تفاقمت أزمة الجنيه المصري، لا سيما مع استمرار ارتفاع سعر الدولار مقارنة به، ووصل إلى حد عشرة جنيهات في السوق الموازية، بينما يستقر في السوق الرسمية عند حد 7.83 جنيهات.

صبري عبد الحفيظ من القاهرة: تواصل أزمة الجنيه المصري تفاقهما، وانخفض سعره إلى مستوى غير مسبوق أمام الدولار في السوق السوداء، ليبلغ عشرة جنيهات، بينما يقف في السوق الرسمية عند حد 7.83 جنيهات.

ومع تفاقم الأزمة تبدو الحكومة عاجزة&عن مواجهتها بالشكل الأمثل، ويظهر على قراراتها الكثير من التخبط، لا سيما أنها بعد أن فرضت قيوداً مشددة على الإيداع والسحب، إضطرت أمس إلى إلغاء تلك القيود.

وقرّر البنك المركزى، إلغاء الحدود القصوى المقررة للإيداع والسحب النقدي بالعملات الأجنبية، بالنسبة للأفراد الطبيعيين اعتباراً من الثلاثاء.

وأضاف البنك المركزى، في بيان صحافى مقتضب، أن الإجراء تيسيراً على الأفراد الطبيعيين في تعاملاتهم مع البنوك.

ويأتي ذلك القرار بعد أن كان البنك المركزي قد حدد سقف السحب والإيداع اليومي بعشرة آلاف دولار، 50 ألف دولار بالنسبة للإيداع أو السحب الشهري.

ولمواجهة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد انتشرت أنباء &قوية حول قيام البنك المركزي بطباعة 30 مليار جنيه؛ لسداد أجور الموظفين بالقطاع الحكومي، الأمر الذي حذر منه خبراء الاقتصاد.

السيطرة على سوق الصرف

وعقد محافظ البنك المركزي طارق عامر، اجتماعاً مع شركات الصرافة في مصر، من أجل السيطرة على سعر الدولار، وعلمت "إيلاف" أن الاجتماع الهدف منه السيطرة على سوق الصرف الموازي، وألا تتدخل شركات الصرافة في المضاربة على الدولار.

كما علمت "إيلاف" أن البنك المركزي عقد اتفاقاً مع الشركات يقضي بعدم السماح بتجاوز سعر الدولار 9.25 جنيهات، لا سيما أنه وصل في اليومين الماضيين إلى حد عشرة جنيهات، ومع استمرار التوقعات باستمرار الإرتفاع ليصل إلى 12 جنيهاً خلال شهرين.

وفي السياق ذاته، تباينت ردود فعل الخبراء الاقتصاديين حول قيام البنك المركزي المصري بطباعة &30 مليار جنيه؛ لسداد أجور الموظفين بالقطاع الحكومي لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، ويرى بعض الخبراء أن لجوء "المركزي" لهذه الخطوة أمر حتمي، ليست الأولى، بعد أن سبق للحكومة القيام بها عام 2011، فيما أبدى البعض الآخر قلقه الشديد من خطورة ذلك، حيث أن أي نقود تتم طباعتها دون غطاء يهدد بانهيار قيمة العملة وحدوث التضخم وارتفاع الأسعار، هذا وقد أعلنت وزارة المالية عن عودة التعامل بعملة الجنيه الورق، وهو ما اعتبره البعض دليلًا قويًا على طبع البنك المركزي نقودًا جديدة.

ولمواجهة الأزمة الاقتصادية أعلنت وزارة المالية عن طرح أذون خزانة وسندات بقيمة إجمالية تبلغ 14,25 مليار جنيه &لتمويل عجز الموازنة العامة للدولة يتولى البنك المركزي طرحهما نيابة عنها، ومن المقرر أن يطرح "المركزي" في مزاد الأحد أذون خزانة لأجل 91 يومًا بقيمة 3,5 مليارات جنيه، وأخرى لأجل 273 يومًا بقيمة 4,750 مليارات جنيه ، بينما طلبت المالية بحسب الموقع الإلكتروني للبنك المركزي تمويلات بقيمة 6 مليارات جنيه أخرى عبر 3 عطاءات لسندات خزانة، الأول لأجل عام ونصف، وتبلغ قيمته مليار جنيه، والثاني لأجل 3 سنوات بقيمة 3,250 مليار جنيه، والثالث لأجل 7 سنوات بقيمة 1,750.

وتستدين وزارة المالية من خلال سندات وأذون الخزانة لتمويل الخزانة العامة للدولة على آجال زمنية مختلفة، وتعد البنوك الحكومية أكبر المشترين لها،وفي تقرير صادر مؤخرًا كشف عن &ارتفاع عجز الموازنة العامة للدولة خلال النصف الأول من العام المالي الحالي 2015- 2016 م إلى 167,8 مليار جنيه، أي ما يعادل 8,1% من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 132 مليار جنيه خلال الفترة ذاتها من العام السابق عليه،وقد ارتفع عجز الموازنة العامة للدولة خلال النصف الأول من العام المالي الحالي 2015- 2016 م إلى 167,8 مليار جنيه، أي ما يعادل 8,1% من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 132 مليار جنيه خلال الفترة ذاتها من العام السابق عليه.

وقال التقرير المالي الشهري الصادر عن وزارة المالية :"إن الإيرادات العامة سجلت نحو 192 مليار جنيه خلال الفترة من يوليو إلى ديسمبر 2015م ، مقابل نحو 163,5 مليار جنيه خلال الفترة نفسها من العام المالي الماضي بزيادة 28,5 مليار جنيه، في حين سجلت المصروفات العامة نحو 349,9 مليار جنيه خلال الفترة نفسها مقابل 278,4 مليار جنيه، بزيادة 62,5 مليارات جنيه".

معايير قانونية

من جانبه، أوضح الدكتور أحمد صبري الخبير الاقتصادي ،أن هناك معايير قانونية يلتزم بها البنك المركزي عند طباعة النقود من أهمها : ضرورة &أن يقابل قيمة النقود المطبوعة &رصيد مكون من الذهب والنقد الأجنبي والصكوك الأجنبية وسندات وأذون حكومية.

وقال الخبير الاقتصادي ﻠ"إيلاف":" إن اللجوء إلى طبع نقود دون وجود غطاء، سيؤدي إلى انخفاض القيمة الشرائية للجنيه بصورة كبيرة، وارتفاع مستويات التضخم،مما سيؤدى إلى ارتفاع كبير في الأسعار ومزيد من الإنهيار &للعملة المصرية وهو الأمر الذي نعاني منه منذ فترة السبعينات عندما لجأ الرئيس السادات إلى طبع مليارات الجنيهات ،وتكرر نفس الأمر إبان ثورة الخامس والعشرين من يناير".

وأوضح أن طباعة النقود ليست الحل السحري أمام الحكومة للخروج من الأزمة الاقتصادية وتقليل العجز في الموازنة ، مطالبًا بزيادة الإنتاج والتصدير، وعودة حصيلة السياحة إلى معدلاتها السابقة، وتشغيل المصانع المعطلة، ما يسهم في مواجهة التضخم والبطالة وزيادة النمو الاقتصادي.

لا قلق&

في المقابل، أبدى الدكتور محمد دياب، خبير التخطيط والاقتصاد&&في المعهد القومي للتخطيط، لـ"إيلاف" عدم القلق الشديد من خطورة طبع نقود جديدة &لأن هذا القرار يتخذه الكثير من دول العالم، فتقوم بطباعة الأموال في حالة مرور البلاد بأزمات مالية كبرى مما يؤدي إلى إعادة تنشيط الاقتصاد ، مشيرًا إلى أن الدولة لا يوجد أمامها إلا طريقان لتوفير موارد مالية إما الاقتراض الخارجي وهو ما نعتمد عليه بشكل أساسي خلال الفترة الماضية ، أما الطريق الثاني فهو التوسع في طباعة النقود، مشيرًا إلي أن التوسع في طباعة النقود دون غطاء حل صعب جدًا، ولكنه الطريق الوحيد أمام الحكومة حاليًا لمواجهة المشكلات المالية التي تعاني منها الدولة ، في ظل &انخفاض عائدات السياحة من 12 مليار جنيه إلى 7 مليارات جنيه، وهبوط تحويلات المصريين بالخارج &مما أدى إلى زيادة عجز بالموازنة العامة للدولة.

ولفت إلى أن كل المؤشرات تؤكد قيام الحكومة في طبع نقود جديدة، لافتًا إلى أن هذا هو السر الحقيقي وراء هبوط الجنيه المصري بسبب هبوط القيمة الشرائية له وليس ارتفاع سعر الدولار كما يزعم البعض. وأضاف أن طباعة البنك المركزي لهذا الحجم من الأموال، ليست المرة الأولى له فبدأها منذ عام 2011 م، لافتًا إلى إمكانية تخطي تلك الأزمة بإسراع الحكومة في وضع برنامج &اقتصادي عاجل &يرفع من قيمة &الناتج المحلي إلى الضعف.
&