الذي قد تدعو فيه المنظمة المنتجين المستقلين مثل روسيا أيضًا إلى المشاركة في خفض الإنتاج.

والسعودية أكبر منتج للنفط داخل أوبك، حيث يتجاوز إنتاجها 10.7 ملايين برميل يوميًا، بما يضعها على قدم المساواة مع روسيا والولايات المتحدة. وهؤلاء هم أكبر ثلاثة منتجين للخام في العالم ويستخرجون معًا ثلث النفط العالمي. ولكن وفقًا لتقرير وكالة الطاقة الدولية اواسط هذا الشهر، تجاوزت المملكة العربية السعودية الولايات المتحدة كأكبر منتج للنفط في العالم، حيث أنتجت المملكة متوسط 12.58 مليون برميل يوميًا الشهر الماضي، في حين تراجع انتاج الولايات المتحدة إلى متوسط 12.2 مليون برميل يوميًا، وكانت الولايات المتحدة قد احتلت المرتبة الأولى منذ أبريل 2014 عندما شهدت ارتفاعاً سريعاً للنفط مقارنة بالمملكة العربية السعودية، طبقًا لوكالة الطاقة الدولية في تقرير سوق النفط الشهري.