بومباي: نفى الملياردير الهندي غوتام أداني الجمعة أن يكون صعوده ليصبح أغنى رجل في آسيا_ قبل أن يفقد هذا اللقب بعدما تبخّرت نسبة كبيرة من قيمة المجموعة التابعة له_ عائدا إلى علاقته برئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي.

وتأتي تصريحات أداني بينما انخفض سعر سهم "اداني انتربرايزس" الشركة الرائدة في مجموعته، بنسبة 10 بالمئة عند افتتاح بورصة بومباي التي علقت تداولها مرات عدة. وقد تراجع بنسبة 30 بالمئة صباح الجمعة وأغلق على ارتفاع بنسبة 1,25 بالمئة ليبلغ 1584,20 روبية (19,33 دولارًا).

وتراجعت القيمة الإجمالية لأسهم كيانات تابعة لأداني مدرجة في البورصة، أكثر من 120 مليار دولار أي حوالى نصف قيمة المجموعة، مذ نشرت مؤسسة "هيندنبورغ ريسرتش" في 24 كانون الثاني/يناير اتهامات بعمليات احتيال في المحاسبة.

ملاذات ضريبية

وقالت هذه المؤسسة الأميركية إن أداني زاد أسعار أسهم شركات مجموعته بشكل زائف من خلال ضخ أموال عبر ملاذات ضريبية خارج البلاد. وقالت إن "هذا التلاعب الخطير بالأسهم وخطة الاحتيال في الحسابات يعدّان أكبر عملية غش في تاريخ الشركات".

وعُلّق أيضًا التداول في أسهم "أداني باور" و"أداني غرين انرجي" و"أداني ترانسميشن" و"أداني توتال غاز" التي تملك فيها المجموعة الفرنسية العملاقة "توتال إنرجي" حصة نسبتها 37,4 بالمئة.

وأكدت توتال إنرجي الجمعة أن الخطر الناجم عن مساهمتها هذه في عدد من المشاريع المشتركة مع "أداني" محدود، مؤكدة أنها وظفت هذه الاستثمارات "باحترام صارم للقوانين المعمول بها ".

وتملك توتال إنرجي 50 بالمئة من المشروع المشترك "اداني توتال برايفت ليميتد" و 37,4 بالمئة من "أداني توتال غاز ليمتد" و19,75 بالمئة من "اداني غرين إنرجي ليمتد" و50 بالمئة من شركة "أجيل23"، ما مجموعه 3,1 مليارات دولار (أرقام 31 كانون الأول/ديسمبر 2022) أي 2,4 بالمئة من رأسمال المجموعة المستخدم.

ويبلغ صافي أرباح التشغيل المرتبطة بهذه المساهمات 180 مليون يورو بحسب المجموعة الفرنسية التي ستنشر أرباحها السنوية الأسبوع المقبل.

قالت وزيرة المالية الهندية نيرمالا سيثارامان الجمعة إن أسواق بلدها "منظمة بشكل جيد" وأن أزمة سوق الأسهم لمجموعة غوتام أداني لن تؤثر على ثقة المستثمرين. وأضافت أن "حالة واحدة على الرغم من أنها تسببت ضجة كبيرة في العالم لا تدل على كيفية إدارة الأسواق المالية الهندية".

وتمّ تأجيل جلسة البرلمان الجمعة لليوم الثاني على التوالي بعد مداخلات متكررة من نواب معارضين طالبوا الحكومة بطرح قضية أداني للنقاش ومستوى تأثّر مصارف القطاع العام والمؤسسات المالية.

ويشير البعض إلى أن علاقة أداني القوية برئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، المتحدّر أيضا من ولاية غوجارات، ساعدت في دعم أعماله التجارية وتجنيبه الرقابة.

وقال أداني الجمعة لمحطة "إنديا توداي" التلفزيونية "لا أساس لهذه المزاعم"، مشيرًا إلى أن كونهما من الولاية نفسها يجعله "هدفًا سهلًا" لاتهامات كهذه.

وأضاف "في الواقع لا أدين بنجاحي لأي مسؤول، إنّما بسبب الإصلاحات السياسية والمؤسساتية التي بدأها العديد من المسؤولين والحكومات على مدى فترة طويلة تزيد عن ثلاثة عقود".

توسّعت عمليات أداني (60 عاما) المعروف بابتعاده من الأضواء والذي لم يكمل تعليمه في المدرسة، بسرعة بينما ارتفعت أسهم "أداني انتربرايزس" بأكثر من ألف في المئة مدى السنوات الخمس الأخيرة.

ثالث أغنى رجل في العالم

وكان حتى الأسبوع الماضي ثالث أغنى رجل في العالم، ليخرج بحلول الجمعة من قائمة "فوربز" لأغنى 20 شخصا في العالم مع خسارته عشرات مليارات الدولارات من ثروته.

وفي وقت متأخر الأربعاء، ألغت شركة أداني الرئيسية عملية بيع أسهم بقيمة 2,5 مليار دولار كان من المفترض أن تساعد على خفض مستويات الديون التي تشكّل مصدر قلق وإعادة الثقة وتوسيع قاعدة أصحاب الأسهم لديها.

فشل الأمر في جذب المستثمرين الأصغر ولم تُبع إلا بفضل مشترين من مؤسسات كبرى وأكبر أثرياء الهند فضلا عن 400 مليون دولار من "الشركة العالمية القابضة" ومقرها في الإمارات العربية المتحدة.

وأدى الذعر الذي أثاره تدهور المجموعة إلى توقف مصارف كبرى بينها "كريدي سويس" و"سيتي غروب" عن قبول سندات أداني كضمان للقروض المقدّمة للعملاء، بحسب "بلومبرغ نيوز".

وذكرت وكالة بلومبرغ، نقلًا عن مصادر لم تسمّها، أن السندات ارتفعت بشكل طفيف الجمعة بعدما أبلغ مصرفا "غولدمان ساكس" و"جاي بي مورغان" زبائنهما بأن بعض أجزاء محفظة أداني لا تزال قوية.

واعتبرت "هندنبرغ ريسرتش" أن مجموعة أداني استفادت من نمط من التساهل الحكومي "استمرّ لعقود" وأن "المستثمرين والصحافيين والمواطنين وحتى السياسيين يخشون التحدث علنا خوفًا من الإجراءات الانتقامية".

بدورها، اعتبرت مجموعة أداني أنها كانت ضحية هجوم "شرير" على سمعتها وأصدرت بيانا يقع في 413 صفحة الأحد قالت إنه يثبت أن اتهامات "هندنبرغ" "ليست إلا كذبة".

وردت "هندنبرغ"، التي تجمع المال عبر الرهان على هبوط الأسهم، أن أداني لم تجب على معظم الأسئلة المطروحة في تقريرها.

ويقول محللون إن هذه الاضطرابات أضرّت بصورة الهند في الوقت الذي تسعى فيه لجذب مستثمرين أجانب بعيدًا عن الصين.

طلب المصرف المركزي الهندي من المقرضين تقديم تفاصيل عن مدى تأثرهم بوضع مجموعة أداني التي تشمل مصالحها موانئ وشركات اتصالات ومطارات ومؤسسات إعلامية فضلا عن الفحم والنفط والطاقة الشمسية، بحسب ما ذكرت "بلومبرغ" نقلا عن مصادر لم تسمها.

وفي مقابلته الجمعة، قال أداني إن 32% فقط من قروض شركاته هي قروض مستحقة لمصارف هندية وإن نحو نصف ديونها مبنية على سندات دولية.