إيلاف من لندن: من مشاهد طوابير العمال في مصانع الصين قبل عقدين، إلى صورة بلا عامل واحد في منشأة لإنتاج السيارات الكهربائية قرب شنغهاي، يرسم المصور الكندي إدوارد بورتينسكي بخطوط بصرية حادة قصة التحول العميق الذي يشهده الاقتصاد الصيني، وامتداداته نحو القارة الأفريقية.

في مكالمة عبر تطبيق "زووم"، وصف بورتينسكي مصنع شركة "BYD" بأنه "بني بأيدٍ بشرية وتديره الروبوتات". هذا التحول لا يعكس فقط تطورًا تقنيًا، بل يشير إلى بنية جديدة للعمل، تخلو من العنصر البشري إلا لصيانة الآلات.

تتفرد "BYD"، التي تجاوزت في 2024 منافستها الأميركية "تسلا" من حيث عدد المركبات المُسلمة، بمزاوجة بين الأسعار المتدنية والأتمتة الكاملة. فسيارتها "Seagull" تُباع في السوق الصينية مقابل نحو 10 آلاف دولار، وهو جزء من تكلفة أرخص طراز لـ"تسلا".

حصل بورتينسكي على إذن نادر لدخول المصنع في مدينة تشانغتشو بفضل علاقته بالمهندس المعماري البريطاني نورمان فوستر. ووصف بورتينسكي المشهد داخل المنشأة بـ"الكاتدرائية"، مع خط إنتاج تتحرك عليه المركبات بصمت شبه مقدس.

العمل البشري لم يختفِ، بل غادر حدود الصين. ففي سلسلته "الصين في أفريقيا"، يوثق بورتينسكي منشآت تملكها شركات صينية في إثيوبيا، ويقارن بين نظافة مصانع السيارات الجديدة والبيئات الإنتاجية التقليدية في القارة الأفريقية. ويقول إن هذه المقارنة تكشف "مرحلة جديدة من العولمة"، حيث تملك الصين سلاسل التوريد من المناجم حتى الأسواق.

صور بورتينسكي التي كثيرًا ما التقطها من الجو، لا تهدف إلى إدانة أو تمجيد، بل إلى عرض الواقع بتجريد بصري يضع المُشاهد أمام سؤال أخلاقي بلا إجابة جاهزة. ويكمن التناقض الأكبر في أن الأتمتة التي تُنتج مركبات نظيفة، قد ترمز في الوقت نفسه إلى تعقيد جديد في العلاقة بين البشر والتقنية.