تخلت مصر رسميًا عن دعم عملتها المحلية الجنيه، وأصدر البنك المركزي قراراً اليوم الإثنين بتحرير سعر صرف الجنيه مقابل الدولار بقيمة 1.12 جنيه، ليصبح سعر الدولار بـ"8.95 جنيهات"، بدلاً من "7.83" جنيهات.

صبري عبد الحفيظ من القاهرة: أعلن البنك المركزي المصري، اليوم الإثنين، تخفيض سعر الجنيه مقابل الدولار بقيمة (1.12 جنيه)، في خطوة اعتبرها الخبراء المصرفيون "تعويماً" للجنيه، والتخلي عن عدمه بشكل رسمي.

وقال البنك المركزي في بيان له، إنه "فور تكليف السيد رئيس الجمهورية محافظ البنك المركزي باتخاذ القرارات اللازمة لتصحيح أوضاع أسواق النقد، قام البنك بوضع خطة شاملة لتحقيق تلك الأهداف".

وأضاف البنك المركزي المصري أن السياسة الجديدة من شأنها "استعادة تداول النقد الأجنبي داخل الجهاز المصرفي بصورة منتظمة ومستدامة تعكس آليات العرض والطلب"، مشيراً إلى أنه يتوقع "أن تؤدي تلك القرارات (الأخيرة) إلى مستويات لأسعار الصرف تعكس القوة والقيمة الحقيقية للعملة المحلية في غضون فترة وجيزة".

ولفت البنك المركزي إلى أنه "يستهدف أن يسجل الاحتياطي النقدي الأجنبي حوالى 25 مليار دولار في نهاية 2016 نتيجة لجذب الاستثمار الأجنبي بعد الاطمئنان إلى إنهاء القيود ووجود خروج آمن لتلك الاستثمارات، واستعادة الاقتصاد المصري لقدراته التنافسية".

ارتفاع البورصة

وجاء القرار في أعقاب تدهور الجنيه مقابل الدولار، ليصل إلى عشرة جنيهات الأسبوع الماضي في السوق السوداء، مقابل "7.83 جنيهات" في السوق الرسمية، وانخفض الإحتياطي الأجنبي من 36 مليار دولار في بداية العام 2011، إلى 16.5 مليار دولار في (فبراير) شباط الماضي.

وفي أول رد فعل للقرار، سجلت مؤشرات البورصة المصرية، ارتفاعات قوية في التعاملات المبكرة، الإثنين، مدعومة بعمليات شراء من المؤسسات وصناديق الاستثمار العربية والمحلية، وسط حالة من التفاؤل بعد طرح البنك المركزي عطاء استثنائيا لبيع 200 مليون دولار للبنوك على سعر 8.85 جنيهات.

وقفز المؤشر الرئيس للبورصة المصرية "إيجي إكس 30" بنسبة 4.72%، ليبلغ مستوى 6873.74 نقطة، كما زاد مؤشر الأسهم الصغيرة والمتوسطة "إيجي إكس 70" بنحو 1.76%، ليبلغ مستوى 360.42 نقطة، كما شملت الارتفاعات مؤشر "إيجي إكس 100" الأوسع، بنحو 2.63%، ليبلغ مستوى 750.97 نقطة.

وتسعى مصر بقوة من أجل الحصول على الدولار بشتى الطرق، وطرحت شهادات إدخارية بالدولار للمصريين في الخارج، بعائد يصل إلى 5%، كما طرحت شهادات ادخار مماثلة بالدولار للمصريين في الداخل بعائد مماثل.

وأصدر بنك مصر والبنك الأهلي، وهما أكبر بنكين حكوميين في مصر، شهادات اليوم بعائد 15% على الجنيه المصري، لمن يتنازل عن الدولار من المصريين، وقال هشام عكاشة، رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي المصري، اليوم الإثنين، إن مصرفه وبنك مصر طرحا شهادات استثمار اليوم للأفراد الطبيعيين بعائد 15% مقابل التنازل عن أي عملة عربية أو أجنبية.

وأضاف "عكاشة" أن "الشهادات لأجل ثلاث سنوات بعائد يصرف كل ثلاثة أشهر، وطرح الشهادات يبدأ من اليوم ولمدة 60 يوما".

شح الدولار

ووفقاُ للخبير المصرفي الدكتور هشام محمود، المدير التنفيذي لإحدى شركات الصرافة في القاهرة، فإن قرار البنك المركزي يهدف إلى القضاء على السوق الموازية للدولار، مشيراً إلى أن الفارق بين السوق الموازية والسوق الرسمية بلغ أكثر من 2.15 جنيه، ما أدى إلى شح الدولار في البنوك، واتجاه المتعاملين إل السوق السوداء.

وأضاف لـ"إيلاف" أن السعر في السوق السوداء بعد قرار "تعويم" الجنيه لن تجاوز 9.5 جنيهات، أي بفارق يبلغ نحو عشرة قروش على الأكثر.

وأشار إلى أن البنك المركزي يسعى من وراء القرار إلى جذب الاستثمارات الأجنبية إلى مصر، لافتاً إلى أن محافظ البنك المركزي طارق عامر عقد اجتماعات مكثفة مع مسؤولي صناديق استثمار أجنبية، وحصل على وعود بضخ استثمارات في حالة تثبيت سعر صرف الجنيه عند معدلاته الحقيقية.

ونوه بأن سعر "8.95 جنيهات" للدولار الواحد هو السعر العادل والحقيقي للجنيه في السوق، غير أنه حذر في الوقت نفسه من موجة ارتفاع غير مسبوقة في الأسعار، دعا الحكومة إلى ضرورة التدخل من أجل حماية الفقراء.

وتعاني مصر أزمة اقتصادية خانقة، بسبب شح الدولار، واتخذت الحكومة الكثير من القرارات للحد من الإستيراد، وأن يقتصر على السلع الغذائية الإستراتيجية والأدوية، مع منع استيراد المنتجات التي لها مثيل مصري. وألغى البنك المركزي الأسبوع الماضي، سقف الإيداع والسحب المصرفي بالعملة الصعبة لمستوردي السلع الأساسية والأفراد.