هل كان هذا الأسبوع نقطة تحول؟ لقد كان بالتأكيد أسبوعا مكلفا لشركة أبل، أكبر شركة مدرجة في أسواق المال على كوكب الأرض. بالطبع، يمكن للشركة تحمل فاتورة الضرائب المطالبة بدفعها لأيرلندا وقيمتها 13 مليار يورو. ومن يدري ما إذا كانت ستضطر فعلا لدفعها. ربما ستنجح دعوى الاستئناف التي تنوي الشركة رفعها ضد الحكم. لكن الحال يشير إلى أن تلك بالتأكيد لحظة هامة جدا وسط معركة إجبارالشركات متعددة الجنسيات على دفع أموال قد تعتقد العديد من الحكومات، وكذلك الناس العاديين، أنها نصيبها العادل من الضرائب. صحيح أن هذه الحلقة (في المعركة) لم تنجح في توحيد الحكومات المعنية. وكانت الولايات المتحدة غاضبة بصورة خاصة من طريقة المفوضية الأوروبية في محاولة حمل أبل على دفع الأموال. ولكن على الرغم من الخلاف، مازال هناك قدر من الاتفاق حول هدف مشترك، وهو مدفوع جزئيا بالاعتراف بأن الناخبين، أو العديد منهم على الأقل، يكرهون ما يعتبرونه سلوكا ملتويا للعديد من الشركات متعددة الجنسيات وبعض الأفراد الأثرياء. وهو ما أظهرته مؤخرا فضيحة وثائق بنما. ثم، هناك أيضا محادثات التجارة بين الولايات المتحدة وأوروبا، والمعروفة باسم تي تي آى بيTTIP. وهناك لوبي أعمال قوي يدعم المشروع ويهدف إلى إزالة الحواجز أمام التجارة والاستثمار عبر الأطلسي. لا يمكننا الإعلان عن انتهاء المباحثات بشكل رسمي، ولكن الشكوك والأجواء العدائية التي عبر عنها كبار الشخصيات السياسية في فرنسا وألمانيا في الأيام القليلة الماضية لا تشير إلى أن محادثات التجارة تقف على أرض مستقرة. لماذا تحدث هؤلاء القادة من ألمانيا وفرنسا؟ أحد الأسباب هو الانتخابات المقبلة في البلدين. الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، وزعيم الديمقراطيين الاجتماعيين في ألمانيا، زيغمار غابريل، يدركان جيدا عداء الناخبين لهذه المحادثات. يشعر بعض المواطنين بأن العولمة أضرت بهم، وهناك قلق من أن المزيد منها سيقوض فرص العمل والدخل. يعتقد البعض أن محادثات التجارة ستؤدي إلى إضعاف معايير حماية البيئة والمستهلك، وحتى أنها ستؤثر على سيادة الحكومات المنتخبة، ويرون أن كل هذا سيصب في مصلحة الشركات الكبرى، وليس الناس العاديين. وأثرت مخاوف مماثلة على حملة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة. وتحدث المرشح الجمهوري دونالد ترامب تحديدا بصراحة عن صفقات التجارة الدولية. لكن منافسته الرئيسية المرشحة الديمقراطية، هيلاري كلينتون، شعرت أيضا بضرورة مواكبة المزاج العام. فقد كانت من الداعمين المهتمين باتفاقيات تحرير التجارة، بما في ذلك محادثات التجارة بين الولايات المتحدة وأوروبا. والآن يبدو موقف كلينتون فاترا بشكل متعمد. وانتهت مؤخرا مجموعة أخرى من المحادثات تتضمن دولا مطلة على المحيط الهادئ، ولم تحصل على تصديق الكونغرس الأمريكي، لكن كلينتون قالت إن نتائجها لا ترقى إلى المعايير التي تطالب هي شخصيا بها. لذلك لدينا تطوران هامان هذا الأسبوع يعكسان نفورا شعبيا من الشركات الدولية الكبيرة. لكن ألم يكن لدينا الكثير من هذه الأشياء في السنوات القليلة الماضية؟ يعتقد البعض أن التصويت لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي جزء من نفس الشعور، بأنه "كلما كان الشيء صغيرا كان جميلا". بالطبع، كان هذا النفور موجودا دائما، ولكن الأزمة المالية جعلته يعبر عن نفسه علنا. بالتأكيد، كانت البنوك في وسط تلك العاصفة، ولكن الشعور امتد إلى تقويض النظرة الشعبية للشركات الكبرى على نطاق أوسع. لكن شيئا من هذا لن يكتب شهادة وفاة الشركات متعددة الجنسيات العملاقة. فهي تشكل جماعة ضغط (لوبي)، تساهم في الحملات السياسية، ترسل كبار موظفيها على سبيل الانتداب للعمل في المستويات العليا من الحكومات، كما أنها توظف المسؤولين الكبار للعمل لديها. ودعونا لا ننسى أن سبب نجاح الشركات متعددة الجنسيات هو أنها تصنع وتبيع الأشياء والخدمات التي يحتاجها الغالبية العظمى منا. ولكن ربما يكون هذا هو الأسبوع الذي يقال لهذه الشركات، على الأقل من جانب البعض: تماديتم، هذا يكفي.
- آخر تحديث :
التعليقات