بيروت من جورج جحا: يطرح الباحث اللبناني زكريا اوزون على القارىء عامة وعلى فئات اسلامية اصولية في شكل خاص.. اسئلة ربما كانت تثير كثيرا من التضارب في الاراء لكن القارىء قد يشعر لاهمية تلك الاسئلة في حياة مجتمعاتنا بأنها بحاجة الى توضيح والى ان تطرح بموضوعية ووضوح وبضرورة عدم اغفالها. الكتاب الذي صدر عن دار quot;رياض الريس للكتب والنشرquot; جاء في 158 صفحة متوسطة القطع وبغلاف من تصميم محمد حمادة.
اعطى زكريا اوزون كتابه عنوانا هو quot;الاسلام..هل هو الحل؟quot; وقد توصل الى نتائج تصب في المبدأ الذي يقول انه لا الاسلام ولا المسيحية ولا اليهودية ولا اي دين اخر يقدم حلولا تفي بحاجات مجتمعات عالمنا الحديث. وقد تكون اهميه ما طرحه اوزون كامنة في سعيه الى رفض ما اصبح اقرب الى مسلمات عند قسم من المتدينين. يخلص زكريا اوزون في كتابه الى نتيجة تبدو واضحة للقارىء خلال متابعته فصول الكتاب وهي انه quot;لا مكان للدين في سياسة البلاد والمواطنة كما رأينا في بحوث كتابنا هذا..quot; ورأى ان الحل هو في العلمانية التي لا تعني الالحاد وهو كذلك في الديمقراطية. وأورد ما يفهمه بالديمقراطية قائلا انها quot;تعني امرين اساسيين.. حرية الرأي والتعبير.. وتداول السلطة السياسية سلميا.quot;
ولعل في ايراد عناوين من quot;المحتوياتquot; في الكتاب ما يلقي ضوءا على خط البحث الذي سلكه المؤلف. العنوان الرئيسي الاول هو quot;الاسلام والقضايا الفكريةquot; ونقرأ تحت هذا عناوين فرعية هي.. quot;الاسلام وحرية الاعتقاد والاختيارquot; وquot;الاسلام وحريةالتعبير والنقدquot; وquot;الاسلام والعلم والعلماءquot;. اما العنوان الكبير الثاني فهو quot;الاسلام والقضايا السياسيةquot; وتحته وردت عناوين هي.. quot;الاسلام ونظام الحكمquot; وquot;الاسلام والمواطنة والدولةquot; وquot;الاسلام والمعارضةquot;.
العنوان الرئيسي الثالث هو quot;الاسلام والقضايا المعيشيةquot; وتحته ما يلي.. quot;الاسلام والامور الاجتماعيةquot; وquot;الاسلام والامور الاقتصاديةquot; وquot;الاسلام والاعلامquot;.
المحصلة النهائية العامة لبحث الكاتب في كل ذلك ان الاسلام لا يشكل حلا لما اورده من مشكلات معاصرة. وقد خالف عدة امور بينها مثلا القول باعتماد مبدأ الشورى في الاسلام.
رجع اوزون في بحثه الى 53 مصدرا ومرجعا على رأسها القران وفيها اعمال متنوعة لاسماء كبيرة عديدة منها البخاري ومسلم والامام مالك وابن حنبل وابن اسحاق والحلبي والواحدي والزمخشري والطبري والبيضاوي وكثير غير ذلك. واعتمد على عدد كبير من الايات القرانية والاحاديث النبوية وناقش كثيرا من الاحداث التاريخية.
جاء في تقديم الكتاب quot;كثرت في الاونة الاخيرة الشعارات السياسية التي اتخذت من الاسلام غطاء ومظهرا لها. واستفادت عناصر وهيئات واحزاب تلك الشعارات من الفساد الاخلاقي والاداري والمالي السائد في معظم انظمة الحكم العربية والاسلامية القائمة من جهة ومن براءة عامة المسلمين وشفافيتهم وتمسكهم بدينهم الحنيف من جهة اخرى. وعلى الرغم من تأكيد تلك الاحزاب والهيئات على قوتها وقدرتها على بناء المستقبل الواعد والمأمول لتلك الامة فان المعطيات التاريخية والواقع الاليم على الارض لا يشيران الى ذلك ابدا.quot;
وتحدث مثلا عن اتجاهات محافظة قديمة منذ زمن مذهب الاشعرية ولاتزال ذات اعتبار الان وهي تلخص في ان الاعتقاد المثالي الصحيح quot;هو الذي يقود الى اعلان المرء اسلامه والتسليم لاطروحاته وتصبح مهمة الفكر الراقي ايجاد التبريرات والادلة المؤيدة لذلك الاعتقاد... اخيرا فان حرية الاعتقاد والاختيار تصبح معدومة عندما يعتنق المرء الاسلام ويقرر لامر ما التراجع عنه...quot;
ومن الخلاصات التي يوردها المؤلف قوله quot;اخيرا فان آيات الذكر الحكيم أوحاها الله الى رسوله الكريم في زمان ومكان محددين لاصلاح امور الناس آنذاك فتفاعلت مع واقعهم ومستواهم المعرفي وفهمهم وبيئتهم واساليب معيشتهم وقدمت لهم حلولا تنسجم مع ذلك. واما القول بان الذكر الحكيم كتاب صالح لكل زمان ومكان فان ذلك يمثل رأيا انسانيا لا تدعمه آيات القرآن الكريم ذاته اوحتى ما سمي بالاحاديث النبوية بالاضافة الى انه يتعارض مع الدعوة والاصرار على فهم الكتاب حسب فهم السلف الصالح له وهو امر يسىء الى معطيات الكتاب ذاتها والى مكانته وهالته المقدسة كما ان الذكر الحكيم ليس كتاب علوم او قانون او علم اجتماع حسب زعم بعضهم.. فاذا كان كذلك فاين تلك العلوم والمعارف فيه..quot;
لعل من ابرز ما ميز كتاب اوزون انه يثير اسئلة بقدر أو أكثر مما يقدمه من أجوبة.