تسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي بهبوط اسعار العقارات في لندن، وذلك بعد ان اشعلها الأثرياء الوافدون الى مستويات لا سابق لها.
لندن: لا تزال عقارات المناطق الراقية وسط لندن، حيث يمكن ان يصل سعر الشقة الى 200 مليون دولار، تشكل ركنًا من اركان الثروة في بريطانيا. ولكن موجة من هبوط الأسعار وإلغاء العقود تجتاح شوارع لندن اليوم متسببة بانخفاض قيمة بيوت يسكنها مشاهير، في مؤشر ملموس الى مزيد من التداعيات الاقتصادية الناجمة عن خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي.
ويقول اقتصاديون إن هبوط سوق العقارات وراءه مخاوف طويلة الأمد، منها صعوبة الاقامة والعمل في مدينة من أكثر المدن عولمة في العالم بعد بريكسيت، واستمرار الجنيه الاسترليني في الهبوط ورحيل وظائف ذات رواتب عالية من مركز المال والأعمال في العاصمة البريطانية الى القارة الاوروبية.
لا يقين
ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن الاقتصادي صامويل تومبس من شركة بانثيون ماكرو للأبحاث المالية قوله: "إن من الجائز ان تتضرر لندن أكثر من مناطق البلاد الأخرى، لأن المدينة مركز دولي ومصدر كبير لفرص العمل. ويعني هذا ان الكثير من اللا يقين سيتركز في لندن وحولها".
ويأتي هبوط سوق العقارات في لندن دليلا آخر يضاف الى ادلة أخرى على صواب التحذيرات التي أُطلقت قبل الاستفتاء على بريكسيت من تداعياته على الاقتصاد البريطاني. إذ تنبئ جملة مؤشرات ودراسات اقتصادية بأن بريطانيا ربما تواجه اسوأ ركود منذ الأزمة المالية عام 2008.
ولم تكن تداعيات بريكسيت ملموسة بوضوح مثلما كانت في سوق العقارات في لندن، حيث هبطت الأسعار وسط المدينة بنسبة 1.5 في المئة في يوليو، وهي أكبر نسبة هبوط منذ 2009، بحسب شركة نايت فرانك العقارية. وانتقل الهبوط الى الايجارات ايضًا، التي انخفضت في بعض مناطق وسط لندن بنسبة 8 في المئة منذ مطلع العام. وتحمّل شركات عقارية كبرى بريكسيت مسؤولية هبوط أرباحها بنسب لا تقل عن 10 في المئة.
وكانت العولمة والهجرة المفتوحة من دول الاتحاد الاوروبي أسهمتا في زيادة ثروات لندن خلال العقود الأخيرة، لكنها ساعدت ايضا على رفع الأسعار.
كما تضررت من بريكسيت صفقات تجارية ضخمة. وعلى سبيل المثال ان شركة كان آم الاستثمارية الالمانية كانت تعتزم شراء عمارة مكتبية في منطقة المال والأعمال في لندن بسعر 248 مليون دولار، ولكن المخاوف التي اثارها بريكسيت أثنت مستثمري الشركة الأثرياء عن المضي قدمًا بالصفقة.
إحباط
وتلفت شركات عقارية الى ان من المبكر القول ما إذا كان الهبوط الحالي في اسعار العقارات يُرجح ان يستمر أم انه تراجع موقت. ولكن هذه الشركات تتحدث رغم ذلك عن "ضربة ما بعد بريكسيت" تلقتها سوق العقارات. وفي بعض الحالات تضع تداعيات بريكسيت واللايقين اصحاب ثروات فائقة في مواجهة بعضهم البعض في لعبة رهاناتها الضخمة.
تعمل سارة بيرتش من شركة سافيلز العقارية في مناطق راقية مثل كينزنغتون وهولاند بارك ونوتنغ هيل، حيث يعيش امثال الملياردير ريتشارد برانسون وديفيد بيكام وزوجته فكتوريا. وهي تقول إن من أصل 12 صفقة كبيرة كانت شركتها متعاقدة عليها قبل بريكسيت أُلغيت 8 صفقات أو أُعيد التفاوض عليها بحسومات تصل الى 10 في المئة.
ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن بيرتش "ان اوليغارشياً روسياً" عرض بيع عقار يملكه بأقل من قيمته السوقية البالغة 7 ملايين جنيه استرليني "لأنه شعر ان سوق لندن سائرة الى هبوط وأراد ان يحمي نفسه".
في هذه الأثناء يشعر لندنيون يريدون بيع عقاراتهم بإحباط نادر بسبب تراجع المشترين بعد الاتفاق على سعر معين. وهذا ما حدث مع المنتجة التلفزيونية ايما كالوسينكا، التي اتفقت مع رجل الماني وزوجته على بيعهما منزلها في شرق لندن "ثم سقطت قنبلة بريكسيت"، على حد قولها، متسببة بانسحاب الزوجين الالمانيين من الاتفاق. وقالت كالوسينكا: "انهما لم يشعرا انهما موضع ترحيب هنا" في لندن.
اعداد عبد الاله مجيد عن صحيفة واشنطن بوست على الرابط أدناه:
https://www.washingtonpost.com/world/europe/londons-lavishly-high-home-prices-take-a-brexit-hit/2016/08/08/371f5770-58ce-11e6-8b48-0cb344221131_story.html?hpid=hp_hp-more-top-stories_brexitecon910p%3Ahomepage%2Fstory
التعليقات