فيينا: بعد مفاوضات حثيثة، أعلنت دول أعضاء في تحالف أوبك بلاس عن تخفيضات جديدة في انتاجها عام 2024 بهدف كبح تراجع أسعار النفط مؤخرا.

ومرة أخرى، تتولى المملكة العربية السعودية وروسيا، ركيزتا التكتل، القسم الأكبر من المجهود.

ستواصل المملكة خفض إنتاجها النفطي بمقدار مليون برميل يوميا حتى "نهاية الربع الأول من عام 2024"، بحسب بيان لوزارة الطاقة نشر عقب اجتماع عبر الفيديو لوزراء المجموعة.

من جهتها، ستعزز موسكو خفض الصادرات خلال الفترة نفسها، من 300 ألف إلى 500 ألف برميل يوميا، حسبما أعلن نائب رئيس الوزراء المسؤول عن الطاقة ألكسندر نوفاك.

تعهدات
ومن بين الأعضاء الثلاثة والعشرين، تعهدت دول أخرى مثل العراق والإمارات العربية المتحدة والكويت وكازاخستان والجزائر وعمان، بتخفيضات أقلّ حجما.

وفي المجمل، تصل التخفيضات الطوعية إلى حوالي 2,2 مليون برميل يوميا.

وعكس رد فعل الأسواق خيبة حيال هذه التخفيضات الطوعية، في ظل غياب اتفاق جماعي من أوبك بلاس.

حوالى الساعة السادسة والنصف مساء بتوقيت غرينتش، انخفض سعر نفط برنت، الخام المرجعي في أوروبا، بنسبة 0,22% ليصل إلى 82,92 دولارا للبرميل، في حين انخفض سعر معادله الأميركي خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 1,89% ليصل إلى 76,39 دولارا.

وكان من المقرر عقد الاجتماع في البداية الأحد في فيينا، قبل تأجيله بسبب الخلافات.

وواجهت السعودية التي تبذل الجزء الأكبر من جهود خفض الإنتاج، صعوبة في إقناع الدول الإفريقية بتقاسم العبء.

ومن بين الدول الرافضة أنغولا ونيجيريا الساعيتان لـ"زيادة حصتيهما الإنتاجية" لتعزيز عائداتهما من العملات الأجنبية الأساسية، حسب ما أفاد مصدر وكالة فرانس برس.

ولم يتقبل البلدان النتائج التي توصل إليها الاجتماع الأخير في حزيران/يونيو، والذي قضى بخفض أهداف إنتاجهما، بعد سنوات من ضعف الاستثمار.

في المقابل، سُمح حينها للإمارات العربية المتحدة بمواصلة تعزيز إنتاجها النفطي الخام نظرا لقدرتها الاحتياطية الكبيرة.

ولا يزال الخلاف محتدما داخل المجموعة، إذ ترفض أنغولا مستوى الإنتاج الجديد الذي حددته أوبك بلاس وليس لديها أي نية للامتثال، وفق وكالة بلومبرغ.

منذ نهاية عام 2022، خفضت أوبك بلاس إنتاجها بحوالى 5 ملايين برميل يوميا، مستغلة ندرة الإمدادات لمحاولة رفع الأسعار التي يقوضها عدم اليقين الاقتصادي على خلفية ارتفاع معدلات الفائدة.

وخفّض التحالف في البداية الانتاج بنحو مليوني برميل، بمناسبة اجتماع أعضائه الثلاثة والعشرين حضوريا في فيينا، بعد سلسلة طويلة من الاجتماعات عبر الفيديو بسبب وباء كوفيد.

وفي أيار/مايو الماضي، أعلن تسعة أعضاء من بينهم السعودية وروسيا، عن تخفيضات طوعية مفاجئة بإجمالي 1,6 مليون برميل يوميا.

وفي "هدية سعودية"، بحسب تعبير وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، خفّضت الرياض إنتاجها بعد شهر بما يصل إلى مليون برميل إضافي، وهو قرار جرى تمديده شهريا حتى نهاية عام 2023، وتبنّته روسيا أيضا وإن بدرجة أقل.

لكن رغم الإعلانات السابقة، فإن مؤشري الخام المرجعيين بالكاد ارتفعا مقارنة بحزيران/يونيو (+5% تقريبا)، وإن كانا أعلى من متوسط السنوات الخمس الماضية.

تناهز الأسعار حاليا عتبة 80 دولارا للبرميل بعد ارتفاع قصير الأمد لخام برنت إلى ما يقرب من 100 دولار في نهاية أيلول/سبتمبر، وهي بعيدة كل البعد عن الـ140 دولاراً المسجلة في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.

ويبدو الطلب هشا بين المخاوف بشأن اقتصاد الصين، أكبر مستورد للنفط الخام في العالم، والتي يتباطأ تعافيها بعد كوفيد أكثر بكثير مما كان متوقعا، والإشارات المتضاربة القادمة من أوروبا والولايات المتحدة.

على صعيد العرض، وصل إنتاج الخام في الولايات المتحدة والبرازيل إلى مستويات قياسية، ما تسبب في تغيير في ميزان القوى. وأكد المحلل في شركة فاينالتو نيل ويلسون أن مجموعة أوبك بلاس التي تمثل حوالى نصف الإنتاج العالمي "لم تعد تسيطر على السوق مثلما كانت سابقا".

ويأمل التحالف الذي ولد عام 2016 ردا على التحديات التي تفرضها المنافسة الأميركية، أن تنضم إليه البرازيل اعتبارا من مطلع عام 2024.

وحضر الاجتماع وزير الطاقة البرازيلي ألكسندر سيلفيرا دي أوليفيرا الذي رحب بالدعوة قائلا "إنها لحظة تاريخية بالنسبة للبرازيل، وهي تفتح فصلاً جديداً في الحوار والتعاون الدولي في مجال الطاقة".

لكن وزارة الطاقة خففت من نبرة الإعلان، موضحة في بيان أرسل إلى وكالة فرانس برس أنها "تبحث المسألة".