في خطوة مفاجئة وغير مسبوقة منذ أربع سنوات، أعلن البنك المركزي الأمريكي عن خفض أسعار الفائدة بنسبة 0.5%، بهدف كبح التضخم المتزايد والتصدي للمخاوف الاقتصادية المتنامية بشأن الركود. هذا القرار يحمل تأثيرات كبيرة على المقترضين والمستثمرين على حد سواء، وقد يعيد تشكيل المشهد الاقتصادي الأمريكي والعالمي.


قرّر البنك المركزي الأمريكي خفض أسعار الفائدة بنسبة 0.5 في المئة - نصف نقطة – في خطوة هي الأولى منذ أربع سنوات.

ويأتي قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي، في إطار خطة لمكافحة التضخم وبعد توقعات بشأن ركود اقتصادي في الولايات المتحدة.

ووصف جيروم باول، رئيس البنك المركزي، هذه الخطوة بأنها "قوية" لكنها ضرورية مع بطئ ارتفاع الأسعار ونمو مخاوف سوق العمل.

وواجه المقترضون الأمريكيون أكثر أسعار الفائدة ارتفاعاً، منذ أكثر من عقدين من الزمان.

وفاقت نسبة خفض أسعار الفائدة يوم الأربعاء، توقعات العديد من المحللين.

وأشارت توقعات البنك المركزي إلى أن الأسعار قد تنخفض بمقدار نصف نقطة مئوية، مرة أخرى بحلول نهاية العام.

وقال باول إنّ الإجراء يهدف إلى التأكد من أن تكاليف الاقتراض المرتفعة، الموضوعة لمكافحة التضخم، لن تؤدي إلى الإضرار بالاقتصاد الأمريكي.

وأضاف: "سوق العمل في مكان قوي – نريد أن نبقيه هناك. هذا ما نفعله".

ماذا يعني خفض المركزي الأمريكي أسعار الفائدة وما هو تأثيره؟

يحدّد سعر الإقراض الرئيسي الذي يفرضه الاحتياطي الفيدرالي – أي ما يفرضه على البنوك للاقتراض - قاعدة أساسية لما تفرضه الشركات على الأشخاص في الولايات المتحدة مقابل القروض، مثل الرهن العقاري أو الديون الأخرى.

واستمر هذا المعدل بالدوران حول 5.3 في المئة لأكثر من عام، منذ القفز من الصفر تقريباً في بداية عام 2022. وهو في أعلى مستوى منذ عام 2001.

سيصحب هذا الخفض بعض الراحة لدى المقترضين، على الرغم من توقعات بأن تخفض كذلك بعض المصارف الأسعار التي تقدمها للمدخرين.

رئيس المصرف المركزي الأمريكي جيروم باول
Reuters
رئيس البنك الفيدرالي جيروم باول يقول إن هذه الخطوة كانت "ضرورية"

ومن المتوقع أن تؤثر هذه الخطوة على أسعار الرهن العقاري وبطاقات الائتمان والادخار لملايين المواطنين الأمريكيين، لكنها ستطال آخرين أيضاً من مختلف أنحاء العالم.

فغالباً ما تربط المصارف المركزية التي ترتبط عملاتها بالدولار، قراراتها بأسعار الفائدة التي يقررها الاحتياطي الفيدرالي، مثل هونغ كونغ والعديد من دول الخليج. لذلك سوف يرى المقترضون في تلك البلدان أيضاً تأثيراً.

وبالنسبة للعديد من الأشخاص خارج الولايات المتحدة من المستثمرين في سوق الأسهم الأميركية، فمن المرجّح أن يكون خفض أسعار الفائدة خبراً جيداً.

وتساهم أسعار الفائدة المنخفضة في تعزيز أسعار الأسهم، لأنّ ذلك يعني أنّ الشركات يمكنها اقتراض الديون مقابل أموال أقل، وإعادة استثمارها لجعل الأعمال أكثر ربحاً.

ولأنّ أسعار الفائدة المنخفضة تعني أنّ حسابات التوفير وبعض أنواع الاستثمارات الأخرى أصبحت أقلّ جاذبية، لذلك يميل المستثمرون إلى نقل أموالهم نحو نشاطات أخرى مثل الأسهم.

كيف تفاعلت المصارف المركزية العربية؟

سارعت المصارف في دول الخليج إلى اتخاذ إجراءات مماثلة عقب إعلان البنك المركزي الأمريكي عن خفض سعر الفائدة.

ونقلت قناة العربية عن البنك المركزي السعودي قراره خفض معدل اتفاقية إعادة الشراء (الريبو) 50 نقطة أساس إلى 5.50 في المئة، وخفض معدل اتفاقية إعادة الشراء المعاكس (الريبو العكسي) 50 نقطة أساس إلى 5 في المئة.

وقررت المصارف المركزية في كلّ من قطر والإمارات والبحرين، خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس – نصف نقطة.

بينما أعلن المصرف المركزي الكويتي خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس – ربع نقطة.

ونقل موقع "المملكة" الإخباري عن اتجاه البنك المركزي في الأردن نحو خفض أسعار الفائدة 50 نقطة أساس أيضاً، وذلك عقب قرار البنك الفيدرالي الأمريكي.

وفي مصر، أعلن البنك المركزي عن تثبيت سعر الفائدة الأساسية، دون إجراء أي تغيير ربطاً بقرار الفيدرالي الأمريكي.

و اتخذت لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي المصري قراراً مماثلاً في يوليو/تموز من هذا العام.

وربطت حينها القرار بتقريرها السنوي الذي كشف عن تباطؤ وتيرة معدل التضخم السنوي في مصر، وسط توقعات اللجنة بانخفاض هذه الوتيرة عام 2025.