إيلاف من الرياض: كادت صفقة روسية لشراء مصفاة إيسار النفطية الهندية بمليارات الدولارات أن تبوء بالفشل في اللحظة الأخيرة، نتيجة عرض مضاد قدمته السعودية. وبدت الصفقة بين مصفاة إيسار وكونسورتيوم من الشركات بقيادة روسنفت الحكومية الروسية العملاقة في حكم الملغاة بعدما تقدمت أرامكو السعودية بعرض منافس، بحسب سبعة مصادر نفطية في روسيا والهند والسعودية مطلعة على المفاوضات أو مشاركة فيها.

سيطرة روسية!

نقلت وكالة رويترز عن هذه المصادر تأكيدها إنقاذ الصفقة بعد تدخل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي اللذين كانا حريصين على انجاحها، وبعد أن وافق الكونسورتيوم على دفع 13 مليار دولار، أو أكثر من ضعف السعر الذي حددته روسنفت في البداية لقيمة المصفاة الهندية.

ولاحظ مراقبون أن التنافس على استملاك مصفاة ايسار الحديثة في الهند يبين احتدام الصراع للسيطرة على اسواق النفط بين أكبر بلدين مصدّرين للنفط في العالم. كما يلقي الضوء على تحديات تواجهها السعودية وروسيا في محاولتهما التوصل إلى اتفاق على وضع سقف لانتاج النفط يدعم اسعاره، ويوقف انهيارها.

ما زالت تفاصيل الصفقة غير معروفة، لكن مصدرين نفطيين قالا انها أُنقذت بفضل تدخل بوتين ومودي فيما ذكرت ثلاثة مصادر أخرى أن روسنفت زايدت على ارامكو السعودية بسعر أكبر. امتنع مكتب مودي عن التعليق، لكن ديميتري بيسكوف، المتحدث باسم بوتين نفى تدخل الكرملين في الصفقة.

قالت مصفاة ايسار انها أجرت محادثات مع مرشحين عدة لشرائها، لكنها اختارت الكونسورتيوم الذي تقوده روسنفت لأن عرضه كان الأكثر اغراء، ونفت تدخل بوتين أو مودي.

ويرغب ايغور سيتشين، رئيس روسنفت التنفيذي، في شراء منشآت تكرير في كل انحاء العالم لضمان وجود منافذ للنفط الروسي، وكان يتفاوض لهذه الغاية منذ عام 2014 لشراء 49 في المئة من مصفاة ايسار. واسفرت المفاوضات الحصرية بينهما عن اتفاق اولي وقعه الطرفان في صيف 2015.

الاجتماع العاصف

لم يكن السعر الذي رضيت روسنفت أن تدفعه في مقابل حصة في المصفاة وقتذاك معروفًا، لكن مصادر نفطية روسية وهندية قالت إن الشركة حددت قيمة المصفاة كلها بنحو 5.7 مليارات دولار. لكن اتضح أن مشكلات اعترت الصفقة في سبتمبر الماضي، عندما سافر سيتشين إلى الهند للاجتماع مع مالكَي المصفاة الأخوين رافي وشاشي رويا قادمًا من الصين، حيث كان ضمن الوفد الذي رافق بوتين إلى قمة مجموعة العشرين، والتقاهما فور هبوطه في الهند، أي حوالى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، مصممًا على ابرام الصفقة. قال أحد الأخوين إن العملية طالت أكثر مما ينبغي، وأن فترة حصر المفاوضات بالشركة الروسية انتهت، وايسار تتفاوض مع جهات أخرى، مع أرامكو السعودية.

وبحسب مصادر مطلعة على مجريات اللقاء، رد سيتشين بأن إيسار تخاطر بفقدان الدعم الروسي المالي والنفطي إذا تراجعت عن الاتفاق، فقرر الأخوان رويا اسدال الستار على المحادثات مع روسنفت، واعلنا انتهاء الاجتماع بصورة مفاجئة، وبدأ الحاضرون مغادرة الغرفة محرَجين، بحسب رويترز، فيما اشار مصدر آخر إلى أن ادارة المصفاة أعدت مسودة بيان يعلن فسخ الصفقة مع روسنفت.

أنقذا الصفقة

قالت ثلاثة مصادر في السعودية مطلعة على تفاصيل المحادثات بين المصفاة وارامكو إن الشركة السعودية العملاقة كانت تفكر جديًا في شراء إيسار. وكشف احد المصادر أن أرامكو كانت مستعدة لدفع نحو 9 مليارات دولار لاستملاك المصفاة كلها، أو معظمها. 

لمواجهة المنافسة السعودية، شكلت روسنفت كونسورتيوم اشترى 98 في المئة من المصفاة زائد محطة وقود مقابل 13 مليار دولار. واستملكت شركة روسنفت الحكومية 49 في المئة من المصفاة فيما آلت 49 في المئة أخرى إلى شركة ترافيغورا السويسرية للتجارة بالنفط ومجموعة يو سي بي الاستثمارية الروسية الخاصة. وروت مصادر نفطية هندية وروسية تفاصيل عملية إنقاذ الصفقة بالقول إن روسنفت وايسار عادتا إلى طاولة المفاضات بعد أيام على الخلاف بينهما، وتوصلتا إلى اتفاق على ابرام الصفقة، وإن الكونسورتيوم الذي قادته روسنفت أُجبر على المزايدة على العرض السعودي الذي كان يجمع بين الدفع نقدًا وتقديم قرض ميسر وتوفير امدادات نفطية للمصفاة. وتم توقيع الصفقة في جزيرة موريشيوس في 14 اكتوبر الماضي، قبل يوم من اعلانه رسميًا على هامش قمة دول بريكس في ولاية غوا الهندية، حيث التقى بوتين ومودي. ولاحظ مصدران نفطيان أنه لولا الإرادة السياسية في موسكو ونيودلهي لما تم التوصل إلى اتفاق. وقال احد المصدرين: "بوتين ومودي انقذا الصفقة".

لقاء متوقع

إلى ذلك، يتجه وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي المهندس خالد الفالح إلى العاصمة القطرية الدوحة للاجتماع مع الدول المنتجة للنفط على هامش منتدى للطاقة. ورجحت المصادر أن يلتقي الفالح وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك الجمعة، إضافة إلى وزراء طاقة آخرين من أوبك. 

وقال نوفاك الأربعاء إن بلاده مستعدة لدعم قرار أوبك بخصوص تثبيت إنتاج النفط، وترى فرصًا كبيرة لتوصل المنظمة إلى اتفاق على شروط التثبيت بحلول 30 نوفمبر الجاري، موضحًا أن قرارًا لم يتخذ بعد بخصوص موعد تثبيت إنتاج النفط وما إذا كان سيطبق في نوفمبر أم في أول يناير 2017.

ويعقد الاجتماع الوزاري الثامن عشر لمنتدى الدول المصدرة للغاز يوم 17 نوفمبر في الدوحة، وقطر وروسيا عضوان فيه، خلافًا للسعودية. ولم يتضح على الفور إذا كان الفالح سيلتقي وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه بحسب ما ذكرت المصادر، حيث لم يصدر تأكيد بعد من طهران في شأن ما إذا كان زنغنه سيحضر منتدى الغاز.

وكانت وزارة الطاقة الروسية أكدت أن نوفاك سيجري مشاورات غير رسمية مع مسؤولي أوبك في قطر يومي 17 و18 نوفمبر.

 

 

أعدت «إيلاف» هذا التقرير بتصرف نقلاً عن «وكالة رويترز». المادة الأصلية منشورة على الرابط التالي:

http://www.reuters.com/article/us-russia-india-saudi-oil-idUSKBN13B083?feedType=RSS&feedName=businessNews