إيلاف من الدوحة: تنعقد في الدوحة فاعليات منتدى قطر الاقتصادي والذي تجمع نسخته للعام الحالي أكثر من ألف من قادة العالم ورموز الفكر وصناع القرار من نحو 50 دولة. ويُشارك العراق، بوصفه أحد أهم الاقتصادات الصاعدة في المنطقة، بوفدٍ يرأسه مستشار رئيس الوزراء للشؤون الخارجية فرهاد علاء الدين.
ويُعدّ المنتدى منصةً رائدةً للحوار حول القضايا الاقتصادية الملحة، حيث رسخ نفسه ضمن أكثر المحافل التي تسهم في تشكيل اقتصاد الشرق الأوسط، وإثراء النقاش بشأن القضايا الاستراتيجية التي تتصدر أولويات الاقتصاد الدولي، واستشراف اتجاهاته في المستقبل.
وينعقد المؤتمر هذا العام في وقت تواجه فيه منطقة الشرق الأوسط تحديات اقتصادية عديدة على خلفية الحرب في قطاع غزة، واضطراب حركة السفن التجارية في البحر الأحمر.
إيلاف كان لها حوارًا حصريًا مع فرهاد علاء الدين، تناول مشاركة العراق في المنتدى، والتحديات الاقتصادية التي تواجهها المنطقة، وفرص التعاون المستقبلي.

موقف العراق تجاه القضية الفلسطينية
بطبيعة الحال يناقش المنتدى العديد من القضايا الدولية السياسية وعلى رأسها الحرب في غزة .. ما الرسالة التي ترغب بغداد في إبلاغها للمجتمع الدولي خلال هذا المنتدى؟
موقف العراق ثابت تجاه القضية الفلسطينية ولم يتغير مع بدء أحداث 7 تشرين الأول (أكتوبر) أو قبلها، وهو يدعم تحقيق كامل حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولتهم المنشودة دون قيد أو شرط. كما يطالب العراق بوقف الحرب في غزة فورًا وإعادة النازحين إلى ديارهم. ويؤكد العراق على ضرورة تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته القانونية والدولية في حماية المدنيين وإعادة إعمار ديارهم.

خطوات العراق لجذب الاستثمار
ما هي أهم الخطوات السياسية التي اتخذها العراق من أجل تهيئة الأجواء لبيئة استثمارية سليمة؟
اتخذت الحكومة العراقية خطواتٍ جادةً لتحسين بيئة الاستثمار في البلاد، وعملت برؤية جديدة تهدف إلى تطوير البيئة الاستثمارية الاقتصادية وهي الإصلاح في القطاعات التي تؤثر على الاستثمار بشكل مباشر. ويدخل تحقيق الإصلاحات الشاملة في القطاعات الحيوية للاقتصاد، مثل القطاع المالي والمصرفي في صلب العملية الاستثمارية، كما أن تعزيز الأمن والاستقرار في جميع أنحاء البلاد يجعل العراق بيئة جاذبة لأن المستثمر لا يريد الدخول في سوق غير آمن. كذلك، يعد ضمان الاستثمار وتشجيع المستثمرين من خلال تقديم الحوافز وتقليل البيروقراطية ومكافحة الفساد وحماية أموال المستثمرين كلها عوامل تدخل ضمن هذه الرؤية التي يعمل رئيس مجلس الوزراء على تنفيذها. ولهذا السبب نجد أن دول الخليج ومنها قطر والإمارات قد دخلت بالفعل في الاستثمار في قطاعات مختلفة مثل الفنادق والصناعة والصحة هذا بخلاف استثماراتهم في قطاع الطاقة.

مشاركة العراق في محيطه الخليجي
هل تعتبر مشاركتك في منتدى قطر الاقتصادي دليل على مزيد من الانخراط للعراق في محيطة الخليجي؟
نعم، تُعدّ مشاركة العراق في المنتديات الاقتصادية الإقليمية والدولية فرصةً مهمةً للتواصل مع المجتمع السياسي والاقتصادي العربي والدولي. وقد ساعدت مشاركة العراق في منتدى قطر الاقتصادي على إيصال صوت العراق بما يتعلق بالفرص الاستثمارية المتاحة في البلاد، وشرح الوضع السياسي والأمني المستقر في العراق. كما ساهمت المشاركة في الإجابة على أسئلة واستفسارات المستثمرين المهتمين بالعراق. شرحنا الوضع السياسي والأمني المستقر في البلد، ويضاف الى ذلك الإجابة على الأسئلة والاستفسارات التي تدور في ذهن المستثمر او المهتم بالشأن العراقي

مشروع طريق التنمية الاستراتيجي
وقع العراق مذكرة تفاهم أخيرًا مع تركيا والإمارات وقطر بشأن طريق التنمية الاستراتيجي. هل يعد حضور المنتدى فرصة لتطوير التعاون في هذا الصدد؟
مشروع طريق التنمية من المشاريع الاستراتيجية والمهمة للعراق والمنطقة بأكملها، ودخول تركيا وقطر والإمارات العربية المتحدة دليل واضح على أهمية هذا المشروع وما يمثله من قفزة نوعية وتاريخية ستغير من معالم التجارة العالمية، إذ أن الطريق يعد الأقصر بين الشرق والغرب مقارنة بكل الطرق الأخرى. كما ان المشروع يربط دول أوروبا بدول الخليج براً. ويعد المشروع مهم للعراق، حيث سيوفر أكثر من مئة ألف فرصة عمل، وبناء المحطات والمدن الصناعية في أكثر من محافظة مما سيشجع الصناعات المحلية والدورة الاقتصادية لكل محافظة، بالإضافة الى زيادة الدخل القومي من الواردات الجمركية والرسوم للترانزيت وغيره. وبالطبع عملنا على الترويج لهذا المشروع الحيوي في مداخلاتنا ونقاشاتنا في المنتدى.

تأثير المشهد السياسي على الاستثمار
يناقش المنتدى قضايا عدة من بينها تأثير المشهد السياسي الحالي على تدفقات الاستثمار .. ما هو الطرح العراقي حيال هذه المسألة؟
كما اسلفنا، العراق اصبح بيئة جاذبة للاستثمار، وجميع المؤشرات تدل على إيجابية التوجه الجديد للحكومة العراقية. وقد نشر البنك الدولي تقريرا مهما يوم 15 أيار يشيد بالتطور الحاصل في المجال الاقتصادي، وجاء في التقرير " تحسن الاستقرار الداخلي منذ أن تولت الحكومة الجديدة مهامها في تشرين الأول (أكتوبر) 2022، مما سهّل إقرار أول موازنة للعراق مدتها ثلاث سنوات، والتي استلزمت توسعاً مالياً كبيراً بدءاً من عام 2023. وقد دعم ذلك التعافي القوي في الاقتصاد غير النفطي في العراق" ونحن نرى نموا صحيا للاقتصاد وهذا الانتعاش مرحب به من قبل الجميع. وفي هذه الأيام نرى توقيع مشاريع ضخمة في عدة قطاعات لزيادة الإيراد وتوجيهه نحو المشاريع غير النفطية، إذ وقعت الحكومة عقودا لبناء مصفى الفاو بطاقة 300 ألف برميل يوميا وبكلفة 7 مليار دولار ، وبناء مجمع البتروكيماويات بطاقة 3 مليون طن سنويا وبكلفة 12 مليار دولار وبناء محطة كهرباء بطاقة 2000 ميغا واط. هذه المشاريع كفيلة بان ترفع إنتاج العراق للمشتقات النفطية والبتروكيمياوية وتجعل من العراق دولة مصدرة لهذه المواد عندما كانت تستورد المشتقات النفطية بقيمة أكثر من أربعة مليار دولار سنويا. وهذا بحد ذاته توفير كبير للمال العام وبالإمكان استخدام هذه الوفرة لبناء المدارس والمستشفيات. وبكل تأكيد ستزداد فرص الاستثمار وتتسارع وتيرتها. وسنرى توقيع عقود مماثلة في الأشهر القادمة وستصل قيمة المشاريع لأكثر من 400 مليار دولار في السنوات الخمس القادمة.

باعتبار الفساد آفة تقضي على المنافسة الحرة وعلى فرص الاستثمار أيضا .. إلى أين وصلت جهود العراق في مكافحته؟
منذ تشكيلها، تضع الحكومة العراقية محاربة الفساد على رأس أولوياتها، وبالفعل تم العمل على مكافحة هذه الآفة والتي تعتبرها الحكومة العراقية بأنها أخطر من الإرهاب. والاحصائيات التي تصدر من هيئة النزاهة كفيلة بتوضيح حجم ومدى الحملة التي تشنها الجهات الرقابية في هذا المضمار.
وخلال فترة تقل عن سنتين، ألقت الشرطة العراقية القبض على عدد كبير من المتهمين، فضلا عن إصدار أوامر بإلقاء القبض على الوزراء والمسؤولين بمن فيهم عدد كبير من وكلاء الوزراء والمدراء العامين. وبفضل الجهود وإعلاء القانون والمصلحة العامة تمكنت الحكومة من القضاء على عادات عدة كانت طبيعية في الماضي القريب.

ما هي خطط العراق لمواجهة تغير المناخ وما ينجم عنه من تصحر وكيف تعتزم حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مواجهته؟
لدى الحكومة خطوات واضحة المعالم فيما يتعلق بمعالجة التحديات المناخية وقد نظمت وزارة البيئة منتدى البيئة في البصرة ولديها خطة لتنظيم مؤتمر إقليمي في الأسابيع القادمة، كما اطلقت عدد من المبادرات لمعالجة الاثار البيئية. وتعمل الحكومة على تشجيع وسائل الري الجديدة في الزراعة لمواجهة شح المياه وقد وقعت مذكرة تفاهم مهمة مع تركيا في هذا الصدد لتصبح مشكلة المياه والتوزيع من الماضي. كما أن الاستثمار في معالجة حرق الغاز المصاحب في الجنوب ستساهم في تقليل التأثير السلبي على المناخ وتحويل الغاز إلى مصدر لانتاج الكهرباء وبذلك سيوفر العراق مليارات الدولارات في المستقبل القريب.

بات العراق رابع الدول الأكثر نموا في المنطقة كلها .. هل تقرأ استقرارا في الوضع السياسي في العراق مستقبلا حتى تتمكن الحكومة من البناء على ما أنجزته منذ أواخر عام 2022؟
تعتبر فترة هذه الحكومة الأكثر استقرارا منذ عام 2003 ونرى أن هذا الاستقرار الأمني والسياسي سوف يستمر للأعوام المقبلة بعد أن يرى المواطن النتائج الإيجابية من جراء هذا الاستقرار. لقد سئم الناس الحروب والعراق عاش أربعة عقود منها وذاق الامرين، لقد حان الوقت لأن يرتاح المواطن العراقي ويهنأ بما يوفره هذا البلد من ثروات تكفي للجميع وللأجيال القادمة. وتعد الاستمرارية في تنفيذ البرنامج الحكومي هي الأساس في استمرار الاستقرار وتعمل الحكومة وعلى رأسها رئيس مجلس الوزراء بتنفيذ هذا البرنامج بكل بنوده وهذا يتناسب مع تطلعات المواطنين والنخب من المجتمع العراقي.