شهدت تركيا انخفاضاً في معدل التضخم، للمرة الأولى منذ أيار/مايو العام الماضي.

وتظهر أحدث الأرقام أن الأسعار ارتفعت بمعدل 84.4 في المئة في السنة، مع انخفاض طفيف مقارنة بشهر تشرين الثاني/نوفمبر.

وينتهج المصرف المركزي في تركيا، تحت ضغط الرئيس رجب طيب أردوغان، سياسة خفض الفوائد في ظلّ ارتفاع الأسعار.

وعادة ما تفعل معظم الدول عكس ذلك، بهدف عدم تشجيع المستهلك على الإنفاق وبالتالي الحد من زيادة الأسعار.

وارتفع التضخم في تركيا على نحو مستمر منذ أن تراجع إلى 16.6 في المئة في مايو/أيار 2021.

التضخم في تركيا يصل إلى أعلى مستوياته منذ نحو ربع قرن

تراجع قياسي في قيمة الليرة التركية بعد قرار البنك المركزي خفض سعر الفائدة

"تركيا وطني، ولكني أحلم بحياة أفضل في الخارج"

وأصبح اضطراب السوق عقبة رئيسية في طريق أردوغان للفوز بولاية رئاسية ثالثة، مع اقتراب موعد الإنتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في حزيران/يونيو المقبل.

وبدأت شعبية أردوغان بالتراجع، بعد مباشرته العام الماضي بتطبيق سياسة اقتصادية غير اعتيادية، حاول من خلالها خفض أسعار المستهلك المرتفعة بصورة دائمة، عبر خفر تكاليف الاقتراض.

بينما تتبع النظرية الاقتصادية التقليدية التي تتبناها معظم الدول الكبيرة، نهجا معاكسا تماما.

وخسرت الليرة التركية الكثير من قيمتها مع اندفاع المستهلكين لشراء الدولار والذهب، في محاولة لحماية مدخراتهم.

وارتفعت أسعار الواردات مثل النفط والغاز ، مما فاقم أزمة التضخم وساهم في زيادتها المصرف المركزي المستقل اسمياً، من خلال الاستمرار في خفض أسعار الفائدة.

وأكد أردوغان أن تركيزه الدائم منصب على تحقيق النمو الاقتصادي بأي ثمن، والذي يتحقق من خلال الإقراض المتدني الكلفة ودعم الدولة، وفي نهاية المطاف سيعطي ثماره.

وكرّر ذلك في نهاية الأسبوع قائلاً: "سنشهد هبوطاً سريعاً في التضخم في وقت قريب، وسنرى معاً أن السيناريوهات القذرة التي رُسِمت حول هذه المشكلة قد تحطمت ورميت بعيداً".

وعزا أردوغان أسباب التضخم إلى عوامل خارجية مثل ارتفاع أسعار الغذاء والنفط في العالم، نتيجة للغزو الروسي لأوكرانيا.

سياسة انتخابات

وأشاد فريق أردوغان الاقتصادي الذي تعرض لانتقادات كثيرة بإعلان يوم الإثنين قائلاً إنه دليل على نجاعة نهجه الاقتصادي.

وكتب وزير الاقتصاد التركي نور الدين نباتي على تويتر قائلاً: "كما سبق وقلنا عبر وسائل إعلام مختلفة، لقد دخلنا في مسار تراجع التضخم، تاركين الذروة خلفنا، ما لم يطرأ تطور عالمي غير متوقع".

ويعتقد معظم الخبراء الاقتصاديين أن معدل التضخم في تركيا، سيستمر في التباطؤ لكنه سيبقى مرتفعا لعدة أشهر قادمة، إلا إذا أحدث أردوغان تغييراً جذريا في مقاربته.

ويتوقع الخبراء أنه مع تدفق الاموال من روسيا ومن خصوم تركيا السابقين في الشرق الأوسط، بعد إقدام أردوغان على تحول دبلوماسي كبير هذا العام، سيساعد الحكومة على دعم الليرة التركية.

وقال مدير شركة بلوباي لإدارة الأصول، تيموثي آش في تغريدة إن استراتيجية أردوغان تهدف إلى "إبقاء الليرة قوية نسبيا بواسطة الأموال الأجنبية قبل الانتخابات".

وأضاف آش قائلاً: "لكن ذلك سيدمر القدرة التنافسية إلى حد كبير بسبب قوة الليرة التركية".

ولا تزال الإحصاءات التركية الرسمية تثير العديد من الشكوك، وهي تصدر عن مؤسسة استبدل أردوغان مديرها مرتين العام الماضي.

ووفقاً لدراسة شهرية مرموقة صادرة عن خبراء اقتصاد مستقلين من معهد أبحاث "إيناغ" التركي، وصل المعدل السنوي لارتفاع الأسعار الاستهلاكية إلى 170.70 في المئة في تشرين الثاني/نوفمبر.

وأظهر استطلاع آخر في بداية هذا العام، أن الغالبية العظمى من الأتراك تصدق الأرقام الصادرة عن معهد "إيناغ" بدلاً من تلك الصادرة عن الحكومة.