تعاني شركات النفط الصخري في أميركا من أزمة خانقة لامست حدودًا غير مسبوقة، لا سيما مع الانخفاض القياسي لأسعار الخام، فيما يُقدر الخبراء بأن عودة هذه الشركات بعد انتعاش الأسواق لن تكون سهلة على الإطلاق.
&
واشنطن: تواجه عشرات شركات النفط الصخري الاميركية خطر الانهيار خلال الأشهر المقبلة، حيث تستنزف احتياطاتها المالية ويتوقف الدائنون عن مدها بالقروض، فيما قال مارك بابا، الرئيس السابق لشركة أي أو جي ريسورسيز: "إن ما يحدث مخيف، وسنرى مجزرة في هذه الصناعة تتناثر اشلاؤها في كل مكان".&
&
واعلن جون هيس، مؤسس شركة هيس كوربوريشن، ان ما يحدث لشركات النفط الصخري شبيه بما حدث في فترة "الكساد العظيم"، وقال، في مؤتمر سيراويك للطاقة في مدينة هيوستن بولاية تكساس: "إنها على الأرجح عملية أمدها ثلاث سنوات ونحن في غمرتها"، واضاف ان تأثير ما يحدث على الاستثمار "كان مدمرًا، ونشاطنا هو الآن في الحدود الدنيا ولا نفعل سوى الحفاظ على طاقتنا التشغيلية، فقبل عامين كان لدينا 17 بئرًا وانخفض العدد الى 8 العام الماضي وندير الآن بئرين"، مؤكدًا ان لا جدوى من استخراج النفط الصخري ليباع بسعر 30 دولارًا للبرميل "ومن الأفضل إبقاء النفط في باطن الأرض"، على حد تعبيره.&
&
&
ابتلاع الشركات الصغيرة
&
وقال مارك بابا، الشخصية المعروفة في صناعة النفط الصخري، ويعمل الآن في شركة ريفرستون هولدنغز القابضة، إن هبوط الأسعار بنسبة 70 في المئة منذ منتصف 2014 سيمحو الشركات التي أغرقت نفسها بالديون مراهنة على بقاء اسعار النفط فوق 100 دولار الى الأبد. &&
&
ولكن "بابا" توقع عودة شركات النفط الصخري حين ينتهي طور الهبوط في دورة الاسعار، ونقلت صحيفة الديلي الغراف عنه قوله إن شركات النفط العملاقة، ذات القدرات المالية الضخمة، تنتظر لابتلاع اصول الشركات الأصغر حين تعلن افلاسها، وان شركات النفط الصخري الاميركية ذات التكاليف الانتاجية المتوسطة ستكون لها افضلية حين تعود دورة الاسعار الى طور الانتعاش. &
&
إلى ذلك، هبطت الاستثمارات في صناعة النفط والغاز من 700 مليار دولار عام 2014 الى نحو 400 مليار دولار هذا العام، وتقدر شركة "آي اتش أس" ان حجم الانفاق المخطط بحلول عام 2020 سيقل 1.8 ترليون دولار عمّا كان متوقعًا له قبل عامين، وان من المؤكد تقريبًا ان يتكفل هذا الهبوط بحدوث نقص في الامدادات النفطية مع استمرار الطلب في النمو بواقع 1.2 مليون برميل في اليوم كل سنة، ونضوب الآبار الحالية بمعدل 3 ملايين برميل في اليوم سنويًا.&
&
وقال بابا "ان سوق النفط ستنمو الى 100 مليون برميل في اليوم، فمن أين تأتي هذه الكمية وقد توقف الانفاق الرأسمالي على المشاريع العملاقة؟"، وتوقع عودة شركات النفط الصخري لترفد السوق بأكبر الامدادات بحلول عام 2020 مقدرًا أن يبلغ انتاجها 13 ـ 14 مليون برميل في اليوم، لكنه اضاف ان تجاوز هذه الشركات مأزقها الحالي سيكون فترة عصيبة. &
&
&
هدوء ما قبل العاصفة
&
وتوقعت وكالة الطاقة الدولية مؤخرًا ان تسهم الولايات المتحدة بقسط كبير من نمو انتاج النفط بحلول 2020 بعد هبوط انتاجها بواقع 600 الف برميل في اليوم هذا العام وبواقع 200 الف برميل في العام المقبل، فيما قدرت دراسة اجرتها شركة ريستاد الاستشارية النرويجية أن سعر النفط الصخري الذي يغطي تكاليف الانتاج فقط دون أي ربح هو 68 دولارًا للبرميل.
&
وقال راول ليبلانك، من شركة "آي اتش أس"، إن هبوط اسعار النفط طرد من السوق 1.5 مليون برميل يوميًا من النفط الصخري، ولكن شركات النفط الصخري حاولت البقاء برفع الانتاجية بنسبة 20 في المئة وخفض تكاليف الانتاج من الآبار بنسبة 40 في المئة.&
&
ولاحظ ليبيلاك أن صناعة النفط الصخري تتألف من شركات كبرى قد تتمكن من البقاء بعد عاصفة هبوط الأسعار وشركات صغيرة ستنهار ويحدث انهيارها ضجة، لكنها في الحقيقة لا تسهم بنسبة كبيرة من الانتاج. &
&
وتخلفت نحو 48 شركة نفطية وغازية عن تسديد ديون اجمالية قدرها 17 مليار دولار منذ بداية 2015، ويرى مراقبون ان هذا هو الهدوء الذي يسبق العاصفة، ولكنه رقم صغير بالمقارنة مع الأزمة التي سبقت انهيار بنك ليمان.&
&
المجهول الكبير في اسواق النفط العالمية هو قدرة شركات النفط الصخري على العودة ومتى تعود، ويقدر جون هيس ان عامين سيمران بعد انتعاش الأسعار، فيما نقلت صحيفة الديلي تلغراف عن هيس قوله إن عودة هذه الشركات "عملية لوجستية ضخمة تشتمل على تعبئة الآبار وإيجاد قوى عاملة والحصول على تراخيص يستغرق اصدارها في الولايات المتحدة 90 يوما". &
&
وقال سكوت شفيلد، رئيس شركة "بايونير"، إن عودة شركات النفط الصخري ستكون عملية شاقة، واضاف: "ان انتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة لن ينمو بسعر 50 دولارًا للبرميل، وليست هناك سيولة نقدية كافية في القطاع الذي يحتاج الى بيع النفط بسعر 60 الى 70 دولارًا لكي ينمو"، كما حذر ستيفن تشايزن، المخضرم في شركة اوكسدنتال بتروليوم، من التفاؤل بعودة شركات النفط الصخري، متوقعًا استمرار ازمتها حتى نهاية 2017.&

&